رئيس جهة مراكش تانسيفت الحوز أمام الجنايات بتهم ثقيلة ضمنها تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير تحفل محكمة الاستئناف بمراكش بعدد مهم من المتابعات والمحاكمات القضائية التي يتابع فيها المتهمون في ملفات الفساد، سواء تعلق الأمر باختلالات مالية وقانونية شابت التدبير العمومي، أو بـ "تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة والتزوير واستعماله"، وما يؤكد ذلك جلسات المحاكمة التي يكون محورها الرئيسي منتخبون، منهم من يحاكم في حالة اعتقال أو يتابع في حالة سراح أمام محاكم جرائم الأموال. إعداد: محمد بها إذا كان هناك رؤساء جماعات وجهات ومجالس إقليمية ومنتخبون قد كان مصيرهم الخضوع لمساطر العزل فقط، لارتكابهم أخطاء قاتلة في تسيير الشأن العام، بعد الاستقواء بصلاحيات ممنوحة وفق القانون، فإن آخرين وجدوا أنفسهم بعد مرور سنوات على انتهاء مدتهم الانتدابية "مجرجرين" أمام محاكم جرائم الأموال لارتكابهم خروقات واختلالات تكتسي صبغة جنائية، تتمثل في اختلاس وتبديد أموال عمومية، بسبب استغلال النفوذ في صفقات مشبوهة وكذا تضييع المال العام في أهواء شخصية، ترتبط بالاستفادة من حياة "البريستيج" ومجاملات للمعارف والشخصيات المرغوب في التودد لها، وهي الأفعال الإجرامية التي افتضحت في سياق يتسم بإعادة تحريك مختلف الملفات المرتبطة بالفساد وسوء التدبير، تفعيلا لشعار "القطع مع سياسة الإفلات من العقاب". من بين ملفات جرائم الأموال التي قررت "الصباح" تسليط الضوء عليها، في محاولة لسبر أغوارها، قضية الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز التي صارت تعرف حاليا باسم جهة مراكش آسفي، والذي مازال يحاول نفي التهم الموجهة إليه، بعد قرار متابعته في حالة سراح في ملف جنائي ابتدائي يتعلق بـ""تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة والتزوير واستعماله وإتلاف وثائق من شأنها الكشف عن جناية". وستعقد غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في 11 أبريل المقبل، جلسة جديدة لمحاكمة عبد العالي دومو الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا (جهة مراكش آسفي حاليا)، حيث ستعقد جلسة المحاكمة بحضور المتهم بعدما تعهد دفاعه بذلك وإنجاز الخبرة. وموازاة مع التأجيل فإن التسريع بإنجاز الخبرة المحاسباتية تنفيذا لقرار استبدال الخبير بخبير آخر الذي أمرت به المحكمة وتبليغ الخبير الجديد بنسخة من القرار التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 03/11/2023 وحثه على انجاز مهمته وفق العناصر والنقاط الواردة بالقرار التمهيدي، أمور يعول عليها لبسط ملابسات القضية. ومن خلال جلسات المحاكمة التي يتابع فيها الرئيس الأسبق لجهة مراكش، في حالة سراح أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يتضح أن الملف يحمل عناصر "التشويق والإثارة"، بعدما سيتم الكشف عن عناصر إثبات ضد الرئيس الأسبق المتهم، الذي يحاول تبرئة نفسه من التهم الموجهة إليه والمرتبطة بتسييره شؤون جهة بأكملها. اختلاس أموال عمومية والتزوير من بين التهم الثقيلة التي تطوق عنق الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز، جنايات تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير واستعماله وإتلاف وثائق، من شأنها الكشف عن جناية. وتأتي محاكمة عبد العالي دومو، بعد أن قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، متابعته من أجل "تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة والتزوير واستعماله وإتلاف وثائق من شأنها الكشف عن جناية"، وإحالته على يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة، المكلفة بجرائم الأموال، لإجراء تحقيق في مواجهته من أجل المنسوب إليه. وبعد انتهاء التحقيق التفصيلي مع المتهم، قرر قاضي التحقيق إحالته على غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم المال العام لبدء محاكمته في 15 شتنبر 2022، بجناية "تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، والمشاركة في اختلاس وتبديد أموال عمومية، والتزوير في محرر رسمي واستعماله، وإتلاف عمدا الوثائق وصورها الرسمية وإتلاف عن علم وثيقة عامة"، وهي الأفعال الإجرامية التي مازالت المحكمة تحاول سبر أغوارها في محاكمة طويلة قبل إصدار الحكم في حق المتهم ومن يثبت تورطه ضمن الملف. وتعود تفاصيل القضية، إلى الشكاية التي تقدم بها المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام بجهة مراكش آسفي، في 2015، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تتعلق باختلالات مالية وقانونية شابت التدبير العمومي لجهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا، التي كان يرأسها عبد العالي دومو، قبل التقسيم الحالي، الذي جعل الجهة تحمل اسم (مراكش آسفي). وأحيلت الشكاية على الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، التابعة للفرقة الوطنية، وبعد انتهاء البحث التمهيدي أحالت الفرقة المذكورة نتائجه على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الذي اتخذ إجراءاته قبل إصدار قرار الإحالة. وحسب الشكاية التي تتوفر "الصباح" على نسخة منها، فإن المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام، قام بدراسة وتحليل المعطيات الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات الخاص ب2010، فتأكد له أنها مخالفات ذات طبيعة جنائية تتطلب تحريك المتابعات القضائية في حق كل المتورطين المفترضين في تلك الوقائع. المال العام لاستضافة عائلات وشخصيات تضمنت الوقائع التي وقفت عليها الجمعية المغربية لحماية المال العام، أداء الرئيس الأسبق لمجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا، مصاريف إيواء شخصيات وعائلات في فنادق فخمة دون أن تربطها أي علاقة بالجهة أو تقديم خدمة لها، وهو ما يشكل جناية تبديد المال العام. كما عمد رئيس جهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا، حسب الشكاية إلى أداء مصاريف إيواء أشخاص بفنادق مصنفة من مال الجهة، وفي فترات مختلفة بمناسبة العطل السنوية، دون أن تكون لهؤلاء الأشخاص أي علاقة بالجهة، أو يقدموا أية خدمة كيفما كان نوعها لها، إذ كانت مصاريف إيوائهم تؤدى من المال العام، بينها مصاريف إيواء واستقبال في غرفتين مزدوجتين بفندق بأكادير بين 2غشت 2007 إلى 17 غشت 2007، بموجب طلب الحجز رقم 777 بتاريخ 16 يوليوز 2007. وليس هذا فحسب، إذ شدد حماة المال العام، على ارتفاع مصاريف الإقامة والإطعام والاستقبال ومصاريف تنقل أعضاء مجلس الجهة بشكل مبالغ فيه، في ظل غياب وثائق مبررة لذلك، مع تضمين بعض سندات الطلب خدمات لا علاقة لها بالوقائع، وهي المعطيات التي تم الوقوف عليها في التحقيقات القضائية التمهيدية. تلاعبات احترافية لتمرير صفقات مشبوهة من الأمور التي يتهم فيها الرئيس الأسبق، لجوؤه إلى تنفيذ مخططات احترافية لعدم إثارة الشك، بقيامه بتقسيم صفقة عمومية واحدة إلى ثلاث صفقات للتهرب من مصادقة سلطة الوصاية ومسطرة التدقيق المفروضة على الصفقات، التي يتعدى مبلغها خمسة ملايين درهم، من أجل تأهيل قاعة الاجتماعات والتي لا تحتاج إلى أي تأهيل، مع التعامل ظاهريا مع شركتين مختلفتين، والحال أن الشركتين يسيرهما شخص واحد، وكراء محلات سكنية يستغلها رئيس الجهة الأسبق والكاتب العام للجهة دون أي سند قانوني يبرر ذلك، إذ كان يتم أداء واجبات الكراء على أساس أنها بنايات إدارية، رغم أنها مخصصة للسكن. ووجهت لرئيس مجلس الجهة اتهامات باقتناء عقار دون استغلاله وتحفيظه وإبرام اتفاقية معاوضة مع المجلس الجماعي لمراكش، من أجل تفويت جزء من البناية، التي تحتضن مقرها مقاطعة سيدي يوسف بن علي، اتضح في ما بعد أنها لا تصلح لتكون مقرا، رغم إنفاق مبالغ مالية ضخمة، وتقديم منح ومساعدات لبعض الجمعيات دون أي معايير وفي غياب وثائق محاسباتية، وهي المنح التي تثير تساؤلات وملاحظات، من أهمها عدم تتبع ومراقبة استعمالات المنح والمساعدات وعدم الاطلاع على الوثائق المحاسباتية للجمعيات المستفيدة. خبرة حسابية لكشف ملابسات ملف ثقيل لكشف ملابسات ملف مثقل بعدد من المعطيات الغامضة التي تحتاج إلى فك رموزها، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، حكما تمهيديا في ملف عبد العالي دومو الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا (جهة مراكش آسفي حاليا)، يقضي بإجراء خبرة حسابية، ستكون نقطة الضوء، للوصول إلى حقائق سبق أن اتهم الرئيس الأسبق بمحاولة إخفائها، بعد إتلافه وثائق من شأنها الكشف عن جناية. وجاءت متابعة دومو على ضوء "خروقات" رصدها تقرير المجلس الجهوي للحسابات خلال فترة رئاسة المتهم لمجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز مابين 2003 و2009، والتي كانت محل شكاية وجهت في 2016 إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف. تحت سلطة الوالي... مسؤولية مشتركة أثار قرار محاكمة دومو بعد مرور سنوات على انتهاء مدته الانتدابية، صدمة كبيرة لدى المتهم الذي يضع يديه على قلبه خوفا من أن تنتهي محاكمته بإيداعه السجن، بعد أن تقررت محاكمته في حالة سراح بتهم ثقيلة، حول تورطه في خروقات تكتسي صبغة جنائية، وهي الصدمة التي دفعته للخروج لتوضيح مجموعة من المعطيات التي تضمنت المطالبة بضرورة محاسبة الوالي باعتباره من كان آمرا بالصرف. واعتبر دومو في خرجة إعلامية سابقة، أن محاكمته بعد التقاعد ذات صبغة سياسية، إذ شدد المتهم على أن القانون الذي اشتغل في إطاره يضع مهمة الآمر بالصرف تحت سلطة والي الجهة، مشيرا إلى أن القانون 96-47 المنظم للجهات، الذي اشتغل في إطاره، يحمي رئيس الجهة من كل ما يمكن أن يحيط بالمجلس من اختلالات. وأورد الرئيس السابق لمجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز، أن ما يتعرض له "هو استهداف ظالم من أجل أجندات سياسية أو تصفية حسابات شخصية"، واستدل على ذلك "بالانتقائية في المساءلة". وأوضح دومو أن "الرئيس هو المسؤول السياسي عن المقررات التي يعتمدها المجلس عبر التصويت بالأغلبية، لكن صرف الأموال من أجل تنفيذ تلك المقررات وتدبير وتتبع هذا التنفيذ من اختصاص والي الجهة بصفته الآمر بالصرف".