الهراويين… “جنة” المجرمين

قلة العناصر الأمنية والأحياء العشوائية وارتفاع عدد السكان جعل المنطقة مرتعا لكل أنواع الجرائم إنجاز: مصطفى لطفي تشكل منطقة الهراويين، نقطة سوداء للمصالح الأمنية، إذ تشهد ارتفاعا في نسبة الجريمة، على رأسها السرقة والاتجار في المخدرات. تتداخل عوامل كثيرة كي تصنف الهراويين ضمن البؤر السوداء بالبيضاء، فعدد سكانها تجاوز 50 ألف نسمة، وغالبيتهم يقطنون في منازل عشوائية شيدت بالليل خلسة، مع غياب مراكز للشرطة، اللهم مقرا للدرك عدد عناصره لا يتجاوز عدد أصابع اليد، ما يجعل مهمة أفراده مستحيلة لمحاربة الجريمة في هذه المساحة السكانية الشاسعة. هذه العوامل شكلت إكراهات وصعوبات للشرطة والدرك الملكي لمحاربة الجريمة، إذ رغم الحملات الأمنية المتواصلة، إلا أنها مثل من يصب الماء على الرمل، وذلك بسبب قلة الموارد البشرية، والهندسة العشوائية التي وجدت عليها أحياء المنطقة، ما يمكن الجانحين من الفرار من يد الشرطة والدرك.خلال زيارة لهذه المنطقة، تكشف مدى التهميش التي يعانيه سكانها. بنايات عشوائية يتعايش فيها الإنسان مع الدواب، ومجاري واد الحار تتدفق بين أزقتها، وانتشار الأزبال هنا وهناك، إضافة إلى مظاهر الفقر التي يتجسد في مظهر سكانها وأطفالهم. كل هذه العوامل، حولت المنطقة إلى مرتع للجريمة وتساعد على انتشارها، كما تحدث عن ذلك علماء الإجرام. وما يزكي صحة نظريتهم، عدد الجرائم المثيرة التي شهدتها في مناسبات سابقة. ممنوعة على الغرباء يصعب على غريب أن يتجول وحيدا بأحياء الهراويين، فغياب إنارة كافية، تجعل المرء مهددا في أي لحظة باعتراض السبيل والسرقة تحت التهديد بالسلاح الأبيض. كل الظروف تحرض على ارتكاب الجريمة، أبرزها غياب الإنارة والتهميش والفقر وانعدام برامج تنموية لسكان وشباب المنطقة. إلى جانب الظلمة، يشكل غياب دوريات أمنية يومية بالمنطقة، سواء من قبل الشرطة أو الدرك، حافزا للجانحين لتوسيع نشاطهم الإجرامي ، فبحكم شساعة المنطقة، والتي تنقسم إلى دواوير عديدة، منها دوار بوسلهام ودوار ولاد العربي ودوار أولاد زهرة ودوار الحاج صالح ودوار المديوني 1 و2 ودوار أولاد غانم، يصعب الأمر على المصالح الأمنية ضبط الأمن فيها، والنتيجة تفريخ عصابات منظمة متخصصة في السرقة. عصابات الطريق السيار بحكم قرب المنطقة من الطريق السيار، كان طبيعيا أن يدفع مستعملوه ثمن تنامي الجريمة بالمنطقة، إذ ما زال الجميع يتذكر معاناة مستعمليه مع أفراد عصابة يتحدر أفرادها من دواوير قريبة، بعد أن تعرضوا للعنـــف بأسلحـــــــــــة بيضـــاء وسرقــــــة ممتلكاتهم. راهن المتهمون على حيلة ذكية، إذ كانوا يعرضون منتوجات في الطريق السيار مثل البيض والدجاج، لإغراء الضحايا بالتوقف واقتنائها، وبمجرد توقفهم، يجدون أنفسهم محاصرين من قبل أفراد العصابة، ويسلبونه ما يملكون.تقاطرت شكايات الضحايا على مصالح الدرك الملكي، لتستنفر عناصرها لإيقاف المتهمين. ساهم هاتف محمول سرق من مهاجر في تفكيك العصابة، بعد أن ضبط لدى سائق شاحنة بالصويرة بعد تعقبه عبر تقنية «جي بي إس». أوقف السائق من قبل درك الصويرة، وسلم إلى درك الهراوييين. وأثناء الاستماع إليه، اعترف أنه اقتناه من محل مخصص لبيع الهواتف المحمولة بـ»قيسارية الحياني» بحي الفلاح. استمع المحققون لصاحب المحل، فأكدهم لهم أنه اقتناه من شاب أحضره حارس لـ»القيسارية» بعد ان أوهمه أنه قريبه، ما شجعه على اقتنائه. أوقف الحارس من قبل الدرك وكانت المفاجأة أن الشاب لا تربطه أي علاقة به، بل وعده بـ200 درهم في حال ساعده على بيع الهاتف، دون أن يدري أنه موضوع سرقة.تربصت عناصر الدرك مصحوبة بالحارس لمدة أسبوع بـ»القيسارية» لإيقاف الشاب، إلى أن تم ضبطه يتجول داخلها، فدل على باقي أفراد العصابة الذين سقطوا اتباعا. شكل تفكيك العصابة ضربة موجعة للجانحين من المنطقة، الذين تأكدوا أن استهداف الطريق السيار، مغامرة تكلفهم السجن سنوات طويلة، ليبقى الرهان على اعتراض المارة. إمبراطورية الممنوعات إلى جانب السرقات الموصوفة، تشهد المنطقة انتشار مروجي المخدرات والأقراص المهلوسة، ما جعلها قبلة للمدمنين عليها من مختلف الأحياء والمناطق البيضاوية.انتشار هذه الآفة، لا تكشف، حسب مصادر «الصباح» تهاون الجانب الأمني في محاربتها، لكن صعوبة تغطية هذه المنطقة أمنيا لعدم كفاية العناصر البشرية، وأيضا استغلال المروجين لتنــــــــــــــــازع الاختصاص بين الأمن والدرك الملكين، صعب عملية المطاردة والإيقاف.رغم هـــــــــذه الإكراهات، نجحت مصالح الأمن في اعتقال العديد من مروجي المخدرات، صحيح أن هذه العمليات لم تمر سالمة على العناصر الأمنية، الذين غالبا ما يواجهون من قبل مساعدي المروجين، سواء بأسلحة بيضاء، أو الحجارة، بل وصل الأمر إلى إطلاق كلاب شرسة، نجحت عناصر الشرطة في شل حركتها بعد جهد كبير.كما ساهم الشكل العشوائي للأحياء والمنازل، في تسهيل فرار المروجين عبر أسطحها، وهو ما يستدعي وضع خطة أمنية شاملة وتوفير تعزيزات بشرية للقضاء على هذه الظاهرة بشكل نهائي. جرائم القتل خلال شهرين فقط، شهدت المنطقة جريمتي قتل، لأسباب تافهــــــــة، الأولـــــى تتعلق بخـــلاف بين الجيران، تطور إلــــــــى عراك، قبل أن يعمد شخص وابنه القاصر إلى الاعتداء على جار لهما، وتوجيه طعنات خطيرة له تسببت في وفاته في الحين. اختفى الأب وابنه القاصر عن الأنظار، لكن حنكة العناصر الأمنية نجحت في تحديد مكان اختفائهما واعتقالهما. بعد أيام، ستهتز المنطقة على جريمة قتل، بطلها تاجر مخدرات في حق شاب، بعد أن توترت علاقتهما لأسباب تافهة، رجحتها مصادر إلى تمسك الضحية بالحصول مجانا على قطع من المخدرات والأقراص المهلوسة مجانا، ما جعل المروج يعاجله بطعنة عجلت برحيله عن الدنيا. اختفى المروج بعد علمه بمصرع غريمه لحظة وصوله إلى المستشفى، وبعد يومين من الاختفاء، سلم نفسه للشرطة.

الهراويين… “جنة” المجرمين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

20 سنة لسارقي سائقي "الطاكسيات"

محاكمة رجل أمن بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات