الدمناتي: القطيعة مغامرة خطيرة على الاتحاد

حذرت سلوى الدمناتي، عضو الفريق الاشتراكي (المعارضة الاتحادية) بمجلس النواب والمستشارة بمجلس طنجة من خطر القطيعة التنظيمية على الحزب، معتبرة أن أي تغيير جذري في القيادة سيكون مغامرة خطيرة على مستقبل "الوردة". ونبهت القيادية الاتحادية، في حوار مع "الصباح"، أن السياق الحالي يتطلب مواصلة العمل بمنسوب أكبر من النضج السياسي. ونبهت البرلمانية الاتحادية إلى أن المعارضة أصبحت مسؤولية تاريخية في ظل تحديات أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، وتصاعد مظاهر الاحتقان، وتراجع منسوب الثقة في العمل السياسي، وتزايد الإحساس بالهشاشة لدى فئات واسعة من المغاربة. في ما يلي نص الحوار : أجرى الحوار: ياسين قُطيب استحضرت هيأة رئاسة الأغلبية الرهانات الكبرى لما تبقى من الولاية الانتدابية الحالية، في اجتماعها العادي الأخير، كيف تتوقعون أن تكون وتيرة العمل الحكومي على مشارف الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ؟ > رغم الشعارات المرفوعة حول التسريع التنموي وإصلاح القطاعات الحيوية مثل مشروع الحماية الاجتماعية، والصحة و التشغيل، فإن وتيرة العمل الحكومي تبدو متخبطة ولم ترق بعد إلى مستوى الانتظارات. تبدو الحكومة أكثر انشغالًا بتحسين صورتها الإعلامية بدل تنزيل فعلي للإصلاحات الموعودة. ما يُلاحظ هو بطء في التفاعل مع الأزمات الاجتماعية (نسبة البطالة مرتفعة أكثر من 13 في المائة)، وارتباك في تدبير بعض الملفات الهيكلية، وكأننا أمام حكومة تخوض آخر أيام ولايتها بحسابات انتخابية أكثر منها إصلاحية. و بالتالي، هناك غياب لرؤية واضحة بآجال محددة، بل حتى أوراش “الجيل الجديد” التي أعلنت عنها الحكومة لم يتم تقييم مخرجاتها بشفافية. كل ذلك في وقت بدأ فيه الشارع يستعيد ديناميته المطلبية. كيف يمكن تقييم مسار آلية دعم التمثيلية السياسية للنساء وتحسين وضعية المرأة عموما؟ > لا يمكن إنكار أن آلية الدعم ساهمت في تحسين الحضور العددي للنساء داخل المؤسسات المنتخبة، لكن هذا التقدم الكمي لم يُواكبه تحول نوعي في التمكين الفعلي أو في ولوج مواقع القرار الحزبي والحكومي. في كثير من الحالات، يتم الدفع بأسماء نسائية إلى اللوائح دون تكوين سياسي أو تقني، ما يضعف أداءهن، ويغذي الصور النمطية حول “عدم كفاءة” النساء. والتالي اصبح هذا يعكس استمرار الثقافة الذكورية داخل الأحزاب، التي تنظر للتمثيلية النسائية باعتبارها التزامًا قانونيًا أو "مكياجا ديمقراطيا”، وليس رهانًا حقيقياً على الكفاءة النسائية. العديد من النساء المنتخبات يتعرضن للتهميش أو الإقصاء الممنهج داخل المجالس، أو يُواجهن عنفاً رمزياً من قبل زملائهن. هذا العنف لا يكون جسدياً فقط، بل في شكل استصغار أو تشكيك في القدرات أو محاولة إقصائهن من دوائر القرار، و بالتالي فإن جل النساء المنتخبات يعانين التهميش داخل الجماعات أو يعاملن كـ”ديكور ديمقراطي” في غياب تمكين حقيقي. في الواقع لازلنا نُراوح مكاننا بين مقاربة التمييز الإيجابي العددي ومحدودية الأثر الفعلي على المشهد السياسي، ما يُحتم مراجعة شاملة لبرامج التأهيل والدعم، ولطرق اشتغال الأحزاب مع مرشحاتها هل تتفقين مع بعض الأصوات النسائية المنددة بالسطوة الذكورية على الأحزاب والمجالس المنتخبة؟ > نعم، أتفق مع هذه الأصوات، ليس من باب التحيّز، بل من منطلق الاعتراف بواقع ميداني لا يمكن إنكاره. السطوة الذكورية داخل الحياة الحزبية والمؤسسات المنتخبة في المغرب ليست فقط مسألة نسبية أو ظرفية، بل هي نتاج بنية ثقافية و تربوية وتنظيمية ما تزال تشتغل بمنطق الهيمنة الذكورية، رغم وجود قوانين متقدمة ودستور يكرس مبدأ المناصفة والمساواة. و هي شكل من أشكال التمركز الذكوري في مراكز القرار، سواء داخل الأحزاب أو المؤسسات المنتخبة، و تتجلى في: تحكّم الذكور في صناعة القرار الحزبي باختيار المرشحين وإعداد اللوائح وتوزيع المسؤوليات التنظيمية، وتهميش النساء داخل المجالس، سواء عبر إقصائهن من لجان المال والميزانية أو من تدبير الملفات الكبرى و حصر عملهن في الشؤون الاجتماعية و الثقافية، ورفض ضمني أو علني لترشح النساء للمهام القيادية، سواء على رأس الجماعات أو ضمن أجهزة التنسيق الجهوية والوطنية. و بالتالي فإن السطوة الذكورية ليست وهمًا نسويا، بل هي واقع مكرّس داخل مؤسسات سياسية لم تُراجع بعد بنياتها الذكورية. تعديل البوصلة التنموية والاجتماعية كيف يمكن أن نتصور المعارضة المطلوبة في البرلمان الحالي؟ > المعارضة لم تعد وظيفة دستورية فقط، بل أصبحت مسؤولية تاريخية في ظل التحديات التي تعرفها البلاد: أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، تصاعد مظاهر الاحتقان، تراجع منسوب الثقة في العمل السياسي، وتزايد الإحساس بالهشاشة لدى فئات واسعة من المواطنات و المواطنين، فنحن لا نشتغل في برلمان عاد، بل في سياق تتسم فيه الأغلبية الحكومية بالتراخي أحيانا، وبالانغلاق أحيانا أخرى، مع غياب واضح للتواصل السياسي الفعال مع المجتمع، وتردد في اتخاذ قرارات شجاعة تجاه الملفات الاجتماعية الكبرى. وهنا بالضبط تبرز أهمية وجود معارضة قوية، يقظة، وذات مصداقية. نحن كفريق اشتراكي معارضة اتحادية لا نعارض من أجل المعارضة، بل من أجل تعديل البوصلة التنموية والاجتماعية، ومن أجل حماية ما تبقى من توازنات ديمقراطية ومجتمعية، في ظل اتساع الهوة بين الحكومة والمواطن. ومن هنا فإننا نسعى داخل المعارضة، من موقع المسؤولية، إلى ربط العمل البرلماني بالتأطير الميداني، والإنصات المباشر للمواطنين، حتى لا يتحول البرلمان إلى جزيرة معزولة عن انتظارات الناس. الاستمرارية لا تعني الجمود دخل الاتحاد الاشتراكي مخاض سباق الكتابة الأولى، كيف يمكن تقيم المسار المقبل على المستوى التنظيمي والسياسي ؟ > أعتقد أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعيش اليوم لحظة سياسية وتنظيمية تصاعدية متميزة، لكنها ليست لحظة أزمة كما يروج البعض، بل هي لحظة تحول وتثبيت، عنوانها الأساسي: الاستمرارية مع التجديد. نحن بحاجة اليوم إلى قيادة تدرك السياق الوطني والإقليمي، وتوازن بين الوفاء للمبادئ الاتحادية، والانخراط الواعي في تحديات المرحلة، وهذا لا يعني أن المسار كان بدون صعوبات، لكن المؤكد أن هناك تراكما إيجابيا يجب البناء عليه، لا هدمه. والاتحاد اليوم ليس مطالبا بتغيير جذري في قيادته، بل بمواصلة العمل السياسي والنضالي في سياق معقد، يتطلب نضجا سياسيا، لا مغامرات أو قطيعة. الاستمرارية هنا لا تعني الجمود، بل تعني الحفاظ على التراكم التنظيمي والسياسي الذي بُني طيلة عقد من الزمن، وتطويره عبر ضخ دماء جديدة في الأجهزة، وفتح المجال أمام الطاقات النسائية والشابة، دون المساس بتماسك الحزب ووحدته الداخلية. من موقعي نائبة برلمانية من الاتحاد، أرى أن الفريق البرلماني نجح في تقديم معارضة واقعية، جادة، ومتزنة، عكست خط الحزب وأطروحاته الاجتماعية والاقتصادية، ودافعت عن الفئات المتوسطة والهشة بجرأة ووضوح. وهذا الأداء البرلماني لم يكن معزولا، بل نابع من قيادة سياسية تمتلك رؤية وتوجيها إستراتيجيا واضحا، وهو ما يُحتم علينا اليوم الحفاظ على هذا الخط السياسي، الذي أصبح واضح المعالم ومنسجما مع تاريخ الحزب وموقعه الحالي. ضعف تأثير النقاش البرلماني هل أنتم راضون عن حصيلة العمل البرلماني في الولاية التشريعية الجارية ؟ > بكل موضوعية، لا يمكن أن نقول إننا راضون تماما عن حصيلة العمل البرلماني خلال هذه الولاية. فرغم توفر الآليات الدستورية، وتعدد مجالات الاشتغال داخل المؤسسة التشريعية، إلا أن الأداء البرلماني لم يرق بعد إلى مستوى اللحظة، ولا إلى حجم الانتظارات المجتمعية المتزايدة. أحد أبرز أوجه القصور يتمثل في ضعف أثر النقاش البرلماني على توجهات السياسات العمومية. كثير من الجلسات تُعقد، وكثير من الأسئلة تُطرح، لكن يبقى الأثر محدودا في التوجيه أو التصحيح أو التأثير في القرار الحكومي الفعلي. الأغلبية البرلمانية، التي يفترض فيها أن تواكب العمل الحكومي وتدافع عنه بمواقف سياسية راشدة، تمارس دورها بشكل باهت وتقني، وتفتقر للجرأة والمبادرة، ما يجعل البرلمان و كأنه فضاء لتمرير القوانين دون نقاش جدي أو تعديلات جوهرية. رغم الجهد الذي تبذله فرق المعارضة في الرقابة على السياسات العمومية، إلا أن أدوات الرقابة ما زالت محدودة الأثر، سواء بسبب ضعف تجاوب الحكومة مع الأسئلة البرلمانية، أو بسبب تأخرها في تقديم المعطيات، أو عدم احترامها الآجال القانونية في عدد من الملفات. كما أن لجان تقصي الحقائق، والمهمة الاستطلاعية، رغم أهميتها، لم تفعل بالقدر الكافي الذي يضمن رقابة فعالة وشفافة وضع يشجع على العزوف عاد جدل القوانين الانتخابية إلى الواجهة استعدادا لاستحقاقات 2026 و2027، هل تتفقون مع الرأي الداعي إلى تغيير نمط الاقتراع ؟ > ما كشفته انتخابات 2021 من ضعف المشاركة، وهيمنة المال، وغياب البرامج السياسية الجادة، يُحتم علينا إعادة النظر ليس فقط في القوانين، بل في المنطق العام الذي تدار به الانتخابات، من لحظة التهييء إلى إعلان النتائج. ولهذا، أؤيد فتح نقاش وطني واسع، تشارك فيه الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، حول منظومة انتخابية جديدة تمكن المواطن من الشعور بأن صوته له وزن، وأن المؤسسات المنتخبة تمثله فعلا لا شكليًا. وإذا أردنا فعلا أن نعيد الاعتبار للعملية الانتخابية، وأن نعزز ثقة المواطن في المؤسسات المنتخبة، فلا بد من فتح نقاش وطني صريح حول نمط الاقتراع الأنسب: هل نبقي على اللائحة؟ أم نعود إلى الفردي في بعض الجماعات؟ وربط التمثيلية بحجم المشاركة وليس بعدد المسجلين، لأن الوضع الحالي يشجع على العزوف ويفرغ التصويت من قيمته، وتعزيز النزاهة السياسية عبر محاربة المال الانتخابي بقوة القانون، وتفعيل المساءلة في حق من يثبت تورطه في استمالة الأصوات بطرق غير قانونية. فرص مهدورة في طنجة كيف تقييمين حصيلة الولاية الحالية بجماعة طنجة ؟ > بصفتي مستشارة عن الفريق الاشتراكي في المعارضة داخل جماعة طنجة، يمكن القول إن حصيلة الولاية الحالية لا ترقى إلى مستوى انتظارات سكان المدينة، ولا تعكس حجم الإمكانيات المتوفرة ولا خصوصية طنجة مدينة إستراتيجية، ومركزا اقتصاديا وسياحيا له طموحات تنموية كبيرة. إننا نسجل بأسف أن هذه الولاية كانت، في جانب كبير منها، ولاية الفرص المهدورة والتدبير المرتبك، حيث طفا منطق الحسابات السياسية الضيقة، وضعف المبادرة، وغياب التصور الإستراتيجي المندمج لتأهيل المدينة. منذ بداية الولاية، برز بشكل واضح أن الأغلبية المسيرة تفتقر لرؤية تنموية شاملة، كما أن طريقة اشتغالها اتسمت بالمزاجية والارتجال، وضعف الانسجام الداخلي بين مكوناتها. فبدل التركيز على بلورة برنامج عمل طموح، اشتغلت الجماعة بمنطق “تدبير الملفات اليومية”، دون أفق بعيد المدى، ودون إشراك حقيقي للمعارضة. طنجة بحاجة ماسة إلى مشاريع مهيكلة في مجالات النقل الحضري، وتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز والترفيه والبنيات الثقافية والبنية التحتية الرياضية والنقل المستدام والرقمنة. لكن، مع الأسف، الولاية الحالية لم تحقق تقدما ملموسا في معظم هذه الملفات، بل عرف عدد من المشاريع تعثرا كبيرا أو تجميدا غير مبرر، في غياب توضيح الأسباب للرأي العام. في سطور - من مواليد طنجة - حاصلة على دكتوراه في القانون العام تخصص الجهوية المتقدمة ومبادرة الحكم الذاتي. - مقاولة - نائبة برلمانية عن الفريق الاشتراكي (المعارضة الاتحادية). - مستشارة بجماعة طنجة - نائبة رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة سابقا. - مستشارة بديوان وزير الشؤون الخارجية والإفريقية ومغاربة العالم سابقا. - فاعلة جمعوية.

الدمناتي: القطيعة مغامرة خطيرة على الاتحاد

البرلمانية الاتحادية قالت إن الحزب ليس مطالبا بتغيير جذري في قيادته في سياق يتطلب نضجا سياسيا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صحوة ضمير تفضح السطو على عقارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات