Page 6 - عدد الثلاثاء صحيفة الصباح
P. 6

‫عــبـــر‬                                                                                                                        ‫‪www.assabah.ma‬‬

                                                                                                                                                                                 ‫الثلاثاء ‪ ٢٠٢٠/٥/١٢‬العدد‪٦٢١٦ :‬‬

       ‫ليس للرجل سوى مجد واحد حقيقي‬
                 ‫هو التواضع‬

       ‫الملك عين الدليمي مدير شركة‬                                                                                                                                                                                                                                                             ‫يوميات "الزاز"‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫(الحلقة الثالثة)‬

       ‫قال إنها كانت تابعة للداخلية وأوفقير كان يتربص بمولاي أحمد ويستفسر عن تحركاته‬                                                                                                                                                                                                           ‫الحسين كيود الملقب بـ "الزاز"‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫لاعب دولي سابق للمنتخب الوطني‬
‫(خاص)‬                                              ‫الدليمي يقبل يد الملك الحسن الثاني‬                                                                                                     ‫عاملا في ما بعد‪.‬‬                     ‫> هـل كـلـفـه المـلـك الـحـسـن الـثـانـي الـدلـيـمـي بمهام‬      ‫والفتح الرياضي‪ ،‬يروي لـ "الصباح"‬
                                                                                                                                                          ‫ومـن المـنـاصـب الـتـي عـن فـيـهـا الـدلـيـمـي فـي عهد‬                                                        ‫أخرى؟‬                  ‫في الجزء الثالث من مساره الرياضي‬
‫محمد ابـا احنيني‪ ،‬الـذي كـان يشتغل مـديـرا للديوان الحسن الـثـانـي يـرغـب فـي الـحـديـث إلـيـه‪ ،‬وعـنـد عودته‬                                              ‫الحسن الثاني‪ ،‬عاملا مسؤولا عن الـحـدود إلـى جانب‬                                                                                     ‫والمهني‪ ،‬تفاصيل حول مقتل المهدي‬
‫الملكي‪ ،‬واستفسر عنه‪ ،‬فقلت له إنه خرج للقنص‪ ،‬فقال قلت له إن شخصا من الديوان الملكي طلبكم‪ ،‬فرد علي‬                                                          ‫الـجـرجـيـنـي‪ ،‬كـمـا قـلـت سـابـقـا‪ ،‬ومــن أجــل تـوضـيـح‬            ‫> كلف بأمر مهم جدا‪ ،‬وهو أنه عينه مديرا بشركة‬                    ‫بن بركة والجنرال أحمد الدليمي‪،‬‬
                                                                                                                                                          ‫"الــحــزازات" الـتـي كـانـت بـن الـدلـيـمـي وأوفـقـيـر‪ ،‬أنـه‬        ‫تسمى "صغا فيمكس"‪ ،‬التي كانت تابعة في ملكيتها‬                    ‫وتورط مسؤولين في معتقلهما‪،‬‬
                  ‫لي ما يوجد هناك من حيوانات لقنصها‪ ،‬وأخبرني أن أنه لا يعرف أي شخص غير الملك‪.‬‬                                                             ‫بموسم طانطان في ماي ‪ ،1970‬ويطلق عليه "موكار"‪،‬‬                        ‫إلى الداخلية‪ ،‬وتحديدا إلى "كاب ‪ ،"1‬وعين إلى جانبه‬               ‫وحقائق جديدة من سنوات الرصاص‪.‬‬
                                                                                                                                                          ‫قبل إحـداث "بـولـيـسـاريـو" فـي ‪ ،1971‬استفسر أوفقير‬                  ‫مـحـمـد بـن الـتـهـامـي‪ ،‬وهـو عـمـيـد مـمـتـاز‪ ،‬وعـبـد الحق‬     ‫صلاح الدين محسن‬
                                                                                                                                                          ‫عن سبب وجوده بطانطان‪ ،‬وطلب من مصطفى طارق‪،‬‬                            ‫الـعـشـعـاشـي‪ ،‬وعـبـد الـكـريـم الـلـهـبـي‪ ،‬والـغـزوانـي‪ ،‬ولـم‬
                                                                                                                                                          ‫العامل بطانطان معرفة سبب بقاء الدليمي هناك‪ ،‬إذ أن‬                    ‫يكن يـعـرف أي شخص هـذه الـشـركـة‪ ،‬غير أن الدليمي‬                          ‫الحسين كيود‬
                                                                                                                                                          ‫أوفقير كان دائما يستفسر عن الدليمي‪ ،‬وعن تحركاته‪.‬‬                     ‫بعد تسليمه نفسه إلى السلطات الفرنسية‪ ،‬قام أوفقير‬
                                                                                                                                                          ‫> كيف علمت بخبر استفسار أوفقير عن الدليمي؟‬                           ‫بتغيير جميع طاقمها‪ ،‬وتـرك فرنسية واحـدة تسمى‬
                                                                                                                                                          ‫> أخبرني مصطفى طارق بذلك‪ ،‬إذ دفعني ذلك إلى‬
                                                                                                                                                          ‫استفسار طـارق بسبب عـدم اتـصـال أوفقير بالدليمي‬                                                             ‫مدام داغ‪.‬‬
                                                                                                                                                                                                                                       ‫> ما هو النشاط الذي كانت تشتغل فيه؟‬
                                                                                                                                                              ‫مباشرة‪ ،‬فأجابني أنه لم يعد قادرا على احتوائه‪.‬‬                    ‫> كـــانـــت تــنــشــط فـــي مــنــح رخــــص الــتــصــديــر‬
                                                                                                                                                          ‫> ما هي الإجراءات التي قام بها الدليمي لاستبعاد‬                      ‫والاستيراد‪ ،‬لكبار التجار في البيضاء والمغرب بصفة‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫عـامـة‪ ،‬وكــان مـقـرهـا فـي شــارع مـحـمـد الـخـامـس في‬
                                                                                                                                                                                 ‫أوفقير من منطقة طانطان؟‬                       ‫العمارة التي كانت بها مقهى "لينوغوسيون" بالقرب‬
                                                                                                                                                          ‫> أجرى بعض التغييرات‪ ،‬إذ بعد تعيين مصطفى‬                             ‫مـن الـسـوق المـركـزي‪ ،‬وكـانـت تـأخـذ الـرخـص مـن وزارة‬
                                                                                                                                                          ‫طارق بعمالة سطات‪ ،‬استقدم الدليمي حميد بلعباس‬                         ‫التجارة‪ ،‬وتقوم بتوزيعها على التجار‪ ،‬مقابل مبالغ‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫مالية مهمة‪ ،‬إذ كانت تشتغل مثل وسيط تجاري‪،‬‬
                                                                                                                                                          ‫العشعاشي صفع الضابط‬                                                  ‫وكانت تابعة للـ "كاب ‪ ،"1‬وتعمل مثل صندوق‬
                                                                                                                                                          ‫القدميري لتطاوله على الدليمي‬                                            ‫أسود لتغطية بعض النفقات الخاصة‪.‬‬
                                                                                                                                                          ‫ونعته بـ "الشفار"‬                                                    ‫> مـا هـي الإجـــراءات الـتـي قــام بها‬

                                                                                                                                                          ‫وكـان مكلفا بـديـوان أوفقير فـي الأمـن‪ ،‬ومحمد وديـع‪،‬‬                                   ‫أوفقير في الشركة؟‬
                                                                                                                                                          ‫الــذي عــن قــائــدا مــمــتــازا‪ ،‬وعـبـد الــقــادر أكــــوري فـي‬  ‫> اضـطـر أوفـقـيـر إلــى الاسـتـعـانـة‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫بـــالـــضـــابـــط الــقــدمــيــري والمــعــطــي‬
                                                                                                                                                               ‫الاستعلامات العامة‪ ،‬وحميد بنعمر في الديوان‪.‬‬                     ‫الشرقاوي‪ ،‬واستبعد جميع المسؤولين‬
                                                                                                                                                          ‫وفي بداية أكتوبر‪ ،‬عاد الدليمي إلى طانطان‪ ،‬حيث‬
                                                                                                                                                          ‫كنت أشتغل مـسـؤولا عـن مكتب التسويق والتصدير‪،‬‬                               ‫الذين كانوا تابعين للدليمي‪.‬‬
                                                                                                                                                          ‫من أجل ممارسة هوايته في القنص‪ ،‬وهناك اتصل بي‬                         ‫وأذكـــر أنــه فــي أحــد الأيـــام أن‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫الضابط القدميري‪ ،‬حـاول التطاول‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫عــلــى الـدلـيـمـي أمــــام المـسـؤولـن‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫الـسـابـقـن بــالــشــركــة‪ ،‬فــقــال لـهـم‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫"الدليمي شفار"‪ ،‬فقام العشعاشي‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫بـصـفـعـه أمــام الـجـمـيـع‪ ،‬عـلـمـا أن‬
                                                                                                                                                                                                                               ‫الدليمي كـان يحسن إليه‪ ،‬وعينه‬

‫ألصقت بالمجتمعات الإسلامية مجموعة من الأحكام المسبقة التي‬                                                ‫الجدال الديني‬                                                                 ‫الأوبئة والمجاعات في المغرب ‪3‬‬
‫تكرس تعصب المسلمين لعقيدتهم ورفضهم للآخر‪ ،‬ويدحض الباحث‬                                                    ‫في الإسلام‬
‫الأكاديمي يونس إمغران‪ ،‬في كتاب «رسالة راهب فرنسا ورد القاضي‬                                                                                                                      ‫يحفل تاريخ المغرب بكثرة الأوبئة التي فتكت بآلاف المغاربة‪ ،‬وأثرت‪ ،‬خلال تلك الحقبة‪ ،‬بشكل كبير على‬
‫الباجي عليها»‪ ،‬كل هذه المزاعم‪ ،‬من خلال تحليل رسالة الراهب الفرنسي‬                                        ‫‪3‬‬                                                                          ‫البنية الديمغرافية للسكان‪ ،‬وشكلت رواسب نفسية في الذهنية الجماعية‪ ،‬مازالت حاضرة داخل المجتمع‪.‬‬
‫الموجهة إلى المقتدر بالله‪ ،‬حاكم سرقسطة‪ ،‬الذي يدعوه فيها إلى اعتناق‬
‫النصرانية‪ ،‬وكيف كان رد العالم الإسلامي عليها والمنهجية التي اعتمدها‬                                                                                                              ‫في مقال صدر في ‪ ،1974‬من الباحثين برنار روزنبرجي وحميد التريكي‪ ،‬معنون بـ"المجاعات والأوبئة في‬
‫في إدارة الجدال مع راهب فرنسا‪ .‬نقدم عبر حلقات مقتطفات من‬                                                                                                                         ‫مغرب القرنين ‪ 16‬و‪ ،"17‬تتم الإشارة إلى أن وباء الطاعون الأكثر شيوعا في المغرب‪ ،‬حيث يتردد كثيرا على‬
                                                                                                                                                                                 ‫ألسنة المغاربة عبر مختلف الحقب‪ ،‬إضافة إلى حمى التيفوئيد والجدري والسل والحصبة‪ ،‬فكيف واجه المغاربة‬
     ‫الكتاب‪ ،‬الذي صدر أخيرا‪ ،‬وكان موضوع بحث لنيل شهادة الماستر‪.‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫هذه الجوائح؟‬
‫عبد الواحد كنفاوي‬
                                                                                                                                                                                 ‫الطاعون يفتك بأقوى ملوك السعدييخالندالعطاوي‬
‫انفتاح وتسامح المجتمعات الإسلامية‬
‫تنصيص القرآن الكريم على حرية الاعتقاد شجع مخالفين من الأديان الأخرى على التعبير عن أفكارهم‬

                                                                                                         ‫طـبـع تـنـصـيـص الـقـرآن الـكـريـم على‬
                                                                                                         ‫حرية الاعتقاد في كثير من سوره وآياته‬
                                                                                                         ‫الـكـريـمـات‪ ،‬المجتمعات الإسـامـيـة بـروح‬
                                                                                                         ‫الانـفـتـاح والـتـسـامـح‪ ،‬وشـجـع عــددا من‬
                                                                                                         ‫المخالفين من الأديان الأخرى على التعبير‬
                                                                                                         ‫عـن أفـكـارهـم ومـعـتـقـداتـهـم فـي المـحـافـل‬
                                                                                                         ‫والأمــســيــات الـتـي كــان الأمـــراء ومـلـوك‬
                                                                                                         ‫المسلمين يعقدونها في قصورهم‪ ،‬بل إن‬
                                                                                                         ‫بعض الأحبار والرهبان لم يتورعوا عن‬
                                                                                                         ‫تصنيف مؤلفات في الرد على ما جاءت‬
                                                                                                         ‫بـه رسـالـة محمد صلى الـلـه عليه وسلم‬
                                                                                                         ‫الـخـاتـمـة مـن أحـكـام عـقـديـة وتشريعية‪،‬‬
                                                                                                         ‫ومن أخبار غيبية وتاريخية‪ .‬ومنهم من‬
                                                                                                         ‫لم يتردد في الطعن والإساءة إلى القرآن‬
                                                                                                         ‫األـوكـ ُيرـيـوام َ‪،‬جـدهوبنت أنضييـيحقـ وسمبتـابضـعةغـطق نضفائسيةي‪،،‬‬
                                                                                                         ‫مـادامـت كـتـابـاتـه تـنـدرج ضـمـن الـبـحـث‬                             ‫وتـجـمـع الـروايـات عـلـى أن الـراحـل ظـل قـبـل وفـاتـه أسير‬  ‫فـتـك الـطـاعـون بالسلطان أحـمـد المـنـصـور الـذهـبـي‪ ،‬الـذي‬
                                                                                                                                                                                 ‫اعتبر أقوى ملوك الدولة السعدية‪ ،‬وأحد ملوك المغرب العظام غرفته لا يـلـوي على شـيء فـي مـا يشبه انـتـظـار وصـول ملك‬
                                                                                                         ‫ـفـديدـهتـاوا ُلـعـرحـفـكـتم‬  ‫ـاليـتـسـيـا ُدحـ‬  ‫الـعـلـمـي وشـروطـه‬                                                           ‫وباني قصر البديع‪ .‬الموت‪.‬‬
‫و ُبـعـدهـا عـن أي انـغـاق أو تـعـصـب أو‬           ‫الأنـدلـس بـن الإســام والمـسـيـحـيـة‪ ،‬على‬                                                             ‫خــال الــقــرون الـت‬  ‫ولد أحمد المنصور بفاس في ‪ 956‬هجرية‪ ،‬ونظرا لرمزية ويــرى كـثـيـر مـن المــؤرخــن أن إصـابـة الـسـلـطـان بـمـرض‬
‫إكـراه أدبـي أو مـادي‪ .‬ولعل رسالة راهب‬             ‫وجــه الـخـصـوص‪ ،‬بـالمـنـاخ الـحـضـاري‬                ‫اثلـ َّزما‪،‬هفـرإنسميـابـدسأياحـورثيـقةا افلياا‪.‬عـتـقـاد‪،‬‬  ‫الإسلامي‬
‫ينتمي لـديـر كـلـونـي بـفـرنـسـا‪ ،‬إلـى أمير‬        ‫الـــراقـــي والمـــزدهـــر‪ ،‬فــكــتــب ابـــن حــزم‬                                                            ‫ومـن‬          ‫المـكـان فـقـد بـويـع فـي سـاحـة مـعـركـة وادي المـخـازن فـي ‪ 986‬الـطـاعـون الـفـتـاك‪ ،‬تـرجـع لـفـتـوحـاتـه الـخـارجـيـة وعـاقـتـه مع‬
‫سـرقـسـطـة المـقـتـدر بـالـلـه‪ ،‬ومـا تضمنته‬        ‫والـخـزرجـي والـقـرطـبـي وابــن الـنـغـريـلـة‬                                                                                 ‫البحارة وتردده على الموانئ‪ ،‬إذ كانت الجرذان‬                                   ‫هجرية‪ .‬ويعتبر عهده الـذي دام حـوالـي ‪ 26‬سنة‬
‫مــن تـسـفـيـه لـلـديـن الإســامــي‪ ،‬ودعــوة‬       ‫وأســقــف طـلـيـطـلـة ومــوســى بــن مـيـمـون‬         ‫ومــا تـرتـب عـنـه مـن تـسـامـح فـي الـدولـة‬                            ‫مـن أزهـى عـهـود الـدولـة السعدية وأكـثـرهـا رخـاء كثير من المؤرخين تـمـأ المـكـان فـي زمــن لـم يـكـن فـيـه ذكــر لـنـظـام‬
‫الأمـيـر المـسـلـم إلـى اعـتـنـاق الـنـصـرانـيـة‪،‬‬  ‫(‪593‬هـ‪1204/‬م) وغيرهم كثير في الجدل‬                    ‫الإسـامـيـة الـقـويـة‪ ،‬أدى دورا بــارزا في‬
‫ورد القاضي أبـي الوليد الباجي عليها‬                ‫الـديـنـي‪ ،‬بـمـا أكــد عـلـى سـمـو الـحـضـارة‬         ‫إنتاج حـوارات علمية بالغة الأهمية بين‬                                   ‫الــصــرف الـصـحـي‪ ،‬فــي ظــل شـبـكـة الـعـاقـات‬       ‫رأوا أن إصابة السلطان‬  ‫وعلما وعمرانا وجاها وقـوة‪ ،‬إذ تجمع الروايات‬
‫تحليلا ومناقشة ونقدا‪ ،‬ودعـوة الراهب‬                ‫الإسـامـيـة الأنـدلـسـيـة عـلـمـيـا وديـنـيـا‪،‬‬        ‫الـديـانـات الـسـمـاويـة الـثـاث‪ ،‬الإسـامـيـة‬                           ‫الخارجية لأحمد المنصور‪ ،‬سيما مع إنجلترا‬                                       ‫التاريخية على أنه جمع بين العلم والمعرفة ورعى‬
‫إلـى اعـتـنـاق الإســام‪ ،‬تـبـقـى مـن الـدلائـل‬                                                                                                                                   ‫وفـرنـسـا وهـولـنـدا‪ .‬وانـتـبـه أحـد المـؤرخـن إلـى‬    ‫بمرض الطاعون‬           ‫العلماء‪ ،‬وألـف كتبا فـي فقه السياسة‪ ،‬مـن قبيل‬
‫الـظـاهـرة عـلـى روح الـتـسـامـح والـنـزعـة‬                                                              ‫والــيــهــوديــة واالــنــصــرانــيــة‪ ،‬وفــي هـذا‬                     ‫غياب جهود مكافحة الطاعون الذي زحف على‬                  ‫ترجع لفتوحاته‬          ‫"كتاب المعارف في كل ما تحتاج إليه الخلائف"‪،‬‬
‫العلمية التي كانت سائدة ومهيمنة على‬                                                                      ‫الــســيــاق‪ ،‬تــأثــر الـــحـــوار الــديــنــي فـي‬                    ‫الـعـالـم فـي تـلـك الآونــة‪ ،‬واعـتـبـر غضبة إلهية‪،‬‬                           ‫والـثـانـي كـتـاب "الـعـود أحـمـد" وجـمـع فـي الأدعـيـة‬

            ‫فضاء التعايش بالأندلس‪.‬‬                                                                       ‫أبعاده الثقافية والإنسانية‬                                              ‫والحال أنه أول حرب بكترولوجية في التاريخ‪.‬‬              ‫الخارجية وتردده‬        ‫المأثورة عن الرسول‪ ،‬فضلا عن حرصه على تولي‬
‫وقــــد حــفــظ لــنــا الــتــاريــخ هــاتــن‬                                                                                                                                   ‫وكــانــت وفـــاة الـسـلـطـان بــالــوبــاء الـفـتـاك‬                         ‫أعباء الحكم‪ ،‬وكان يعرف أن قواته في التسعينات‬
‫الرسالتين بمضامينهما المتميزة التي‬                                                                                                                                               ‫من القرن العاشر الهجري تكفي لحماية البلاد من على الموانئ وازدهار تكريسا للقدرية في التعامل مع الطاعون‪ ،‬الذي‬
‫تعكس حقيقة تاريخية ثابتة‪ ،‬مفادها أن‬                ‫رغـم خـضـوع الـرسـالـتـن للبحث والتحقيق مـن طـرف مفكرين ومحققين عربا‬                                                          ‫انتقل «عـن طريق التنفس والعطاس والسعال‬                                                  ‫أطماع الأتراك والبرتغاليين والإسبان‪.‬‬
‫الحوار الإسلامي المسيحي لم ينقطع قط‪،‬‬               ‫وعـجـمـا‪ ،‬إلا أنهما لـم تعرفا دراسـة عميقة‪ ،‬تفكيكية وبنيوية لمضامينهما‪ ،‬بقدر‬                                                  ‫البسيط مـن الإنـسـان إلـى الآخـر‪ ،‬ولكنه يحمل‬           ‫الدولة السعدية في‬      ‫لكن مشاريع السلطان سـرعـان مـا دفنت في‬
‫وأن مـحـاولات عـديـدة ُبـذلـت بـن علماء‬            ‫مـا انصب اهتمام محققيها‪ ،‬فقط‪ ،‬على تحقيق متنهما لغة‪ ،‬ومـدى نسبتهما إلى‬                                                         ‫المـوت فـي أيـام قـلـيـلـة"‪ .‬ويـؤكـد المــؤرخ الحسين‬                          ‫دواخله‪ ،‬بعد أن داهمه مرض الطاعون الـذي فتك‬
‫الـطـرفـن لـلـتـقـارب والـتـعـايـش والتفاعل‬        ‫صاحبيهما الراهب والقاضي الباجي صحة وتاريخا‪ ،‬في حين ظلت أفكار الرسالتين‬                                                        ‫مـؤنـس فـي كـتـابـه "تـاريـخ المـغـرب وحـضـارتـه"‬      ‫عهده لم يكن كافيا‬      ‫بـه‪ ،‬وحـال دون طموحاته فمات في ‪ ، 1012‬ودفن‬
‫الــحــضــاري‪ ،‬أكــثــر مـنـهـا لـلـتـنـافـس أو‬    ‫والآراء الثاوية فيها بعيدة عن آليات النبش والقراءة المنهجية من جهة‪ ،‬والتحليل‬                                                  ‫هــذه الـواقـعـة‪ ،‬ويـصـر عـلـى أن ازدهــار الـدولـة‬    ‫للتصدي لأخطر وباء‬      ‫قـرب مقصورة الجامع الأعظم بفاس الجديد‪ ،‬ثم‬
                                                   ‫الـوصـفـي والـديـنـي والـفـلـسـفـي مـن جـهـة ثـانـيـة‪ .‬عـلـمـا أن نـص الـرسـالـتـن‪ ،‬وطـرافـة‬                                  ‫السعدية في عهد السلطان الراحل لم يكن كافيا‬                                    ‫نقل إلى مراكش ودفن في قبور الأشراف السعديين‬
        ‫التطاول أو الصراع الحضاري‪.‬‬                 ‫مـوضـوعـه الـعـلـمـيـة‪ ،‬وأصـالـتـه الـحـواريـة‪ ،‬يـغـري بـاسـتـنـطـاق سـواكـنـه‪ ،‬واسـتـخـراج‬                                           ‫للتصدي لأخطر وباء في تلك الحقبة‪.‬‬               ‫في تلك الحقبة‬          ‫قـبـالـة جـامـع المـنـصـور بـالـقـصـبـة‪ ،‬اسـتـنـادا إلـى‬

                                                                        ‫بواطنه‪ ،‬واكتشاف أبعاده الثقافية والإنسانية والحضارية‪.‬‬                                                                                                                                                                  ‫وصيته التي أصر مشيعوه على تنفيذها‪.‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11