القضاء في خدمة المواطن

إيجاد حل واقعي لمشكلة تنفيذ الأحكام وتكريس الثقة لدى المواطن لا تخرج آمال وانتظارات المواطنين في 2018 عن الترجمة الفعلية للشعار "القضاء في خدمة المواطن"، الذي تؤثث به جل المحاكم، ويغيب عن التطبيق الفعلي على أرض الواقع، فبين طول المساطر وتعثرها ومعضلة التنفيذ تتبخر جل الأحلام في تحقيق العدالة. "العدالة البطيئة ظلم"، يعاني منه المواطن بشكل مستمر، جعلته يفقد ثقته في العدالة بصفة عامة والمؤسسة القضائية بصفة خاصة، ويعتبر أن دار لقمان ستبقى على حالها. هذه النظرة السوداوية لواقع العدالة في المغرب ترجمها حتى رئيس الحكومة عندما تحدث عن إشكالية تنفيذ الأحكام معتبرا أن الأمر يثير مجموعة من الإشكاليات التي ترتبط بعضها بغياب إطار قانوني متكامل، يأخذ بعين الاعتبار خصوصية التنفيذ في مواجهة الإدارة، وعمد لأجل إيجاد حل لها إحداث لجنة وزارية يرأسها شخصيا أو السلطة الحكومية المنتدبة من قبله لهذه الغاية، تتولى معالجة تلك القضايا. ولا تقل مشكلة تنفيذ الأحكام عن معضلة التبليغ والتنفيذ والتي تكون سببا مباشرا في تعثر المساطر القضائية. فالمواطن المغربي يأمل في عدالة تضع ضمن أولوياتها خدمة الصالح العام وتحقيق العدل والأمن والمساواة بين أفراد المجتمع، وتنبني على خدمة المتقاضين وتضع ضمن أولوياتها، القرب من المتقاضين وتحسين الخدمات المقدمة لهم من طرق الاستقبال ولغة التواصل، وبساطة مساطرها حتى يخفف العبء على المتقاضين الذين يقضون في قضايا معينة سنوات، قبل أن يحصلوا على حكم نهائي في قضايا قد تتوارثها الأجيال. وتأتي بعد ذلك نزاهة الأحكام التي لن تتأتى إلا بقضاة يقدرون جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، مجردين من أي تدخل كيفما كان ويحتكمون في أحكامهم إلى سلطة الضمير، في تحقيق العدل ونصرة المظلوم دون خوف، وهو الضمير الذي تحدث عنه الخطاب الملكي لعيد العرش لـ 2013، و"أكد أن المفتاح الحقيقي لإصلاح منظومة العدالة، هو الضمير المسؤول، على اعتبار أن أي إصلاح مهما بلغ من الأهمية وتعبئة للنصوص التنظيمية والآليات الفعالة "فسيظل الضمير المسؤول للفاعلين فيه هو المحك الحقيقي لإصلاحه، بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته". كريمة مصلي تكريس الثقة لدى المتقاضي إن انتظارات المواطنين بصفة عامة والقضاة بصفة خاصة من السلطة القضائية في2018، بعد مرحلة التأسيس، التي تعتبر محطة محورية تقتضي توفير كل الشروط المادية والبشرية لإنجاحها حتى يمكن لهذه السلطة أن تؤدي مهامها الدستورية والقانونية والحقوقية الواجبة، متعددة ومتنوعة. وفي هذا السياق لابد أن نسجل أنه رغم بروز بعض المؤشرات التي لا تعمل على إنضاج هذه التجربة، إلا أنه يبدو جليا أن القائمين على هذه المؤسسة الدستورية يبذلون جهودا كبرى لتكون في مستوى انتظارات القضاة والمتقاضين وكافة الفاعلين في أسرة العدالة. ومن هذا المنطلق، فإننا نتطلع إلى توفير هذا المجلس لكافة الضمانات من أجل ممارسة مهنية سليمة وفق معايير الشفافية والموضوعية والإنصاف، وأن يتم الذود عن استقلال المؤسسة القضائية ومواجهة كل التأثيرات المحتملة صونا لكرامة القضاة والمكانة الواجبة لهم، حتى يستطيعوا أداء دورهم ألا وهو ضمان الحقوق والحريات وتكريس الثقة لدى المتقاضين. وهنا لا بد من التأكيد على أن توفير المجلس الأعلى للسلطة القضائية للظروف الملائمة للعمل القضائي بتنسيق مع السلطة التنفيذية سيؤدي بكل تأكيد إلى ضمانات محاكمة عدالة للمتقاضي، وفعالية أكثر على مستوى التبليغ والتنفيذ وممارسة أخلاقية لكافة مهنيي العدالة. الجميع الآن ينتظر باهتمام كبير نتائج إيجابية على أرض الواقع، ولكن الأكيد أيضا أن الجميع يجب عليه أن يتعبأ إلى جانب هذه المؤسسة الدستورية بعيدا عن أي تحيز فئوي أو نظرة ضيقة، من أجل قضاء منصف وعادل لا سلطان عليه إلا للضمير المسؤول. محمد الخضراوي نائب رئيس الودادية الحسنية للقضاة

القضاء في خدمة المواطن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ترامب يجدد تهديداته للفلسطينيين

الأسود في امتحان روسيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات