حداد: الهيمنة الحزبية خطر على البلاد

القيادي الحركي دافع عن شروط التحالف مع "بيجيدي" وتطبيع الحياة السياسية لتحصين الانتقال الديمقراطي قال لحسن حداد، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، إن الانتقال الديمقراطي في مغرب اليوم، يجب أن يراعي التوازنات السياسية الموجودة والممكنة، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الانتقال يقوم على سلطة انتخابية مصدرها صناديق الاقتراع، كما يستند إلى قوى فاعلة في الحقل السياسي لها شرعية سابقة على شرعية الانتخابات نفسها.وانتقد حداد، في حوار خص به "الصباح"، منطق الهيمنة التي تروج لها الخطابات الحزبية، مشيرا إلى ضرورة الانتقال إلى حالة من التطبيع السياسي، الذي ينهي صراع الوجود ويفتح النقاش حول صراع الأفكار والبرامج والتصورات، محذرا من خطر منطق الهيمنة على تقويض التوازنات المتفق عليها لتحقيق الانتقال الديمقراطي.وحول الجدل بشأن تنزيل الدستور، قال الوزير لحسن حداد إن الدساتير أفق تطمح إليه الشعوب، وبذلك فإن التفكير لا يجب أن ينصب على تنزيل النصوص وإنما على استبطان روح الدستور، تفكيرا وممارسة، وهذا الأمر يتطلب زمنا طويلا، كما وقع في تجارب دستورية مقارنة، من أجل الوصول إلى بناء مجتمع الحداثة والديمقراطية.في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: إحسان الحافظي - تصوير: (أحمد جرفي) < يعود النقاش حول تجديد النخب داخل الأحزاب تزامنا مع الانتخابات، كيف تقرؤون الجدل؟< تشير الأبحاث السوسيولوجية اليوم إلى أن المجتمع المغربي يعيش تحولات كبيرة، تهم صعود فئة الشباب في الهرم السكاني، ما يفيد انبعاث أدوار جديدة لهذه الفئة سيكون لها انعكاس على السياسة، بطريقة محتشمة مرحليا. ضمن هذه التحولات وما يرافقها من تغيرات سلوكية تظهر إلى الوجود أشكال جديدة من التعبيرات، في المواقف والأفكار والممارسات، يثار خلالها النقاش حول تجديد النخب لتشكيل جيل جديد من الفاعلين داخل الأحزاب السياسية، ولكن دون السقوط في نزعة شبابوية تفيد أن كل من هو شاب يملك الحقيقة ودونه باطل. بل إن تجديد النخب يعني أن المجتمع فيه قاعدة هرمية شابة وجب أن تكون ممثلة، بأفكارها ومرجعياتها مع ضمان الاستمرارية بين الأجيال، والاستفادة من من تجارب الأجيال الحالية.< إلى أي حد ساهمت لائحة الشباب في تكريس فكرة تجديد النخب الحزبية؟< في تقديري، لم تعط اللائحة الوطنية للشباب نتائج كبيرة على هذا المستوى، ففي كثير من الأحيان تحولت هذه اللوائح إلى ممرات للريع وتكريس ولاءات عمودية داخل التنظيمات الحزبية بين الزعيم والشبيبة، وهنا تكمن المفارقة التي تحدثنا عنها سلفا، إذ وقع نوع من التماهي بين جيلين لا يعكس طموح فئة الشباب في التعبير وطرح أفكارها المختلفة تماما عن أفكار جيل الزعامات داخل الأحزب. وبالتالي عوض أن تكون لوائح الشباب ممثلة لطموح هذه الفئة أصبحت انعكاسا لمواقف وسياسات جيل آخر داخل الأحزاب، بسبب منطق الولاء والقرابة التي تحكمت في ترشيحات اللوائح الوطنية بالنسبة لبعض الأحزاب.من هذا المنظور، يجب التفكير في تغيير تجربة اللائحة الوطنية للشباب لإيجاد السبل الكفيلة بتحقيق مشاركة ناجعة، تساهم في خلق نخب جديدة بأفكار مختلفة عن الجيل الحالي داخل الأحزاب، بعيدا عن الزبونية والمحسوبية ومنطق الريع.< قلتم إن شروط التحالف مع "بيجيدي" قائمة، هل هو إعلان تحالف قبْلي؟ < قليلة هي الأحزاب التي ستسير في مسألة التحالفات القبلية واللوائح المشتركة، بالنظر إلى أن الدستور حسم مسألة رئاسة الحكومة لفائدة الحزب الذي يحل أول في نتائج الانتخابات. وفي الوقت نفسه، بالنسبة إلينا داخل الأغلبية فإننا أنجزنا مجموعة من الإصلاحات، والشروط التي شاركنا بموجبها في التحالف الحكومي ما تزال قائمة، وإذا استمرت لا أرى مانعا في الاستمرار داخل التحالف الحكومي الحالي بغض النظر عن الحزب الذي سيفوز في الانتخابات من داخل مكونات الأغلبية الحالية.شروط التحالف مع حزب العدالة والتنمية ما تزال نفسها، وإذا استمرت كذلك فإن أغلبية بهذا المنطق ستكون تمديدا للعمل الإصلاحي الذي انطلق بعد انتخابات 2011. في الوقت نفسه، أعتقد شخصيا أنه لا بد من العبور إلى مرحلة التطبيع مع الفرقاء السياسيين، فالعدالة والتنمية حزب موجود ومتجذر في المجتمع، والأصالة والمعاصرة حزب قائم بذاته، وبالتالي وجب القطع مع التنافس الإقصائي بين الفرقاء ومحاولة هندسة الحقل السياسي بعيدا عن صوت الشعب المعبر عنه عبر صناديق الاقتراع وبعيدا عن منطق التوافقات الضروري لهذه المرحلة الانتقالية ، والمرور إلى صراع الأفكار والسياسات والبرامج. يجب أن نبتعد عن منطق امتلاك الحقيقة حول من يمثل ومن هو الأحسن للمغرب. < يعيش الحقل الحزبي حالة صراع بين حزبين من أجل الهيمنة، كيف تقرؤون هذا التحول؟< في وضعية الانتقال الديمقراطي الذي نعيشه يعي الفاعلون السياسيون، من مختلف مواقعهم، أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار التوازنات الموجودة والممكنة، ولهذا سميت المرحلة الحالية انتقالا ديمقراطيا لأن سلطة صناديق الاقتراع موجودة بقوة الدستور، ولكن عملية تنظيم سلطة القرار السياسي تستجيب إلى معرفة دقيقة بجميع القوى الفاعلة في الحقل السياسي، سواء كانت منتخبة أو غير منتخبة، وقوى لها شرعية تاريخية وسياسية سابقة عن شرعية الانتخابات نفسها. هذه المسألة كل الفرقاء يفهمونها ويجب أن يكون الأمر كذلك من أجل إنجاح التجربة والانتقال الديمقراطي. الانتخابات ليست أفقا الانتقال الديمقراطي يقتضي ألا يكون أي حزب كما كان نوعه مهيمنا على الساحة السياسية، لأن الهيمنة فيها تقويض للتوازنات المتفق عليها بشكل ضمني. فالانتقال الديمقراطي في بلادنا، يفرض تجاوز منطق الهيمنة لأن ذلك ليس في مصلحة البلاد، والمغرب منذ وضعه اللبنات الأولى للفعل الحزبي بموجب أول دستور للمملكة، سار في اتجاه خلق تعددية حزبية قائمة على تنافس انتخابي حر، وقطع منذ اللحظة التأسيسية الأولى للحياة السياسية مع خيار هيمنة الحزب الواحد، علما أن الأفق السياسي للأحزاب لا يقف عند الانتخابات، بل يفترض إنجاز مهام التأطير والتكوين للمواطنين، وهي وظائف باتت ملحة ومستعجلة في ظل التحديات التي يواجهها مجتمع نصفه من الشباب. النص الدستوري متقدم عن الحياة السياسية < يؤاخذ على الحكومة تماطلها في تنزيل الدستور، ما تقييمكم للأداء الحكومي في هذا المجال؟< حصل تقدم في تنزيل الدستور، وهذا أمر واضح وتؤكده نسبة النصوص والقوانين التنظيمية المنجزة خلال الولاية الحكومية الحالية. لكن ما أريد إثارته هنا هو أن روح الدستور التي انعكست في الوثيقة الدستورية بمنطق ما كنا نفكر فيه قبل 2011، تجعل من النص اليوم متقدما بشكل كبير عن الحياة السياسية التي نعيشها، إلى درجة أنها لا تبدو في بعض الأحيان قادرة على استيعابه ولا يمكن لا للساحة السياسية ولا للجسم الاجتماعي المغربي التفاعل معه إلا على المدى البعيد.الدساتير دائما أفق تطمح إليه الشعوب، في الولايات المتحدة حينما جاء أول دستور كان المجتمع زراعيا غير متعلم بشكل كاف، ولكن وُضع له دستور مستمد من فلسفة عصر الأنوار، وقد تطلب الأمر سنوات طويلة من أجل استبطان روح الدستور، تفكيرا وممارسة. هذا ما يجب التفكير فيه في بلادنا. نحن نقوم فعليا بتنزيل الدستور لكن التنزيل الفعلي لروح الوثيقة ولأفق ما تسمو لتحقيقه سيتطلب منا وقتا. لا يجب الاستعجال في التعاطي مع التنزيل الدستوري بمنطق السقف الزمني، أي أن النصوص وجب أن تكون جاهزة خلال الولاية الحكومية، وكفى، بل أن يجب أن نحقق الغاية من النصوص وهي بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي. الموقف من العتبة أن تكون العتبة الانتخابية 6 في المائة أو 3 في المائة في احتساب الأصوات على المستوي المحلي، فإن ذلك لن يغير من شيء في نتائج الانتخابات المحلية، خذ الدائرة الانتخابية لإقليم خريبكة على سبيل المثال، خصصت لها ستة مقاعد في مجلس النواب برسم انتخابات 25 نونبر والفائزون حصلوا على 15 أو20 في المائة أو ربما أكثر من ذلك، ليس هناك من يفوز بحصوله على العتبة، الفرق الوحيد هو أن إمكانية الحصول على المقعد الثاني والثالث تصبح ضئيلة، على اعتبار أن القاسم الانتخابي المعتمد يصبح كبيرا، لذلك أقول بأن العتبة لا معنى لها محليا، نحن نقول باعتماد العتبة على المستوى الوطني، والحزب الذي فشل مثلا في تجاوز عتبة 3 في المائة لن يسمح له بالتمثيلية في البرلمان. الـدائـرة الانتخـابيـة إذا ترشحت للانتخابات المقبلة فلن أغير الدائرة الانتخابية، التي أوصلتني إلى الوزارة، وهي دائرة خريبكة أبي الجعد، التي أحظى بشرف تمثيلها بمجلس النواب ثم في الحكومة. هناك اليوم، سيل الأصوات تطالبني بتمثيل المنطقة في البرلمان المقبل، سواء من خريبكة أو أبي الجعد أو وادي زم، منهم فلاحون وشباب ومثقفون. صحيح أن الوزارة لم تمنعني عن زيارة دورية إلى الدائرة الانتخابية، بحضور المناسبات والمواسم وأحيانا حتى أسواق المنطقة، كما لم أتخل عن دعم مطالب السكان لدى القطاعات الوزارية الأخرى كما كان الحال بالنسبة إلى الاستجابة لحاجيات أكثر من 90 دوارا في خريبكة للربط بالشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى العمل مع عدد من الجماعات القروية في ورش تزويد القرى بالماء الصالح الشرب، ورغم أن ذلك بعيد عن اختصاصات الوزارة التي أحمل حقيبتها كنت أتابع عن كثب عمليات إصلاح ومد طرق قروية جديدة في الدوائر الثلاث المذكورة. في سطور - وزير السياحة- عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية- برلماني عن دائرة خريبكة أبي الجعد- من مواليد أبي الجعد سنة 1960- أستاذ جامعي بجامعات المغرب وأمريكا- خبير دولي في التدبير لدى مؤسسات دولية كبرى

حداد: الهيمنة الحزبية خطر على البلاد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

5 فرق تغادر القسم الثاني هواة

"فورد" تختبر نظاما للقيادة الذاتية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات