المضايقات في العمل… تهمة جاهزة

تستغل في نزاعات الشغل وشركات ألغت توظيف النساء درءا للشبهات لا يستقيم الحديث عن التحرش في فضاءات العمل، دون التطرق إلى صورة المدير والسكرتيرة النمطية، التي رسختها أشرطة السينما والتلفزيون في الذاكرة الجماعية على مدى عقود، يتعلق الأمر بمظهر تحرش تهيمن عليه جدلية السلطة والإخضاع، فالطرف الأول يستغل موقعه في السلم الإداري، من أجل إجبار الطرف الثاني على تلبية رغباته، وهو ما يمثل ظرف تشديد في تشريعات العمل الدولية، في حال بلوغ مرحلة النزاع القانوني، خصوصا قانون العمل الأمريكي، الذي يرى أن ضحية التحرش بالعمل، في الوضعية المذكورة، فاقدا لأي إرادة أو قدرة على الاختيار أو المقاومة، والأمر نفسه بالنسبة إلى التشريع المغربي، ذلك أن الملفات المعروضة على قضاء الشغل حاليا، تظهر تنامي اتهامات التحرش في نزاعات الشغل، التي تواجه في أغلب الحالات مشكل صعوبة الإثبات.وشهدت الفترة الأخيرة، انتشارا للفضائح المرتبطة بالتحرش الجنسي بين موظفي الإدارة الخاصة والمؤسسات العمومية، يتعلق الأمر بحالات تحرش بلغت وسائل الإعلام، كان آخرها فضيحة وزارة الشباب والرياضة، التي تلقى وزيرها شكايات بالتحرش ضد مسؤول في الوزارة من ثلاث موظفات، عبر رسائل نصية قصيرة تتضمن عبارات غزل من قبيل "جوتيم" و"جوتادور"، والأمر نفسه بالنسبة إلى أحد البنوك الكبرى في البيضاء، بعد تسجيل شكاية بالتحرش من قبل مدير للموارد البشرية بإحدى الموظفات، وهي الحالات التي تحفل بها رفوف غرفة نزاعات الشغل بالمحكمة الابتدائية الاجتماعية بالبيضاء.وبهذا الخصوص، يتحدث خالد بنحليمة، الخبير في تدبير الموارد البشرية، وصاحب شركة للوساطة في الشغل، بأن التحرش أصبح تهمة جاهزة لصالح المرأة، ويتعين على الرجل الموظف أو المسؤول الدفاع عن نفسه، وتكبد مشاق وصعوبات إثبات العكس، الأمر الذي دفع عددا من المقاولات اليوم، خصوصا صغيرة الحجم، والتي لا يرتبط نشاطها بتوقيت محدد، إلى تجنب تشغيل العنصر النسوي، بذريعة أن عمل الموظفات مع زملائهن الرجال حتى ساعات متأخرة من الليل، يشكل بيئة خصبة لنمو الإشاعة، وفرصة سانحة للتأويل وتوجيه الاتهامات بالتحرش، موضحا أن التحرش في بيئة العمل لا يرتبط بالصورة الكلاسيكية، التي تظهر الرجل جانيا والمرأة ضحية، والأمر نفسه بالنسبة إلى الموقع في السلم الإداري، ذلك أن عددا من حالات التحرش كان وراءها نساء، وفي أحيان عدة مرؤوسات.وتظل وسائل الإثبات محدودة، حين يتعلق الأمر بتوثيق حالات التحرش، إذ يوضح الخبير في الموارد البشرية، أن عددا مهما من اتهامات التحرش في منازعات الشغل، لا تكون بالضرورة صحيحة، ذلك أن بعض الموظفات يلجأن إلى هذه الحيلة، من أجل مواجهة حالات الطرد، خصوصا تلك المرتبطة بالخطأ الجسيم، التي يسقط معها الحق في التعويض، وكذا لأغراض تصفية الحسابات داخل المقاولات والمؤسسات، في الوقت الذي أصبحت مديريات الموارد البشرية، تبحث خلال لقاءات التوظيف الثنائية، في صحيفة السوابق المهنية الخاصة بطالب العمل، خصوصا حول التورط في منازعات متعلقة بالتحرش.بدر الدين عتيقي

المضايقات في العمل… تهمة جاهزة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

متحرشون يبحثون عن "المعقول"

قانون التحرش ... وداعا الغزل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات