الملك يرفض “الحملة” في محيط القصر

المزايدات السياسية حولت برامج محاربة الهشاشة إلى وعود انتخابية كانت الغضبة الملكية بخصوص مشروع تنظيم الباعة المتجولين بالرباط كافية للكشف على أن حسابات الحملات الانتخابية السابقة لأوانها أخرجت المشاريع التي يشرف عليها الملك من سكتها ودخولها مزاد السياسة عوض الامتثال لمقتضيات برامج محاربة الهشاشة الاجتماعية منذ 2005 تاريخ الإعلان عن انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية.ولم تقف اختلالات المشروع المغضوب عنه عند حدود عدم الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في مخططات البرنامج الوطني لاقتصاد القرب، بل وصلت إلى طريقة توزيع منشآته على المستهدفين، إذ كشفت مصادر من مجلس الرباط أن الأسماء الواردة في لائحة المستفيدين توضح ترجيح كفة المنتمين والمتعاطفين مع حزب رئيس الحكومة، ويأتي أتباع جماعة العدل والإحسان في الرتبة الثانية الأمر الذي أشغل فتيل الاحتجاج بين صفوف باقي المرشحين. الأكيد أن منطق الحملة أفسد مشاريع مماثلة في عدد من المدن آخرها، إذ تعددت الاحتجاجات وتناسلت، كما وقع أخيرا بمكناس عندما فجرت سمسرة غامضة لدكاكين السوق الجماعي بحي البساتين غضب العشرات من الباعة المتجولين، الذين لم يترددوا في تنظيم مسيرة احتجاجية نحو مقر ولاية جهة مكناس تافيلالت، مطالبين بإعادة السمسرة والضرب على يد المتلاعبين، ومنددين باستحواذ المحسوبين على أعضاء في المجلس البلدي على 90 في المائة من الدكاكين من المشروع المذكور.وتسببت الوعود التي أصر بعض المنتخبين على توزيعها مع اقتراب موعد الاستقاقات المحلية المقبلة في إغراق مناطق متعددة في مواجهات بين الباعة المتجولين والسلطات المحلية، كما حدث في خريبكة عند ما نظم فيها "الفراشة" مسيرة انطلقت من وسط المدينة في اتجاه مقر عمالة الإقليم، رافعين شعارات تنديدية بما وصفوه بالتضييق عليهم، من قبل قائد الملحقة الإدارية الثانية، الذي منعهم من عرض سلعهم بشارع مولاي اسماعيل.كما أشعلت عدوى المزايدات السياسية رماد ظاهرة أخرى لا تقل خطورة، إذ تحركت شبكات البناء العشوائي مع اقتراب المواعد الانتخابية، خاصة في العمالات التابعة لتراب جهة الدار البيضاء الكبرى، إذ أن بدأت البنايات الحديثة تتناسل ليلا، سيما في الدواوير التابعة لعمالة النواصر وعين الشق على امتداد جنبات الطريق السيار الجانبي. أكثر من ذلك، قرر أعضاء لجنة الداخلية بمجلس النواب تأجيل المصادقة على مشروع القانون رقم 12.66، المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، الذي تقدمه به نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، قبل أزيد من سنة، ليعود إلى قاعة الانتظار مباشرة بعد الإعلان الرسمي عن موعد الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية. ويتضح أن الأحزاب رضخت لضغط المطامح الانتخابية، خاصة في الأحياء الشعبية المحيطة بالمدن الكبرى، وذلك رغم التخوفات التي عبر عنها النواب بخصوص إقبار مشروع القانون، الذي يتضمن عقوبات تروم محاربة البناء العشوائي.وحركت الغضبة الملكية مصالح وزارة الداخلية من أجل استنفار رجال السلطة وأعوانها وكافة موظفي الإدارة الترابية، تحت المسؤولية المباشرة للولاة والعمال، عن القيام بأي عمل يمكن أن يفسر كدعم مباشر أو غير مباشر لهيأة سياسية بعينها أو مرشح معين، مع الاحتراز من الوقوع في أي موقف يمكن أن يستشف منه عدم قيام الإدارة بواجبها.ولم تتردد الوزارة في اتخاذ التدابير الاحترازية الوقائية، بما في ذلك تشكيل لجنة مركزية للمتابعة ودراسة الشكايات الصادرة عن الهيآت السياسية ومنظمات المجتمع المدني وعموم المواطنين في موضوع الحملات السابقة لأوانها، مع مواكبة الحالات المثارة والتحقق من جميع الخروقات والمخالفات الانتخابية المرتكبة واتخاذ ما يلزم إزاءها.ياسين قُطيب

الملك يرفض “الحملة” في محيط القصر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رقم معاملات سنوي بقيمة 45 مليار درهم

"الفراشة"... غضبة الملك كشفت المستور

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات