يبذل إطار بنكي كبير كل ما في وسعه ليتمكن من الحصول على رضى حارس الحانة ويسمح له بالولوج إليها. اعتاد كل يوم على الساعة الخامسة عصرا أن يأتي متأبطا جريدته المفضلة ويتجه نحو منصة الحانة لا يتحدث مع أي أحد يطلب جعته ويبدأ في حل الكلمات المسهمة باللغة الفرنسية. هذا السلوك جر عليه حنق مرتادي هذه الحانة التي توجد في أحد أزقة المعاريف، الذين أصبحوا يفعلون كل ما بوسعهم من أجل إثارة غضبه لينفجر صاخبا منتقدا السلوك غير "المتحضر" من وجهة نظره لهؤلاء الأشخاص. ويضطر حارس الأمن بالحانة "الفيدور" إلى سحبه من ذراعيه واصطحابه إلى خارج الحانة ومنعه من الرجوع إليها. الأشخاص الذين يعرفونه عن قرب يؤكدون أنه الآمر الناهي بالمؤسسة البنكية التي يعمل بها وأن كل معاونيه من مهندسين وإعلاميين وخبراء ماليين يتحاشون ارتكاب كل ما يمكن أن يقلقه، لأنه لا يتساهل في العمل والكل يشهد له بالكفاءة، رغم انتقادهم لطريقة تعامله مع العاملين تحت إمرته. إنسان يتوفر على كل الميزات والمؤهلات التي تجعل مسؤولي المؤسسة البنكية يضعون كل ثقتهم فيه، سرعان ما ينقلب، عندما يخرج من عمله إلى حمل وديع يعمل كل ما بوسعه من أجل إرضاء "البارمان" لتفادي أن يقدم مرة أخرى على طرده من الحانة، يمنحه الإتاوات والهدايا للسماح له بالولوج وعدم إخراجه مرة ثانية.رغم أنه يحاول جاهدا عدم إثارة أي ضجيج، فإن مرتادي هذه الحانة أصبحوا يتلذذون بإزعاجه وإثارة حنقه، فالبعض يتسلل إلى صندوق الموسيقى (آلة يتعين إدخال النقود إليها واختيار الأغنية المطلوبة) ويؤدي مبلغا مهما لاختيار أكبر عدد من الأغاني الشعبية المزعجة للإطار البنكي. يكابد طويلا ويتحمل صخب هذه المقاطع الغنائية ر غم تأففه المتكرر، وذلك لتفادي أي ملاسنات أو إثارة ما يمكن أن يقلق المكلف بحراسة الحانة، لكن تكرار التجربة ووعيه أن الأمر ليس بمحض الصدفة بل مع سبق الإصرار والترصد، جعله ينفجر ساخطا ويتكرر السيناريو، ليدخل "الفيدور" ويجره من يديه خارج الحانة. ويشرع الإطار الذي يهابه كل العاملين تحت إمرته في التودد لحارس الحانة لكي يعفو عنه.ع. ك