التفجير عن بعد أخطر العمليات الإرهابية

اعتمد في تفجيرات مدريد ومراكش والأمن المغربي تلقى تدريبات لمكافحة تفخيخ السيارات والتفجير المتحكم فيه كشفت دراسات أمنية أن الأساليب الإجرامية المعتمدة من طرف التنظيمات الإرهابية تختلف باختلاف مرجعية وإيديولوجية وأهداف التنظيم الإرهابي، إذ لا يوجد أسلوب معياري واحد يصلح لكل العمليات ولسائر التنظيمات الإرهابية.وحسب مصدر أمني، فإن هناك العمليات الانتحارية التي تجند أشخاصا منذورين للموت، يتم شحنهم بمكرمات غيبية حول الشهيد وجزائه الأخروي، فيبادر إلى تفجير نفسه ومن معه من الضحايا الأبرياء، واهما ومتوهما أن جزاءه في الدار الآخرة هو الشفاعة لسبعين من رهطه والزواج بسبعين من الحور العين. وهناك أيضا أسلوب السيارات المفخخة، الذي يتقاطع فيه الإرهاب بسرقة السيارات، إذ يتم السطو على سيارات من داخل الدولة أو من دول أجنبية ويتم شحنها بالمتفجرات ومداهمة مقرات أو أماكن لها رمزيتها في الدولة مثلما حدث في الجزائر عندما تم تخريب مقر الحكومة، أو في العراق كما حدث في عملية مهاجمة مقر الأمم المتحدة أو كما يحدث يوميا في هذا البلد.ووفق المصدر نفسه، فإن هناك أيضا الإرهاب المعلوماتي أو الإرهاب "السيبراني"، الذي يعتمد فيه التنظيم على اختراق مواقع معلوماتية على شبكة الأنترنيت، وتخريب نظمها، بهدف تنفيذ عمليات تخريبية، كما وقع في الولايات المتحدة الأمريكية عندما تم إتلاف منظومة التحكم في سد نهري مما كاد يتسبب في كارثة بيئية وإنسانية بسبب الفيضان المحتمل على قاطني منطقة آهلة بالسكان.ولعل الطريقة التي استخدمت في تفجير مطعم "أركانة" بساحة جامع الفنا بمدينة مراكش، أثارت كثيرا من التساؤلات هو من درب مدبري العملية على تقنية التفجير عن بعد التي تقوم على زرع مواد ناسفة أو أجسام متفجرة في مكان محدد، وتكون هذه المواد موصولة أو مبرمجة على اتصال هاتفي، إذ بمجرد ربط الاتصال يتم إحداث الانفجار.ولعل هذه الأساليب، حسب دراسات أمنية، يتميز بعضها عن بعض في مجموعة من العناصر، فالإرهاب الانتحاري سمة من سمات تنظيم القاعدة، وهو أسلوب يقوم على مرجعية دينية متطرفة، تجعل الشخص المرشح لتنفيذ العملية ينسلخ من واقعه ويدخل في عالم الغيبيات، إذ يتم تصويره على أنه شهيد حتى وإن كان فعله الأصلي هو انتحار محرم شرعا. لكن هذا الأسلوب، يبقى الأكثر شيوعا في الواقع العملي، إذ سبق اعتماده في أحداث 16 ماي الإرهابية و11 شتنبر، وفي كثير من العمليات الإرهابية بالعراق ومصر... وهو الأسهل، إن صح هذا التعبير، من الناحية الأمنية، على اعتبار أن وجود جثة شخص انتحاري، تسمح بتشخيص هويته والبحث في محيطه الاجتماعي وفي طبيعة مخالطاته وانتماءاته العقدية مما يوجه البحث والتحقيق في اتجاه كشف التنظيم وإيقاف أعضائه.وبخصوص أسلوب السيارات المفخخة، فيمكن رصده في مجموعة من العمليات الإرهابية السابقة، خاصة في الهجوم على مقر رئاسة الحكومة الجزائرية واستهداف مقر بعثة الأمم المتحدة بالعراق... وقد ظهر هذا الأسلوب في البداية مع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، خاصة بعدما توافدت على العراق مجموعة من المرشحين لقتال قوات التحالف الدولي من عدة بلدان بما فيها البلدان المغاربية. في تلك الفترة كان هؤلاء المرشحون غير ملمين بفنون القتال، فضلا عن نقص الأسلحة الكلاسيكية لدى قيادة التنظيم، وهو ما جعلها تفرض على كل راغب في القتال (الجهاد) نذر نفسه للموت مقابل الدعوة، وذلك عن طريق سياقة سيارة مفخخة واستهداف أماكن محددة ذات رمزية سياسية أو أمنية معينة.ولعل هذا ما دفع خلايا تجنيد واستقطاب المرشحين المغاربة للجهاد بالعراق (خلية الدنكير وخلية تطوان) إلى ارتكاب جرائم سرقة سيارات وتمرين المرشحين على سياقتها في مسالك وعرة تمهيدا للمشاركة في العمليات التخريبية بواسطة السيارات المفخخة بالعراق الذي كان يسهر على التخطيط لها مواطن مغربي بالعراق يدعى "محسن خيبر".وتفيد الدراسات الأمنية المغربية أن هذا الأسلوب، بدوره، وحسب مصادر أمنية، يضع أمام المحققين مجموعة من الفرضيات التي تسمح لهم بكشف ملابسات العمل الإرهابي، إذ يمكن تشخيص جثة مستعمل السيارة المفخخة وتوجيه البحث انطلاقا من هذا المعطى، أو يتم تحديد مصدر السيارة وطريقة تهريبها واستغلال ذلك في مجريات التحقيق.وفي مقابل ذلك، هناك تقنية التفجير المتحكم فيه أو التفجير عن بعد، وهي الطريقة التي استعملت في أحداث مدريد 2004 وفي حادث مراكش الإرهابي. وتعتمد هذه التقنية على مكالمة هاتفية بسيطة من جهاز هاتف محمول أو ثابت (مع ترشيح الفرضية الأولى) صوب جهاز هاتف محمول يكون متصلا بعبوة ناسفة موضوعة في المكان المستهدف، وهي المكالمة التي تشكل زر الضغط على الجسم المتفجر مما يتسبب في الانفجار وتنفيذ العملية الإرهابية.وتتميز هذه التقنية، حسب مصدر أمني، بتعقدها وخطورتها، على اعتبار أنها قد لا تحتاج إلى فريق متكامل من الانتحاريين، إذ يكفي وجود شخص يضع الجسم المتفجر بالمكان المحدد، وشخص يقوم بإجراء المكالمة الهاتفية، والتي يمكن أن يقوم بها الأول بنفسه، بالإضافة إلى الشخص أو الأشخاص المكلفين بصنع العبوات الناسفة.وتجعل هذه الخاصية مهمة كشف التنظيم صعبة من الناحية الأمنية من منطلق أن مسارات البحث تكون قليلة جدا، كما أن الاختراق الأمني يصعب بحكم احتكاك العناصر بعضهم ببعض. وحسب الدراسات الأمنية نفسها، فإن انتفاء وجود جثة انتحاري بين جثث الضحايا يزيد صعوبة البحث، ويدفع المحققين إلى توسيع دائرة التحريات خارج مسرح الجريمة، إذ يتم التحري وقتها عن رصد مصدر المكالمة المحدثة للانفجار، وعلاقتها بالعبوة المتفجرة، مع ما يعني ذلك من أعباء إضافية على فريق التحقيق، خصوصا إذا علمنا أن ملايين المكالمات تجرى في اليوم الواحد. رضوان حفياني (موفد الصباح إلى مراكش)

التفجير عن بعد أخطر العمليات الإرهابية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صُدمنا في هذه اللحظة التاريخية...

المغرب في قلب اهتمام القاعدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات