هي كذلك بالفعل، وربما أكثر، وتكاد تتماهى مع أساليب "مافيا" الإجرام المنظم. أفرادها "بعض" رؤساء مقاطعات البيضاء ومنتخبون ورؤساء مصالح ومعهم صيدليات وشركات للأدوية، ظلوا، إلى بداية 2025، يتحكمون في مفاصل الصفقات العمومية، الخاصة باقتناء أدوية داء السكري. ناد مغلق للفساد، راكم شبهات وأموالا على مدى سنوات، وكان يمكن لأعضائه أن يستمروا إلى ما لا نهاية، لولا التقرير "الأسود" الذي أعده قضاة المجلس الجهوي للحسابات، ووضعوا نسخا منه فوق مكتب والي جهة البيضاء سطات، ورئيسة مجلس المدينة، التي ما إن اطلعت على تفاصيله، حتى "شدت" رأسها، واستدعت، على عجل، بعض نوابها لإيجاد حل. فضيحة بكل المقاييس، تم التستر عليها مؤقتا، بسحب "اختصاص عقد الصفقات العمومية وسندات الطلب ودفاتر التحملات من رؤساء المقاطعات"، ومنحها، في إطار اتفاقية شراكة، إلى "وزارة الصحة والحماية الاجتماعية" (مقرر تمت المصادقة عليه في دورة ماي 2025). لكن، الأهم من كل ذلك، (ولم ينجز لحد الآن)، هو عرض أوراق تقرير المجلس الجهوي للحسابات على أنظار النيابة العامة المختصة، لاتخاذ المتعين، سيما أن الأمر يتعلق بمسؤولين تلاعبوا في ميزانيات فاقت 10 ملايير بين 2018 و2022 فقط، دون احتساب باقي السنوات بين 2023 وبداية 2025. وأبرمت مصلحة حفظ الصحة والوقاية والسلامة الحضرية وحدها 22 صفقة عمومية، بينما أبرمت المقاطعات، في الفترة نفسها، 55 صفقة عمومية و22 سند طلب، بمجموع 77 طلبية لشراء أدوية السكري بمبلغ إجمالي وصل إلى 3.7 ملايير. الآن، لنتخيل الهوة السحيقة التي وصل إليها الفساد الإداري والمالي والأخلاقي بأكبر مدن المغرب، حين تمتد الأيادي إلى ميزانية ذات بعد اجتماعي مخصصة للمواطنين، المرضى بداء السكري، الذين يعانون الفقر والهشاشة، ولا يملكون ثمن شراء قلم أنسولين، أو علبة دواء يعالجون بها الداء، وتحميهم من نوبات إغماء مفاجئة. حتى هذه الفئة من المواطنين، التي ظلت محط اهتمام أعلى سلطة في البلاد، وأطلق من أجلها عشرات المبادرات، لم تنج من الريع والسرقة و"الفهلوة"، وتفصيل الصفقات وسندات الطلب التي ترسو على صيدليات بعينها، رغم أن القانون المنظم للمهنة، لا يسمح للصيدليات بعقد هذا النوع من الطلبيات العمومية، ومنحها، حصريا، للشركات الكبرى المنتجة للأدوية، ولها شبكة للتوزيع وتنظيم عمليات التوريد وفضاءات للتخزين. والأخطر في كل ذلك، ويستدعي تحقيقا وبحثا قضائيا، أن التقرير كتب بالبنط العريض، اسمي "صيدليتين"، واحدة في بوزنيقة والثانية في مكناس، كان أصحابهما أكثر حظا من قضم ثلث "كعكة" 10 ملايير، أي أكثر من 3.5 ملايير "حتة وحدة". سير ما فيها والو. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma