كيف تقرأ الحملة المسعورة التي تخوضها بوليساريو والجزائر من أجل فرض توقيت زيارة الأمين العام الأممي للمنطقة خارج الاتفاق مع عواصم المنطقة؟ الأكيد أن الجزائر ومن ورائها بوليساريو واعية اليوم بأنها فقدت الكثير من المواقع، وافتضحت العديد من المغالطات التي ظلت تروج لها بخصوص نزاع الصحراء، خاصة مع الصحوة الديبلوماسية المغربية، وهناك اليوم شعور بالتراجع الكبير للأطروحة الانفصالية في أكثر من عاصمة ودولة.وتسعى بوليساريو منذ مؤتمرها الأخير إلى محاولة استعادة الأنفاس، والنفخ من جديد في مشروعها الوهمي، من خلال حملات مكثفة تسعى إلى فرض المشروع الانفصالي في الأجندة الدولية، سواء في أوربا أو أمريكا أو في أفريقيا.وقد وظفت الجزائر كل الوسائل والعلاقات من أجل فرض زيارة بان كي مون إلى المنطقة، قبل أبريل المقبل، في محاولة لتوظيفها كانتصار سياسي، بعد العديد من الانتكاسات الديبلوماسية والسياسية التي مني بها مشروعها الانفصالي، وتغذية الوهم الكبير الذي سجنت فيه نفسها منذ سنوات. فشل روس في تقديم مقترحات جدية تساهم في الدفع بالتسوية السياسية إلى الأمام. هل تظن أن الأمين العام يحمل اليوم في آخر سنة من ولايته، مقترحات جديدة تتجاوب مع المقترح المغربي، الذي أعلن الملك ألا تنازل بعده؟ أعتقد أن ما ميز كريستوفر روس، هو استمراره في الدوران في حلقة مفرغة، إذ لم ينجح في كل جولاته وزياراته، إلا في تكرار نفسه، ولم يكن الوسيط الذي تفترضه المرحلة ولا طبيعة الملف، وبالتالي، فشل في تقديم أي جديد للموضوع. واعتبر أن زيارة بان كي مون المقبلة، تأتي في آخر ولايته على رأس الأمم المتحدة، وهي في رأيي، ذات دلالة رمزية، أكثر منها زيارة تحمل حلولا سحرية، وسيحاول من خلالها التعبير عن النوايا في وصول أطراف النزاع إلى تسوية عاجلة، لكن في الواقع، لا أنتظر منها الشيء الكثير. حذر بان كي مون في تصريحات سابقة من المخاطر التي تحدق بالمنطقة، في إشارة إلى تدهور الوضع الأمني بمنطقة الساحل والصحراء، وتنامي نشاط الجماعات الإرهابية. كيف تنظر اليوم إلى أفق نزاع الصحراء في ظل هذه المخاطر؟ تصريح الأمين العام تحصيل حاصل، وهناك تقارير أمنية واستخباراتية، وهناك واقع يفيد بتفاقم أوضاع الساحل والصحراء، وانفلات أمني في ليبيا، ونشاط للتنظيمات الإرهابية، إلى جانب ضعف قدرات عدد من البلدان في المنطقة في مواجهة هذه المخاطر، كل هذا يتطلب من المنتظم الدولي، والأمين العام الأممي، مواقف أكثر جدية لدفع الجزائر إلى الخروج من موقف الغموض، ودعوتها إلى إيقاف العبث الاستراتيجي، الذي وضعت نفسها فيه من خلال خلق كيان مصطنع، في مخيمات تحت حصار ومراقبة الجيش الجزائري.لقد آن الأوان ليرفع المنتظم الدولي كلمة "كفى" في وجه حكام الجزائر، إذا كان فعلا يريد إنهاء نزاع مصطنع استمر لأزيد من 40 سنة، أما كلمات بان كي مون، فلن تجدي شيئا.أجرى الحوار: برحو بوزياني (*) مدير المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية