السباعي: لا ضرورة لوجود قضاة التحقيق بالمحاكم الابتدائية

المحامي بهيأة الرباط قال لـ "الصباح " إن هناك قضاة تحقيق يعتمدون على محاضر الضابطة القضائية اعتبر طارق السباعي، محام ورئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، إنه لا ضرورة للإبقاء على قاضي التحقيق بالمحاكم الابتدائية، لسبب بسيط وهو اعتمادهم فقط على محاضر الشرطة التي لها القوة الثبوتية، وأضاف السباعي أن هناك دولا لا تأخذ بنظام قاضي التحقيق كالولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا، حيث تسند مهام التحقيق فيهما إلى الشرطة القضائية تحت إشراف المدعى العام ... هل يساهم قضاة التحقيق في الوصول إلى الحقيقة؟من الناحية التاريخية يرجع ظهور نظام قاضي التحقيق لأول مرة في فرنسا إلى القرن السادس عشر بموجب إعلان فرانسوا الأول في 14 يناير 1522 .وفي المغرب أحدثت مؤسسة قاضي التحقيق بمقتضى المادة 52 من قانون المسطرة الجنائية الجديد. وهم يختارون في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية، ويعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم الاستئناف من بين مستشاريها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وتحال عليهم القضايا التي تحتاج الى المزيد من تعميق البحث للوصول إلى الحقيقة .ولهذا فمؤسسة قاضي التحقيق من المكتسبات بالنظر لما توفره من ضمانات قانونية للمتهم والمجتمع على حد سواء، مما يعين على الوصول إلى الحقيقة في مجال لا يخلو من التعقيد، وهو المجال الجنائي الذي يهيمن عليه مبدأ حرية الإثبات والقناعة الوجدانية للقاضي الجنائي.لكن تداخل اختصاصات وزير العدل كأحد أعضاء السلطة التنفيذية في الوضعية الفردية للقضاة، وفي كل من يسبح في المحيط القضائي من موظفين أعوان ومفتشين وبنايات وموارد مختلفة وغيرها، فإن قاضي التحقيق معين من الناحية الواقعية من طرف وزير العدل، ولذلك فالحراك السياسي على حق حينما يطالب بإيجاد حل ليصبح للقضاء سلطة مستقلة استقلالا مطلقا عن السلطة التنفيذية، كما هو الشأن بالنسبة إلى السلطة التشريعية. وهذا الحل لن يتأت إلا بالإرادة السياسية المغربية التي بإمكانها أن تكون السباقة في خلق جهاز مستقل يطلق عليه إسم «المجلس الأعلى للقضاء» ليكون هو الجهة التي تعين قضاة التحقيق، وتكون له ميزانية خاصة ومستقلة وتجمع فيه جميع الموارد البشرية ( والمادية ) التي تعمل في حقل القضاء. هل يتمتع قاضي التحقيق بالاستقلالية اللازمة؟قاضي التحقيق يشعر دائما بشعور التبعية لوزارة العدل، ويصعب عليه أن يحس بالتجرد نحوها، رغم أن الدستور يضمن استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فأغلب القضاة ينتظرون في غالب الأحيان أن يرن جرس الهاتف في هذا الملف أو ذاك، والمحامون يعانون في عملهم من قضاة تنقصهم الجرأة، وتنقصهم الشجاعة لرد التدخلات والتوصيات، إذ يشعر الدفاع وفي كثير من الأحيان أنه واقف أمام موظف عاد تابع لوزارة العدل لا أمام قاض مستقل.إضافة إلى ذلك فقاضي التحقيق ينتظر تنقيطه من طرف رئيس المحكمة لتحسين وضعيته المادية، بينما المفروض أن يكون جميع القضاة على قدم المساواة بعيدين عن الحاجة كما هو الشأن تقريبا بالنسبة إلى القضاء البريطاني، فالتنقيط من قبل رئيس المحكمة يجعل القاضي تابعا لرئيس المحكمة يوجهه كيفما شاء ويعطيه التعليمات التي يشاء ويفقده استقلاله وتجرده وحياده، والنصوص القانونية المتفرقة تفتح ثغرات واسعة تمكن السلطة التنفيذية على الخصوص من المساس باستقلال القضاء، كما أن مساطر الامتياز القضائي والحصانات المعلنة والخفية تعترض حرية القاضي ومصادرتها، وبالتالي تعتبر من موانع الوصول للحقيقة بل الإفلات من العقاب . فوزير العدل، يمكنه وبدون استشارة المجلس الأعلى للقضاء توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه، ويمكن أن يشمل التوقيف عدم صرف الراتب طيلة مدة التوقيف، ونتيجة لهذه الوضعية هل سيساهم قضاة التحقيق في الوصول إلى الحقيقة في القضايا المعروضة عليهم خاصة إذا كانت تتعلق بالحقوق والحريات السياسية والنقابية ؟ينص الفصل 13 من النظام الأساسي للقضاة على ما يلي :»يحافظ القضاة في جميع الأحوال على صفات الوقار والكرامة التي تتطلبها مهامهم». كما يفترض في القاضي صفات أخرى متعددة نقتصر منها على الإشارة إلى صفات أساسية وهي الحياد والنزاهة وحسن الخلق والاجتهاد .كيف يفسر تبرئة العديد من المتهمين بعد أن يكون قاضي التحقيق قد وجه لهم تهما خطيرة؟يعرض المتهمون على أنظار قاضي التحقيق فله أن يصدر قرارا بعدم المؤاخذة أو يتابعهم ويحيلهم على المحكمة في حالة اعتقال او سراح حسب الأحوال. ويعتمد قضاة التحقيق على قرينة البراءة، وهي من المستجدات التي جاء بها القانون رقم 01 - 22 المتعلق بالمسطرة الجنائية (ظهير 3 أكتوبر 2002) الذي اهتم، كما جاء في ديباجته، بإبراز المبادئ والأحكام الأساسية في مجال حقوق الإنسان وتوفير ظروف المحاكمة العادلة، بهدف تحقيق هذه المبادئ السامية والمحافظة عليها باعتبارها من الثوابت في نظام العدالة الجنائية المعاصرة.وان قاضي التحقيق الذي يعتمد بالاساس على ما جاء بمحاضر الضابطة القضائية يتابع المتهم وفق تلك المحاضر والتي غالبا ما تكون مبنية على تحريف الوقائع وتلفيق التهم ، ولذلك حينما تتوفر شروط المحاكمة العادلة تنجلي البراءة ، لأن الاحكام تنبني على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين .فجون فيتزجيرالد كينيدي رئيس الولايات المتحدة الخامس والثلاثون المغتال من طرف هارفي اوسولد ، تقدم نحو القاضي المكلف بالقضية أحد المهووسين بالشهرة وقال للقاضي أنا قاتل كينيدي فأجابه القاضي لا تقل لي أنا القاتل بل قل لي كيف قتلت . وهاهي الثغرات القانونية تسقط قانون الكسب غير المشروع بحكم لمحكمة النقض فى أبريل 2004، والذى أقر ببطلان المادة الثانية - العمود الفقرى للقانون - وعدم دستوريتها، وذلك لهدمها قرينة البراءة ونقلها عبء دليل الإثبات من النيابة العامة إلى المتهم، مما يعد مخالفة صريحة للدستور.وقديما قيل تبرئة مائة مجرم خير من ادانة بريء واحد - في بعض القضايا الكبرى خاصة قضايا الإرهاب والمخدرات. هل ترى ضرورة لوجود قضاة التحقيق اليوم، خاصة في المحاكم الابتدائية؟لا أرى ضرورة للابقاء على قاضي التحقيق بالمحاكم الابتدائية لسبب بسيط وهو اعتمادهم فقط على محاضر الشرطة التي لها القوة الثبوتية ، ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، وبالتالي فعمل قاضي التحقيق يصبح تكرارا لما قامت به الشرطة القضائية وقلما تضاف دلائل جديدة ، أما بالنسبة إلى الجنايات فالمحاضر لا تكتسي القوة الثبوتية لأنها محاضر للاستئناس ويمكن للقاضي أن يقوم بكل الأبحاث والمعاينات وله أن يقوم بالانتدابات القضائية لسبر أغوار الحقيقة، وله أن يستدعي كل من له علاقة بالتحقيق في القضية .والجدير بالتذكير فان هناك دولا لا تأخذ بنظام قاضي التحقيق كالولايات المتحدة الامريكية وانجلترا حيث تسند مهام التحقيق فيهما الى الشرطة القضائية تحت اشراف المدعى العام وكذلك الأمر بالنسبة إلى دول الخليج، فيما أن بعض الدول كمصر والبرتغال فقد أسندت مهام التحقيق إلى النيابة العامة بدرجة أولى أو إلى قاضي التحقيق في حالات خاصة. أما بعض البلدان الأخرى التي أخذت في بادئ الأمر بنظام قاضي التحقيق كألمانيا وإيطاليا فإنها تخلت عنه تباعا سنة 1975 بالنسبة إلى ألمانيا ثم ايطاليا سنة 1990 وأسندت التحقيق إلى النيابة العامة.يلاحظ أن قاضي التحقيق يعتمد على محاضر الفرقة الوطنية، هل هذه ظاهرة صحية؟طيلة خمسة عقود والحكومات المتعاقبة ترمي إلى إعطاء خروقاتها في مجال الاختطاف والاحتجاز شرعيتها، وتوسيع السياسة العقابية وهي سياسة، مناقضة لالتزامات المغرب بقانون حقوق الإنسان وروح الديمقراطية كما تعرفها البلدان الديمقراطية، فقانون الإرهاب مس مسا خطيرا بحرية الفرد في الحياة ولم نكن بحاجة الى هذا القانون المشؤوم فهو كسابقه ظهير 1935 المعروف بظهير «كل ما من شأنه» يجب إلغاؤه لأن مبرراته لا وجود لها، وأن المغرب مستقر ولا يعرف الإرهاب باتفاق العديد من المحامين والهيآت الحقوقية، وقد ثبت أن ملفات السلفية الجهادية» و»الخلايا النائمة» هي ملفات فارغة .المشكل ليس في وجود قاضي للتحقيق أو عدمه، المشكل الأساس هو وجود قضاة للتحقيق يعتمدون على محاضر الفرقة الوطنية، وشخصيا عرفت قاضيين للتحقيق يعتمدان بشكل كبير على هذه، وكأنها الوحي المنزل ويخرقان حقوق الدفاع بعدم تمكين المحامين من محاضر موكليهم .الأول استغرق ملف سوق الجملة للخضر والفواكه عنده مدة سبع سنوات، وملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ثماني سنوات رغم أنه لا تحال عليه القضايا الجديدة منذ أربع سنوات ولم ينه التحقيقات في الملفات المعروضة عليه وتقدر بثمان ملفات، ومنها ملف المتابعين في ملف مكتب التكوين المهني حول الصفقات المشبوهة والتي تقدر بالملايير، إذ تعود أطوار القضية إلى أواخر سنة 2005، على إثر شكايتين تقدمت بهما كل من كتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالدار البيضاء، حول تورط خمسة مديرين مركزيين وجهويين، في إنجاز مجموعة من الصفقات المشبوهة وصرف مبالغ مالية لفائدة شركات تعود ملكيتها إلى مقربين.والقاضي الثاني معروف بمسكه لقضايا الإرهاب، فقد خلق أزمة بينه وبين دفاع المعتقلين السياسيين الستة المتابعين في قضية ما كان يسمى بقضية بليرج، إلى درجة أنه عندما صرح له المعتقل مراسل قناة المناراللبنانية بأنه يشترط للجواب عن التهم المنسوبة إليه تمكين دفاعه من المحاضر كتب بالمحضر أقوالا مغايرة لما صرح به السيد السريتي، ولذلك وصفه المعتقلون الستة في بيان لهم منشور يوم 11 يوليوز 2008 بأنه من قضاة ماضي الانتهاكات القضائية . أجرى الحوار: الصديق بوكزول

السباعي: لا ضرورة لوجود قضاة التحقيق بالمحاكم الابتدائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفاصيل محنة الوداد بالكونغو

بعض عيوب قضاء التحقيق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات