بصمة القاعدة في تفجير مراكش تستنفر الأجهزة

القضية طرحت على سبيل الافتراض وعززتها شهادات مصابين وتقارير المحققين تردد وزير الداخلية، الطيب الشرقاوي، كثيرا قبل أن يعلن أن التفجير الذي استهدف أحد المقاهي المزدحمة بساحة جامع الفنا بمدينة مراكش يوم الخميس الماضي «ناجم عن عمل إرهابي تابع لتنظيم القاعدة نفذ بواسطة مادة متفجرة». وقال الوزير «الطريقة المستخدمة في عملية التفجير تذكرنا بأسلوب يستخدم عادة من قبل تنظيم القاعدة»، مضيفا أن «هذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن هناك إمكانية لمزيد من المخاطر القادمة».بصمات القاعدة تجلت في أن التحريات الأولية حول الاعتداء الذي استهدف مقهى «أركانة» بينت أن عملية التفجير تمت عن بعد، وأن الأمر لا يتعلق بعملية انتحارية، وإنما بدس عبوة ناسفة بين صفوف زبائن المقهى.واعتبر وزير الداخلية، خلال اجتماع بالبرلمان، أن «الأمر لا يتعلق بعمل انتحاري، ويبدو أن عملية التفجير قد تمت عن بعد»، مشيرا إلى أن الجميع يعرف الجهة التي تستخدم هذا الأسلوب في التفجير، في إشارة إلى تنظيم القاعدة. وزاد الوزير موضحا أن عملية التفجير تمت باستعمال مادة متفجرة تتكون من مادة نيترات الألمنيوم ومتفجرين من نوع (تي.أ.تي.بي) مع إضافة مسامير حديدية للمادة المستعملة. الحادث الإرهابي الأخير، الذي تشير جميع المعطيات المتوفرة إلى أنه من تخطيط تنظيم القاعدة، يدخل بالبلاد في مرحلة جديدة من مواجهة الحرب على الإرهاب، فلم يسبق أن كشفت الأبحاث في التفجيرات الإرهابية التي شهدها المغرب أن الإرهابيين المغاربة استفادوا من أي دعم خارجي، إذ أكد عبد الحق باسو، المدير السابق لمديرية الاستعلامات العامة بالإدارة العامة للأمن الوطني، في اجتماع عقده قبل سنتين مع أكثر من مائة ضابط فرنسي، ينتمون إلى أجهزة أمنية مختلفة، أن التنظيمات الإرهابية في المغرب لم تستفد من أي دعم خارجي، باستثناء شبكة عبد القادر بليرج ومن معه. وأشار المسؤول الأمني السابق إلى أن جميع العمليات التفجيرية والانتحارية التي نفذت بالمغرب، اعتمدت على تمويل ذاتي، أما التمويل من الخارج فلم تتوصل التحقيقات الأمنية إلى ما يثبته.وكشفت الأبحاث الأولية التي باشرتها الأجهزة الأمنية وجود بصمات لتنظيم القاعدة في الحدث الدموي، إذ أن القضية طرحت على سبيل الاحتمال والافتراض لدى كبار المحققين، الذين ينتمون إلى أجهزة مختلفة، لكن مجموعة من الشهادات، التي أدلى بها عدد من ضحايا التفجير الإرهابي في مراكش، وصور تم التقاطها من طرف الشرطة العلمية والتقنية، كشفت تورط تنظيم الإرهاب العالمي.وقد اتضح جليا، بما لا يدع مجالا للجدل، بعد الحدث الإجرامي الذي شهدته ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش، أن الأجهزة الأمنية بالبلاد ما تزال في حاجة إلى المزيد من اليقظة والتعبئة، خصوصا بعدما تبين أن التفجير الأخير من فعل خفافيش ظلام، من خلال تحليل المعطيات الأولية المتوصل إليها من أبحاث الشرطة القضائية والعلمية والمستقاة من مكان الانفجار.المغاربة قالوا كلمتهم تجاه من يهدد أمنهم واستقرارهم، ويرسم صورة قاتمة عنهم في المحافل الدولية، وهو ما جاء في بلاغي الديوان الملكي ووزارة الداخلية، التي أصدرت تعليمات إلى الأجهزة التابعة لها من أجل فتح تحقيق قضائي لتحديد أسباب وملابسات هذا الانفجار الإجرامي، مع التعجيل «بإخبار الرأي العام بنتائج هذا البحث بما يقتضيه الأمر من شفافية، وكشف للحقيقة ومن التزام بسيادة القانون، وحفظ للطمأنينة ولأمن الأشخاص والممتلكات، في ظل سلطة القضاء».الحدث الإرهابي الأخير كشف عن مدى خطورة التنظيمات الإرهابية في المغرب، كما أزاح التأويلات التي كان يقدمها بعض العدميين، من أن «لا إرهاب في المغرب»، ممن يشككون في صحة المعلومات التي تقدمها الأجهزة الأمنية حول أنشطة الشبكات الإرهابية.وقد تمكنت الأجهزة الأمنية في المغرب، في السنوات الأخيرة، من كشف حالات متعددة لجرائم إرهاب كانت ستحول البلاد إلى حمام دم، والوصول إلى مرتكبيها في أوقات زمنية قياسية، قبل تقديمهم إلى العدالة. إلى ذلك، أخذ الاستنفار الأمني في أعقاب تفجير ساحة جامع الفنا وجها آخر، إذ يعتمد على العمل المكثف للاستخبارات وأقسام الاستعلامات والشؤون الداخلية، التابعة لعمالات وولايات المدن الكبرى، حيث يتم تبادل المعلومات لاتخاذ القرارات المناسبة، خصوصا أن الحدث الإجرامي الأخير خلف قناعة لدى كبار المسؤولين في البلاد، مفادها أن جميع الدول التي انخرطت في الحرب على الإرهاب، من بينها المغرب، مهددة باعتداءات في أي لحظة، ما يفرض على الأجهزة الأمنية توخي جميع سبل الصرامة والحذر لتجنيب البلاد شر مآس أخرى.كما شكلت وزارة الداخلية خلايا لمراقبة الوضع، وتتبع الحالة الأمنية عن كثب، تتكون من مسؤولين في أعلى هرم السلطة والأجهزة الأمنية، من بينها مكتب الأنتربول بالرباط، الذي ينشط وينسق مع جميع مسؤولي الأجهزة الأمنية في إطار البحث في ملابسات تفجير مراكش، وذلك من أجل جمع المعلومات حول الأشخاص المشتبه في انتمائهم إلى خلايا إرهابية، والتحري في تحركات ولقاءات وأنشطة بعض المفرج عنهم من المعتقلين السابقين في إطار قانون مكافحة الإرهاب. محمد البودالي

بصمة القاعدة في تفجير مراكش تستنفر الأجهزة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

من الحزام الناسف بالبيضاء إلى التحكم عن بعد بمراكش

التفجير عن بعد استغلال المتكرر للأجساد البشرية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات