Page 9 - عدد السبت الأحد صحيفة الصباح
P. 9

‫‪9 www.assabah.ma‬‬                                                                                                                                                                  ‫السبت ‪ -‬الأحد ‪ ٢٠٢٠/٥/17-١٦‬العدد‪٦٢٢٠ :‬‬                             ‫نحن ورمضان‬

                                                             ‫يوميات هارب‬                                 ‫التاريخ السري للشبيبة الإسلامية‬

          ‫من جحيم الرصاص محجوب‬                                                             ‫النعماني‪ ...‬الحلقة المفقودة‬                                                                                                                                    ‫الحلقة السابعة‬
          ‫بنموسى‬  ‫‪1‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                     ‫يهدف عبد الرحيم مهتاد‪ ،‬أحد‬
‫محجوب بنموسى‪ ،‬مثقف مغربي اختار المنفى الاختياري في هولندا‪ ،‬هربا‬                            ‫لدينا مشكلا حقيقيا بحكم أننا كنا نسارع‬            ‫عبد العزيز النعماني (خاص)‬                            ‫يبقى عبد الـعـزيـز النعماني المـتـورط‬              ‫رموز تنظيم الشبيبة الإسلامية‪ ،‬من‬
‫من جحيم الاعتقالات والملاحقات‪ ،‬التي طالته في منتصف الستينات وبداية‬                         ‫يوميا إلى إحداث تحالفات‪ ،‬من أجل جمع‬               ‫للحصول على الدعم والمال‪ ،‬نجد النعماني‬                ‫فـي اغـتـيـال عـمـر بـنـجـلـون لـغـزا مـثـيـرا في‬  ‫خلال هذه الحلقات‪ ،‬توجيه رسائل إلى‬
‫السبعينات‪ ،‬كاتبا عاما للشبيبة الاتحادية‪ ،‬ومناضلا سياسيا ذا مواقف معارضة‪.‬لكن‬                ‫الدعم والتمويل للنهوض بالتنظيم بأوربا‬             ‫سبقنا إليه‪ ،‬والأمر تكرر مرارا لدى سفارات‬             ‫تاريخ الشبيبة الإسلامية‪ ،‬إذ تم استقطابه‬            ‫الشباب المغربي‪ ،‬مفادها ضرورة التعامل‬
‫مواقفه المعارضة ستقوده إلى السجن إبان فترة محمد أوفقير وإدريس البصري‪،‬‬                      ‫وضمان موارده المالية‪ ،‬وهو ما فشلنا فيه‬            ‫الجزائر وليبيا وإيران‪ ،‬بل كانت علاقته مع‬             ‫شابا إلى صفوف التنظيم‪ ،‬وخضع لتربية‬                 ‫بذكاء وحذر مع رسائل الاستقطاب‬
‫ولم ينج من ملاحقتهما إلا بعد هروبه صوب الجزائر وتونس وليبيا‪ ،‬ومنها إلى‬                     ‫فـي الـبـدايـة بـعـد أن صـار لـلـنـعـمـانـي دعـم‬  ‫حكام إيران جد متميزة وقوية‪ ،‬مقارنة مع‬                ‫خـاصـة كـمـا بـاقـي المنتسبين‪ ،‬لـكـن معرفة‬         ‫من أي تنظيمات سياسية أو دينية أو‬
                                                                                                                                                                                                  ‫الـجـهـات الـتـي كـان ينسق معها والأدوار‬           ‫أجهزة أجنبية‪ ،‬لتفادي المصير الذي‬
             ‫فرنسا‪ ،‬قبل أن يختار هولندا منفى له‪ ،‬وظل يستقر بها إلى الآن‪.‬‬                                                 ‫إيراني‪.‬‬               ‫علاقتهم مع قيادات الشبيبة الإسلامية‪.‬‬               ‫التي لعبها خلال تلك الفترة‪ ،‬ظلت مجهولة‬             ‫عاشه رفقة باقي أعضاء التنظيم‪.‬‬
‫عاد محجوب بنموسى إلى المغرب في بداية الألفية الحالية‪ ،‬بعد مبادرة‬                           ‫وبالعودة إلى مقتل عمر بنجلون‪ ،‬التي‬                                                                     ‫ولا أحد في التنظيم له دراية ولو معلومات‬            ‫يؤمن مهتاد بفكرة أن «اللعب» مع‬
‫الإنصاف والمصالحة‪ ،‬لتتجدد صلته من جديد بزملائه السابقين‪ ،‬ممن اشتغل‬                         ‫تبقى نقطة مفصلية فـي مـسـار الشبيبة‬                ‫قتل في ظروف‬                                                                                            ‫هذه الأجهزة والتنظيمات المتطرفة‪،‬‬
‫وإياهم في المسرح والتلفزيون والسينما‪ .‬ألف بنموسى العديد من النصوص‬                          ‫الإسـامـيـة‪ ،‬أخـرجـت الأحـكـام الـصـادرة في‬         ‫غامضة بفرنسا‬                                                                ‫بسيطة جدا‪.‬‬                ‫يشبه رمي الصياد الطعم في صنارته‬
‫المسرحية والتلفزيونية وشارك في أعمال فنية عديدة سواء في التلفزيون‬                          ‫حق المتابعين في الملف‪ ،‬والتي تراوحت بين‬             ‫ومطيع حمله‬                                         ‫تـروج أخبار أنـه عندما كـان مبحوثا‬                 ‫للسمكة‪ ،‬إذ أنها تتمهل في أكلها‪ ،‬ولما تقع‬
‫أو المسرح أو السينما‪ ،‬كما اشتغل مقدم برامج في قنوات فضائية هولندية‪ .‬في‬                     ‫الإعـدام والمؤبد و‪ 30‬سنة سجنا‪ ،‬التنظيم‬             ‫مسؤولية اغتيال‬                                      ‫عنه بعد اغتيال عمر بنجلون‪ ،‬اختبأ في‬                ‫في الفخ‪ ،‬تكون أمام ثلاثة احتمالات‬
‫السلسلة الحالية يستحضر بنموسى ذكريات مع نضالاته في الستينات والسبعينات‬                                                                                                                            ‫ضيعة الـراحـل عـبـد الـكـريـم الخطيب قبل‬           ‫صادمة‪ ،‬إما أن تؤكل أو يتم الاحتفاظ‬
                                                                                                            ‫من السرية إلى العلن‪.‬‬                 ‫بنجلون‬                                           ‫تهريبه إلى أوربـا‪ ،‬وبعدها أسس تنظيما‬               ‫بها في مجمد لمدة طويلة‪ ،‬أو تستعمل‬
                                ‫والاعتقال والهروب من جميع الملاحقات‪.‬‬                       ‫وضــع مـطـيـع خـطـة مـحـكـمـة ومـاكـرة‬                                                                 ‫جديدا أطلق عليه اسـم "حركة المجاهدين‬               ‫طعما للإيقاع بفرائس أخرى‪.‬‬
                                                                                           ‫لإظـهـار قـوة الـشـبـيـبـة الإسـامـيـة‪ ،‬إذ دعـا‬   ‫نـجـاح النعماني يكشف أن الـدول في‬                    ‫المغاربة" بإيعاز من قيادات إيرانية‪ ،‬وهذا‬           ‫مصطفى لطفي‬
‫عيسى الكامحي‬                                                                               ‫تـيـار المـعـلـمـن والـعـمـال إلــى أداء صـاة‬     ‫عملية الاستقطاب تـراهـن على مـحـدودي‬                 ‫التنظيم الجديد كـان مسؤولا عـن إدخـال‬
                                                                                           ‫الجمعة بمسجد الحبوس بدرب السلطان‪،‬‬                 ‫الفكر لا الـرمـوز السياسية أو الدينية‪ ،‬قد‬            ‫منشورات مناوئة لمؤتمر الدول الإسلامية‪،‬‬                      ‫عبد الرحيم مهتاد‬
  ‫قدت إضرابات في سن مبكرة‬                                                                  ‫ومـن ثـم الاعـتـصـام داخـلـه احتجاجا على‬          ‫تـتـمـرد عـلـيـهـا فـي الـنـهـايـة‪ ،‬وهــو مـا أثـار‬  ‫الــذي انـعـقـد بـالـبـيـضـاء فـي ‪ ،1984‬وهـي‬
                                                                                           ‫الأحكام القاسية‪ ،‬وفي الوقت نفسه حرض‬                                                                    ‫العملية الـتـي شـهـدت اعـتـقـال الـعـديـد من‬
‫كباقي أقرانه في مرحلة الصبا‪ ،‬ولج المحجوب بنموسى الكتاب لحفظ القرآن‪،‬‬                        ‫التلاميذ والشباب على تحويل الاعتصام‬                                                                    ‫أعضاء هـذا التنظيم‪ ،‬كـان أغلبهم شباب‪،‬‬
‫ومنه إلى المدرسة الابتدائية بسيدي اعمر في مكناس‪ ،‬حيث كانت المسافة مرهقة‬                                                                                                                           ‫أشــرفــوا عـلـى تــوزيــع نـشـرة تـحـمـل اسـم‬
                                                                                                            ‫إلى مظاهرات حاشدة‪.‬‬
           ‫لطفل صغير‪ ،‬في ظل هشاشة البنيات الطرقية والفقر وقصر ذات اليد‪.‬‬                    ‫مازلت أتذكر أن بعض الإخوة حضروا‬                                                                                                    ‫"السرايا"‪.‬‬
‫مازال بنموسى يستحضر تفاصيل جزئيات صغيرة أثناء دراسته الابتدائية‬                            ‫مرتدين جلاليب‪ ،‬يستعملون عـود الأرك‪،‬‬                                                                    ‫خـال وجــودي مـع مـطـيـع بـأوربـا في‬
‫"كان حانوتا صغيرا بباب المدرسة يبيع لنا صاحبه الحلويات‪ ،‬وبجانبه سقاية‪،‬‬                     ‫اعـتـقـادا مـنـهـم أن الأمــر لـن يـتـجـاوز كلمة‬                                                       ‫الـثـمـانـيـنـات‪ ،‬كـنـت أعـايـن كـرهـه الـشـديـد‬
‫كما التحقت بجمعية الطفولة الشعبية بسيدي اعمر‪ ،‬فتعلمنا الأناشيد الوطنية‬                     ‫منددة بالأحكام والدعاء لفائدة المعتقلين‬                                                                ‫للنعماني‪ ،‬لاعتبارات عديدة‪ ،‬منها‬
‫والترفيهية‪ .‬كـان التعليم الابتدائي جيدا‪ ،‬ومدير مدرستنا فرنسيا‪ ،‬إذ كـان يقف‬                 ‫والـعـودة إلـى المـنـزل‪ ،‬فـي حـن كـنـا نـرتـدي‬                                                         ‫أنــه يـحـمـلـه مـسـؤولـيـة اغـتـيـال‬
‫ببابها يستقبل التلاميذ ببشاشة وبيده مسطرة من الخشب يضرب بها المتخلفين‬                      ‫مــابــس وأحــذيــة ريــاضــيــة مـسـتـعـديـن‬                                                          ‫عمر بنجلون‪ ،‬وبالتالي ضياع‬
                                                                                                                                                                                                  ‫الـشـبـيـبـة الإسـامـيـة‪ ،‬إضـافـة‬
                   ‫عن توقيت الدخول‪ .‬أما المعلمون‪ ،‬فكانوا في منتهى الأناقة"‪.‬‬                                           ‫للمظاهرة‪.‬‬                                                                   ‫إلى أن النعماني كان معروفا‬
‫يتذكر بنموسى صرامة المدرسين وجديتهم وحيويتهم دون أن يغفل استجابة‬                           ‫عـنـدمـا أنـهـى الإمــام صــاة الـجـمـعـة‪،‬‬                                                             ‫عليه الـجـرأة والـلـبـاقـة‪ ،‬ما‬
‫تلاميذ تلك الحقبة للضوابط المعمول بها "لا يمكن ولـوج القسم إلا إذا أذن المعلم‬              ‫ألـقـى عـبـد الإلــه بـنـكـيـران‪ ،‬الــذي سيظهر‬                                                         ‫جـعـلـه مـنـافـسـا شـرسـا‬
‫بذلك‪ ،‬الذي يسبق إليه ليخلع معطفه‪ ،‬ويرتدي بذلة بيضاء ناصعة‪ ،‬وكنا محظوظين‬                    ‫لأول مـرة فـي مشهد الشبيبة الإسـامـيـة‪،‬‬                                                                ‫للشبيبة الإسـامـيـة في‬
                                                                                           ‫كـلـمـتـه الـشـهـيـرة " أمــن أجــل كـلـب أجــرب‬                                                       ‫أوربـــا‪ ،‬والـتـحـالـف مـع‬
       ‫بوجود مطعم بالمدرسة‪ ،‬حيث نتناول فيه وجبات خفيفة شهية وصحية"‪.‬‬                        ‫يحكم بالإعدام على خيرة شبابنا؟"‪ ،‬وبعد‬                                                                  ‫إيـران‪ ،‬فـأي بـاب سفارة‬
‫وعلى غرار جيل بداية الستينات‪ ،‬كان تلاميذ معظم المدارس متفوقين‪ ،‬وضمنهم‬                      ‫نهاية كلمته‪ ،‬نجحنا في إخـراج المظاهرة‬                                                                  ‫بـــــــأوربـــــــا‬
‫محجوب بنموسى‪ ،‬الذي تفوق في دراسته الأولى‪ ،‬قبل أن ينتقل إلى مدرسة أخرى‬                      ‫إلـى الـشـارع وسـط ارتـبـاك عـدد من قيادات‬                                                             ‫نــطــرقــه‬
‫قريبة من سينما (أب سي)‪ ،‬وتابع بنموسى "كانت المدرسة فسيحة جدا وبها معلم‬                     ‫الـتـنـظـيـم‪ ،‬الـتـي فـوجـئـت بـالأمـر‪ ،‬وهـو ما‬
‫صارم علمت في ما بعد أنه اتحادي‪ ،‬وجمعني وإياه النضال في المستقبل لأجل القضية‬                ‫تـسـبـب فـي فـوضـى عــارمــة‪ ،‬إذ ستنطلق‬
                                                                                           ‫المـسـيـرة دون رؤيــة واضـحـة ولا تخطيط‬
                                                            ‫الفلسطينية"‪.‬‬                    ‫مسبق‪ ،‬ودون تحديد مسارها ووجهتها‪.‬‬
                                                        ‫لكن بنموسى‬
                                                        ‫ســيــتــعــلــم مـعـنـى‬                                                                        ‫جرائم مروعة ‪1‬‬
                                                        ‫الـنـضـال والــدفــاع‬
                                                        ‫عـــــــــــــن حـــــقـــــوق‬     ‫جرائم اهتز لها استقرار مدن جهة فاس وارتكبها مجرمون رضعوا حليب وجرائم فوق العادة‪ ،‬نعيد تركيب ظروف وأسباب وحيثيات ارتكابها في هذه‬
                                                        ‫المـــواطـــنـــن رفــقــة‬
                                                        ‫صــديــقــه بـوشـتـى‬               ‫حميد الأبيض (فاس)‬                                                                      ‫الجريمة من ثدي الانحراف المبكر‪ ،‬فشبوا عليها دون أن تردعهم سنوات قضوها السلسلة‪.‬‬
                                                        ‫بــــــوعــــــســــــريــــــة‪،‬‬
                                                        ‫فـــــــــي ثـــــانـــــويـــــة‬                                                          ‫خلف أسوار السجن‪ .‬مجرمون يهابهم الجميع وسمعتهم ملطخة بدماء الأبرياء‪،‬‬
                                                        ‫الــنــهــضــة‪ ،‬حـيـث‬
                                                        ‫قـــادا الإضـــرابـــات‬                               ‫ذبح أخاه وتوضأ بدمه‬
                                                        ‫والــتــظــاهــرات بـن‬
                                                        ‫الـفـيـنـة والأخــــرى‪،‬‬            ‫بذبح أخيه قربانا للجن حـارسـه‪ ،‬فـي سيناريو لا يقبله‬          ‫لا أحـد مـن سـكـان دوار أسـوكـا بجماعة آيـت تلمان‪،‬‬                      ‫في آخر أيام يناير ‪ ،2011‬هام راعي الغنم وسط الحقول‬
‫هكذا يستحضر بداياته مع سنوات النضال في رحاب الثانويات "التحقت بثانوية‬                      ‫عقل‪.‬أحكم الجاني إغلاق باب الضريح وأخرج محتويات‬               ‫صدق أن يكون ذاك الشاب الثلاثيني المنطوي‪ ،‬قاتل أخيه‬                      ‫بـدوار بإيموزار مرموشة في بـولمـان‪ .‬حـاول الاحتماء من‬
‫النهضة الإسـامـيـة سنة ‪ ،1962‬وهـي الأولـى الـتـي تـدرس باللغة العربية‪ ،‬إذ كان‬              ‫حقيبة والده المحشوة بوثائق شخصية‪ ،‬وخلال تفحصها‬                                                                                       ‫قساوة البرد بضريح مهجور‪ .‬ولجه أملا في دفء مفقود‬
‫مقرها في حي المرس‪ ،‬حيث سمعته سيئة في تلك الحقبة‪ ،‬لأنه شكل بؤرة الدعارة‬                     ‫طرق الأب والمقدم‪ ،‬الباب قبل أن يقنعهما بمغادرة المكان‪،‬‬                                           ‫وبتلك البشاعة‪.‬‬                      ‫خارجا‪ .‬ثـوان فقط قضاها داخله‪ ،‬قبل أن يغادره مهرولا‬
‫أي "بوديل" بالنسبة إلى الجيش الفرنسي إبـان فترة الاستعمار في المغرب‪ ،‬وكنا‬                  ‫بـعـد طمأنتهما عـلـى سـامـة شقيقه الصغير‪،‬‬                    ‫حـالـتـه حـيـرت أهـلـه حـتـى أنـهـم طـافـوا بـه طـويـا بين‬              ‫صارخا مرتعشا من شدة الخوف‪ .‬هول ما شاهده أضله‬
‫ثلة مـن الطلبة الغيورين على بلدنا مـن أمـثـال بوشتى بوعسرية ويحيى لعناية‬                   ‫دون أن يـدريـا أنـه يـخـطـط لـفـعـل جرمي‬
‫وعبد الرحمان بنزيدان ومحمد بادوا ومصطفى العلوي‪ ،‬الذي اشتغل في ما بعد‬                       ‫شنيع‪ ،‬إلا بعد ساعات لما انتشر خبر‬                                ‫الأضرحة طلبا لعلاجه بعدما أخبرهم إمام بإصابته‬                                              ‫عن مسار طريقه لحيث قطيعه‪.‬‬
‫صحافيا بالتلفزيون‪ ،‬وشقور وعبد الرحمان الغندور وسليم حميش‪ ،‬واللائحة‬                         ‫عثور الراعي على الجثة ممرغة في‬                                          ‫بـمـس جـنـي‪ ،‬دون أن يـغـيـر ذلــك شـيـئـا مـن‬                ‫طفل مـذبـوح مـن الـوريـد‪ ،‬ومـمـدد جهة القبلة‪ ،‬والـدم‬
                                                                                           ‫دمائها‪ ،‬بعدما ذبحه لاستخراج‬                                                ‫سلوكه ووضـعـه الانـطـوائـي‪ ،‬إذ نـادرا ما‬                  ‫يغطي قبر الضريح‪ .‬مشهد مؤلم عاينه أبناء القرية ولن‬
                                                                 ‫طويلة"‪.‬‬                                                                                                ‫كـان يـحـدث الآخـريـن‪ ،‬مـا جـعـل خـوف‬                   ‫ينمحي مـن ذاكـراتـهـم‪ .‬ابـن بلدتهم مـذبـوح‪ ،‬فمن ذبـحـه؟‪.‬‬
‫وإضـافـة إلـى نضاله السياسي‪ ،‬كـان محجوب بنموسى رياضيا في الجمباز‬                               ‫الكنز‪ ،‬لما كان يستعد للنوم‪.‬‬                                               ‫عـائـلـتـه يــزداد عـلـيـه مـن أي اصـطـدام‬             ‫سؤال بحثوا له عن جواب دون جدوى‪ ،‬قبل حضور الدرك‬
‫بالنادي المكناسي‪ ،‬وشابا يافعا قـوي البنية‪ ،‬إذ كـان يحرص على التداريب رغم‬                   ‫اســتــل الـجـانـي سـكـيـنـا مـن‬                                               ‫غير محمود العواقب مع أبناء الدوار‬                     ‫ومعاينة الجثة‪ ،‬دون الاهتداء إلى أي دليل يمكن أن يقود‬
‫الـظـروف الصعبة والإكـراهـات الناجمة عن غياب قاعات متخصصة‪ ،‬إلا أنـه نجح‬                    ‫جـيـبـه‪ ،‬وأيـقـظ شـقـيـقـه وأسـقـطـه‬                                           ‫مـن نفس سنه‪ ،‬الـذيـن قـد يتحرشون‬                      ‫لـلـقـاتـل‪ ،‬لينطلق مسلسل التحقيق مـن المـحـيـط العائلي‬
‫في مرات في التتويج بلقب المغرب سنة ‪ ،1964‬تحت إشـراف المـدرب بوعزة لهبوب‬                    ‫أرضــا ووضــع رجـلـه فــوق بـطـنـه‪،‬‬                                           ‫به‪ ،‬تلافيا لأي رد فعل عنيف منه غير‬
‫"كنا نكون فريقا منسجما وقويا يضم أبطال مرموقين من قبيل بوشتى بوعسرية‬                       ‫فـأحـكـم قـبـضـتـه عـلـيـه‪ ،‬لـيـذبـحـه‪ ،‬بل‬                                                      ‫محمود العواقب‪.‬‬                               ‫للضحية تلمسا لخارطة طريق توصل للجاني‪.‬‬
‫وبيبو والسفياني ومحمد الحفيان ومحمد الخمسي‪ ،‬كما عانينا قلة التجهيزات‪،‬‬                      ‫وضــع يــديــه تـحـت رقـبـتـه وجــمــع الــدم‬                              ‫خـلـلـه الـعـقـلـي لــم يـثـبـت عـلـمـيـا إلا‬             ‫"الضحية رافـق أخـاه الأكبر الـذي يعاني خللا عقليا‪،‬‬
‫لأن المقر لا يصلح للتداريب‪ ،‬عـدا الحصان الثابت‪ ،‬والتمرن على بعض الحركات‬                    ‫المنسكب منه‪ ،‬فتوضأ بـه‪ ،‬دون أن يستفيق إلا‬                               ‫بعد فـوات الأوان‪ ،‬بعدما أجـهـز على شقيقه‬                     ‫في ذاك اليوم للضريح"‪ ...‬معلومة استقاها المحققون من‬
                                                                                           ‫بعد فـوات الأوان بعدما كـان أخـوه جثة هامدة بين يديه‪.‬‬                                                                                ‫والدهما وكانت نقطة ضوء مفيدة في البحث الذي تمركز‬
                                                                ‫الأرضية"‪.‬‬                  ‫حينئذ قـضـى الـلـيـلـة بـالـضـريـح قـبـل أن يـغـادره صباحا‬       ‫الــصــغــيــر‪ .‬ولـــم يـمـنـع المــحــقــقــون مــن اسـتـنـطـاقـه‬  ‫على الأخ‪ .‬في غير منزل والديه ضبط مرتديا لباسا غير‬
‫وتعددت مشاركة بنموسى في مسابقات الجمباز من خلال تنقلاته بين نادي‬                           ‫ويتسلل إلـى مـنـزل اخـتـبـأ فـيـه بـعـدمـا تسلق أســواره في‬  ‫والاسـتـمـاع إلـيـه فـي مـحـضـر أورد فـيـه تـفـاصـيـل غريبة‬             ‫الذي ارتداه قبل ساعات‪ .‬وبتفتيش المكان عثر على ملابس‬
‫كازابلانكيز في البيضاء ونادي الفتح الرياضي‪ ،‬ثم اليوسفية‪ ،‬حيث كانت تتوفر‬                                                                                 ‫وأسبابا أغرب وغير مستساغة لارتكابه الجريمة‪ .‬ادعى‬                        ‫بها بقع دم‪ ،‬لينكشف الخيط الرفيع في هذه الجريمة التي‬
                                                                                                                                ‫غياب صاحبه‪.‬‬             ‫تضحيته بأخيه بالضريح الموجود بـدوار أسوكة‪ ،‬طلبا‬
                                            ‫تجهيزات تليق بممارسة اللعبة‪.‬‬                                                                                ‫لكنز مـدفـون فـيـه‪ ،‬مـؤكـدا أن فقيها أرشـده إلـيـه ونصحه‬                                ‫أبكت من سمع بها أو تناهت إلى علمه‪.‬‬

‫إذا كان الديربي يحبس أنفاس البيضاويين ويشد أنظار المتتبعين الرياضيين المغاربة داخل الوطن مسار لاعبين اعتبروا نجوما في فترات زمنية متباعدة‪ ،‬واستطاعوا تدوين أسمائهم بمداد من ذهب في‬                                                                   ‫"طرائف‬
                                                                                                                                                                                                                                                     ‫الديربي"‬
‫وخارجه‪ ،‬نظرا لما يعرفه من قتالية داخل المستطيل الأخضر من قبل لاعبين يعتبرون المباراة بطولة تاريخ الكرة الوطنية‪ ،‬حتى صاروا اسما موشوما في الذاكرة المغربية لدى الجماهير التي مازالت تتغنى بهم‬
                                                                                                                                                                                                                                                           ‫‪1‬‬
‫محمد بها‬                                                                                   ‫وسط البطولة الوطنية‪ ،‬فإنه لا يخلو من طرائف تحولت إلى نكت يتم تداولها كلما حان الموعد الكروي وتستحضر إنجازاتهم‪.‬‬

                                                                                                              ‫بالبطولة الوطنية‪.‬من خلال سلسلة "طرائف الديربي» سيتم تسليط الضوء على أهم الوقائع الطريفة في‬
                                                             ‫بصير‪ :‬المدرب كان يحرمنا من التلفزيون‬
          ‫يقتحم غرف المعسكر الإعدادي ويتجسس على اللاعبين للتأكد من خلودهم للنوم بعد حجز آلات التحكم عن بعد‬

‫وثانيا مباراة بين الرجاء والفريق الأحمر‪ ،‬كما أن‬              ‫(عبد اللطيف مفيق)‬             ‫صلاح الدين بصير‬                                                                        ‫مـن خـال تـذكـيـره بـأن هـنـاك مـبـاراة قـويـة تنتظره‪،‬‬          ‫من بين الأحـداث الطريفة التي يتذكرها صلاح‬
‫اسـتـحـضـار قيمتنا وسـط أســود الأطـلـس وعـامـل‬                                                                                                                                   ‫وأن حضور لحسن أبرامي أحد المدافعين الكبار في‬                    ‫الدين بصير عند استحضار الديربي البيضاوي‪،‬‬
‫الــجــوار‪ ،‬كـلـهـا مـعـطـيـات كـانـت تـجـعـلـنـي أفـكـر في‬  ‫«ضـغـط الـجـمـهـور ووســائــل الإعـــام لــم يكن الـديـربـي الـبـيـضـاوي كـنـت أخــوض فـيـه مـبـاراتـن‪،‬‬              ‫تاريخ الـوداد والمنتخب الوطني في المباراة سيحد‬                  ‫حرص مدرب الفريق الذي تحفظ عن ذكر اسمه‪ ،‬على‬
‫كيفية مراوغته واستغلال نقط ضعفه لصالحي"‪،‬‬                     ‫سـلـبـيـا بـالـنـسـبـة إلــي بـقـدر مـا كــان إيـجـابـيـا لأنـه الأولــى ضـد المـدافـع لحسن أبـرامـي الـاعـب الكبير‬  ‫من هجوماته باعتباره صخرة دفاع لا تقبل المراوغة‪.‬‬                 ‫دخـول غـرف نـوم اللاعبين بالفندق‪ ،‬وحـجـز جميع‬
                                                             ‫يستنهض الـهـمـم ويـحـثـنـي عـلـى الـلـعـب بقتالية‪ ،‬فـي صـفـوف الــوداد الـريـاضـي والمـنـتـخـب الـوطـنـي‪،‬‬            ‫«أبـرامـي راه لاعـب ومـاغـاديـش يخليك تحرك‬                      ‫آلات التحكم عـن بعد المـوجـودة بـهـا‪ ،‬مـبـاشـرة عند‬
                                 ‫يحكي بصير‪.‬‬                                                                                                                                       ‫ولا تـمـاركـي»‪...‬مـن بـن الـعـبـارات الـتـي كـان يواجه‬          ‫حلول الساعة الحادية عشرة ليلا‪ ،‬بعد إطفاء جهاز‬
‫وأضــاف نـجـم الـنـسـر الأخـضـر أنـه فـي الـفـنـدق‬                                                                                                                                ‫بـهـا جـمـهـور الــوداد الـاعـب صــاح الـديـن بصير‬              ‫التلفاز لضمان عدم تشغيله والسهر حتى الصباح‪.‬‬
‫حيث كان المعسكر الإعـدادي للفريق‪ ،‬لم يكن يعرف‬                                                                                                                                     ‫كلما صـادفـوه‪ ،‬وهـي التحذيرات نفسها التي كان‬                    ‫وأضاف بصير‪ ،‬أنه رغم المسؤولية التي يتمتع‬
‫الـنـوم طـريـقـه إلـى الـاعـب‪ ،‬إذ كـان يفكر فـي موعد‬                                                                                                                              ‫يوجهها له معارفه وأصدقاؤه لشحنه واستنهاض‬                        ‫بها اللاعبون في التعامل مع الديربي‪ ،‬إلا أن تخوف‬
‫اللقاء ليكون فـي المستوى المطلوب ويـنـال إعجاب‬                                                                                                                                    ‫هممه حتى لا يقع في أي خطأ محتمل‪ ،‬وهو الكلام‬                     ‫المدرب من سهر اللاعبين بمشاهدة البرامج والأفلام‬
‫الجماهير الرجاوية والناخب الوطني‪ ،‬وهو ما كان‬                                                                                                                                      ‫الـذي كـان يـوجـه أيـضـا لـاعـب أبـرامـي بإخافته أن‬             ‫المعروضة على التلفزيون جعله يقرر إطفاء الجهاز‬
                                                                                                                                                                                  ‫بـصـيـر سـيـخـتـرق دفــاعــه وسـيـسـجـل عـلـيـه هـدفـا‬          ‫وحـجـز آلــة الـتـحـكـم عـن بـعـد‪ ،‬إلــى درجــة أنــه كـان‬
                                      ‫يتحقق‪.‬‬                                                                                                                                                                                                      ‫يـتـجـسـس عـلـى أبــواب الـغـرف خـوفـا مـن أن يتمرد‬
‫وليس أبرامي من كان يقلق راحة بصير‪ ،‬فكلما‬                                                                                                                                                                                ‫خطيرا‪.‬‬                    ‫أحد اللاعبين على تعليماته ويقوم بتشغيل التلفاز‬
‫فكر الـاعـب الـرجـاوي فـي تغيير مركز اللعب‪ ،‬كان‬                                                                                                                                   ‫وكشف بصير أن تخويف اللاعب من الخصم‪،‬‬
‫يـصـادف رشـيـد الــداودي الـذي يعتبر مـن اللاعبين‬                                                                                                                                 ‫كــان يـتـداول فـي الـجـرائـد الـورقـيـة قـبـل ظـهـور ما‬                                     ‫بطريقته الخاصة‪.‬‬
‫الأكـفـاء ويـتـمـتـع بـرمـزيـة وحـضـور كـبـيـريـن وسـط‬                                                                                                                            ‫يسمى "مـواقـع التواصل الاجتماعي"‪ ،‬لكن اللاعب‬                    ‫وإضافة إلى الطرائف‪ ،‬يعتبر بصير أن الديربي‬
‫الـفـريـق الأحـمـر ومـنـافـسـات الـبـطـولـة‪ ،‬إضـافـة إلـى‬                                                                                                                         ‫كان يسمع ما يروج وسط أحاديث الجمهور سواء‬                        ‫البيضاوي كان بالنسبة إليه بمثابة معركة‪ ،‬إذ كان‬
‫الجيلالي فـاضـل ونـور الـديـن النيبت وهـي أسماء‬                                                                                                                                   ‫بـالـحـي الــذي يـقـطـنـه أو خــال الـقـيـام بـالـتـداريـب‬      ‫اللاعب شأنه شأن الفريق يخضع لضغط رهيب في‬
‫كبيرة كان يضرب لها حامل القميص الأخضر ألف‬                                                                                                                                         ‫وغــيــره‪ ،‬مـشـيـرا إلــى أنــه بـالـنـسـبـة إلـيـه كــان ذلـك‬
‫حساب‪ ،‬وهو الشعور نفسه الذي كان يراود الفريق‬                                                                                                                                        ‫الضغط يعتبر حافزا لأنه يشحنه ليلعب بقتالية‪.‬‬                                   ‫انتظار إجراء المباراة غير العادية‪.‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                  ‫يحكي بصير أنـه كـان يتعرض لضغوط كبيرة‬
 ‫الخصم عند استحضار اسم صلاح الدين بصير‪.‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14