رئيس الحكومة كشف أمام المستشارين مؤشرات تحسن عيش الأسر وتحفيز منظومة الشغل أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة أمام أعضاء مجلس المستشارين أن الآفاق الواعدة للانتقال الاقتصادي على طريق تحقيق طموحات "مغرب المستقبل" لم تكن بالنسبة للحكومة مجرد التزام سياسي ثانوي، بقدر ما اعتبرت الجواب الضروري والملح الذي فرضته الظرفية الدولية والوطنية. وسجل رئيس الحكومة أمس (الثلاثاء) في جلسة عمومية خصصت لموضوع تطور المؤشرات الاقتصادية والمالية للمملكة وتعزيز مكانتها، أنه كان على الحكومة التوجه نحو بناء "منظومة اقتصادية تضع الإنسان في صلب العملية التنموية" وهو المعطى الذي ساهم تدريجيا في تحسين عيش الأسر وتحفيز منظومة الشغل لصالح الشباب، مع الاستغلال الجيد للمؤهلات الوطنية وتمويل الحاجيات الاجتماعية، وهو ما وصفه أخنوش بالذكاء الاقتصادي الذي جعل من المغرب مرجعا لدى العديد من المؤسسات الدولية ونموذجا قادرا على إنتاج عوامل إيجابية محفزة للسلوك الاستثماري ببلادنا ويوفر للمقاولات الوطنية أرضية ملائمة للاستمرار والابتكار. إنجاز : ياسين قُطيب جدد أخنوش التأكيد على سعي الحكومة للمساهمة في بناء "مغرب المستقبل" وتهييئ الأرضية المناسبة لتنزيل الخيارات الكبرى للمملكة، معتبرا أن هذه الطموحات المشروعة نابعة من صلب التصور الملكي السامي الذي يبتغيه جلالة الملك إطارا تنمويا لمستقبل البلاد، وأن الرؤية الملكية كانت حافزا مباشرا نحو بلوغ نموذج اقتصادي صاعد، وبناء علاقات وطيدة بالعالم تكرس مكانة المغرب القارية والإقليمية. 1 - دعامات التحول التنموي أوضح أخنوش بأن الدينامية الانتقالية، التي قادها جلالة الملك ساهمت في تحديد معالم التحول التنموي بالبلاد وفق ثلاث دعامات أساسية: تتمثل أولاها في النجاح في توطيد الخيار الاجتماعي من خلال مراجعة نموذج سياساتها الاجتماعية، باعتبارها آلية لترسيخ الثقة وتكريس مناخ اجتماعي سليم وهو ما جعل القطاعات الاجتماعية أكثر مسؤولية وفعالية ومواكبة لتطورات المجتمع. وتجسدت الدعامة الثانية في رفع تحديات الحفاظ على التوازنات الاقتصادية، عبر تعبئة مسلسل من المبادرات الهيكلية، التي كان لها وقع مباشر على تحسين مردودية الاقتصاد الوطني وتعزيز صموده في مواجهة مخاطر الظرفية، في حين ارتكزت الدعامة الثالثة على تعميق الاندماج الدولي للمغرب وانفتاحه المتزايد على محيطه الإقليمي، وهو ما يعكسه الوضع المتقدم الذي تشهده مكانة المملكة. وقال أخنوش إن هذه المكتسبات "تعطينا الثقة والأمل في المستقبل"، كما أكد على ذلك جلالته لمناسبة عيد العرش الماضي عندما أبرز في خطابه أن "التحديات التي تواجه بلادنا، تحتاج إلى المزيد من الجهد واليقظة، وإبداع الحلول، والحكامة في التدبير"، مضيفا أنه من خلال تلك التوجيهات تؤكد الحكومة التزامها بمواصلة عملها ومضاعفة جهودها بشكل يرقى إلى خدمة التطلعات الوطنية، وبلورة مخططات تسهم في التطوير الشامل للبلاد، أكثر إنصافا وعدالة. 2 - توجه تنظيمي جديد أكد أخنوش على أن تكريس الصورة الإيجابية للمغرب، يحتاج إلى تهيئة الظروف الملائمة لتحديث منظومتنا التدبيرية وتقوية مداخلها المؤسساتية، على اعتبار أن الدفع بالنموذج المغربي في مجال الحكامة المؤسساتية نحو مستوى متقدم كان وسيظل القلب النابض لعمل الحكومة بشكل مكن من تعزيز نجاعة التدخلات العمومية ومصاحبة الإصلاحات التي تم إطلاقها، إذ لا يكفي اليوم التوفر على مشاريع وبرامج قطاعية واعدة فقط، بقدر الحاجة الماسة إلى ترسيخ توجه تنظيمي جديد، يقوم على آليات فعالة لقيادة الأوراش المفتوحة وتتبعها، مع ضمان إنجازها الميداني. فنظرا للطابع الأفقي لمختلف السياسات والبرامج القطاعية، عملت الحكومة على توطيد مبادئ العمل التشاركي وضمان التكامل لمجموع تدخلاتها، من خلال الحرص الشديد على مأسسة آليات القيادة والتتبع بشكل يروم تعبئة الذكاء الوطني وخلق الالتقائية بين مختلف القطاعات، إذ تم إعطاء نفس جديد لمجموعة من اللجن البين قطاعية وتنويع أساليب اشتغالها بما ينسجم مع الخصوصيات الترابية والقطاعية. 3 - تحسن المؤشرات المالية وبخصوص تحسين المؤشرات المالية ببلادنا فقد كانت الحكومة على وعي تام بأهمية تكريس الحكامة المالية وبآثارها الاقتصادية والاجتماعية، وفق مقاربة تراعي تعزيز كفاءة تدبير الميزانيات وإضفاء المزيد من الشفافية على منظومة المالية العمومية. فمنذ بداية الولاية الحكومية تم الحرص على إقرار جيل طموح من البرامج، وفق مقاربات مندمجة ترتكز على منطق النتائج. وهي النتائج التي لمسها الجميع في تنفيذ المشاريع المهيكلة وعلى رأسها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي استفاد من المراجعة الحكومية العميقة لمختلف برامج الدعم الاجتماعي السابقة التي كان يعتريها التشتت وعدم التجانس، لاسيما من خلال تجميع الموارد المرصودة وإعادة توجيهها بشكل معقلن وتأهيل منظومة الاستهداف الاجتماعي للأسر المعنية. ويعكس المسار الجديد من العمل الاجتماعي حسب أخنوش مصداقية الالتزامات الحكومية، التي ستتضح ملامحها من خلال مأسسة آليات الحوار الاجتماعي الذي أسفرت مختلف جولاته عن دعم الطبقة الشغيلة والحفاظ على قدرتها الشرائية، عبر مخصصات مالية تجاوزت 45 مليار درهم، فضلا عن تكريس الحكامة التي كان لها وقع بالغ في تأهيل قطاعات التربية والتكوين والصحة، سواء من خلال الرفع التدريجي لميزانياتها، أو عبر إعادة هيكلتها وفق مخططات تروم الرفع من جودة التكوين وتحسين الخدمات الاستشفائية، مع توزيعها بشكل يضمن العدالة المجالية. وأثبتت الرؤية الحكومية نفسها نجاعة في ما يتعلق بالقطاعات الإستراتيجية، إذ أصبح المغرب عنوانا رئيسيا لنجاح الاقتصاد الوطني ودعامة لمختلف تحولاته، مما سيمنحه مزيدا من المرونة والتنافسية والاستدامة. 4 - دعم الأسعار رغم الضغوطات العديدة التي مست منظومة تمويل السياسات في مختلف بلدان العالم، أكد رئيس الحكومة أن 2025 ستكون سنة للطموح والاستمرارية تسعى الحكومة من خلالها إلى تحصين النتائج المشرفة التي تحققت خلال السنوات الماضية، ومواصلة الجهود للحفاظ على استدامة ماليتنا العمومية، بواسطة تدابير استثنائية للحفاظ على وتيرة تنفيذ المشاريع الكبرى من خلال تعبئة مخصصات الاستثمار العمومي وفق خط تصاعدي والتي بلغت ما يناهز 340 مليار درهم، في إشارة إلى ما سيعرفه التوزيع الجهوي للاستثمار من نقلات نوعية سيكون لها دور مباشر في تحسين دينامية التنمية الترابية والرفع من معدلات العدالة المجالية، مسجلا أن المنحى الإيجابي تأكدت فعاليته الاقتصادية من خلال التحكم في معدلات التضخم بل وتسجيل تراجعها التدريجي إلى أقل من 1 في المائة خلال السنة الماضية، بعدما تجاوزت نسبته 6 في المائة خلال 2022 و2023، بفضل الإجراءات الموجهة لدعم الأسعار والمدخلات الفلاحية. 5 - إعادة توزيع وتقليص الفوارق اعتبر رئيس الحكومة أن الأصداء الطيبة الصادرة عن تقارير المؤسسات الدولية خير دليل على ذلك، حيث أن التطور التدريجي لطرق صرف المال العام وضبط التوازنات الماكرو - اقتصادية ببلادنا أصبح أمرا واقعا، بل ومؤشرا مميزا لليقظة الإستراتيجية لماليتنا العمومية. وهو ما أشار إليه التقييم الأخير لمنظومة تدبير المالية العمومية في إطار آلية "الإنفاق العام والمساءلة المالية" الذي أبرز، في شتنبر الماضي، التطورات المهمة التي سجلها المغرب في هذا المجال. وعززت الحكومة من جهودها في ما يتعلق بالتسريع بتنزيل محاور القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، باعتباره البوابة الأساسية لاستعادة دينامية الموارد المالية، وتحقيق العدالة الضريبية، إذ انكبت على تنفيذ هذا الإصلاح وفق أولويات وطنية محددة، وبرمجة زمنية متعددة السنوات، عبر إدخال مجموعة من التدابير الضريبية تهم أساسا إقرار الإصلاح الشامل لأسعار الضريبة على الشركات بشكل تدريجي، وهو ما سيمنح المستثمرين والمقاولة شروطا ضريبية مبسطة وشفافة ومحفزة للأنشطة الإنتاجية والمقاولاتية مع إحداث المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول التي تساوي أو تفوق مليون درهم، بغية إعادة التوزيع الفعال وتقليص الفوارق وتعزيز العدالة والتماسك الاجتماعي. وتحقيقا للهدف الاجتماعي للضريبة، تواصل الحكومة تعميم الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة، ليشمل مجموعة من المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، دعما للقدرة الشرائية للأسر وضبط آثار التضخم على السوق الوطني، فضلا عن التوحيد التدريجي لأسعار الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على المقاولات للتخفيف من تأثيرها على النشاط المقاولاتي وتسهيل إدماج القطاع غير المهيكل، ووضع تدابير تهم توسيع نطاق التطبيق ومكافحة مختلف أشكال التهرب الضريبي. 6 - تخفيف العبء الجبائي تواصل الحكومة مجهوداتها من أجل تخفيف العبء الجبائي عن أصحاب الأجور والدخول المعتبرة في حكمها والمتقاعدين، عبر مراجعة الجدول التصاعدي لأسعار هذه الضريبة بهدف دعم الموظفين والأجراء، لاسيما دخل الطبقة المتوسطة، عبر رفع الشريحة الأولى من الدخل السنوي المعفاة من الضريبة من 30.000 إلى 40.000 درهم، قصد تمكين الأجور التي تقل عن 6.000 درهم شهريا من الإعفاء. مع مراجعة الشرائح الأخرى للجدول بهدف توسيعها وتخفيض أسعار الضريبة المطبقة عليها، مما سيترتب عنه تخفيض قد يصل إلى 50 % من هذه الأسعار، مع تخفيض السعر الهامشي من 38 % إلى 37. وتعزيزا للثقة بين الإدارة الضريبية والملزمين، كشف أخنوش أن الحكومة فتحت باب التسوية الطوعية من أجل ضمان اندماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد المهيكل والرفع من شفافية الدخول. وقد مكنت حصيلة هذه العملية من التصريح بأكثر من 125 مليار درهم، ستعزز خزينة الدولة بما يفوق 6 ملايير درهم، إضافة إلى تكثيف الجهود لتنزيل الإصلاح الشامل والإستراتيجي لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، ترسيخا للخيارات الإصلاحية واستجابة للدعوة الملكية السامية الرامية لإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية لهذا القطاع. وفي أفق تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهام هذه المؤسسات، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي تقوية يقظتها الإستراتيجية، أوضح أخنوش أن المبادرات التشريعية والتنظيمية والحوارات الإستراتيجية التي أطلقتها الحكومة، خلصت إلى إقرار السياسة المساهماتية للدولة التي تستند إلى منظومة متكاملة من الأهداف ذات البعد التدبيري، خاصة من خلال التأطير الجيد لتدخلات الدولة وتوضيح التزامات المؤسسات والمقاولات العمومية، فضلا عن وضع إطار مؤسساتي يعهد إليه بتتبع نجاعة الأداء، بما يخدم دينامية هذه المؤسسات وملاءمتها مع توجهات الدولة. 7 - تسريع أهداف النمو شكل تحفيز سوق الشغل وتقليص الفوارق المجالية في مجال الاستثمار، مع الاهتمام بالقطاعات الواعدة وتشجيع الإنتاج المحلي، المحركات الرئيسية لليقظة الاقتصادية للحكومة والطريق المباشر لبلورة أهداف ميثاق الاستثمار. وفي هذا السياق قال أخنوش إن الحكومة تمكنت من إعطاء دفعة قوية للاستثمار الخاص وتحسين حكامته" وفق مقارية مندمجة ومتكاملة"، سيما عبر وضع أنظمة لدعم الاستثمار تتضمن نظام دعم أساسيا يتكون من منح مشتركة ومنح ترابية وقطاعية ومشاريع الاستثمار الإستراتيجي، مع الشروع في استكمال تنزيل أنظمة الدعم الخاصة التي تهم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، إضافة إلى المقاولات المغربية الموجودة على الصعيد الدولي. ولدعم انخراط الجهات في المسلسل الاقتصادي وتعزيز إنتاجيتها المحلية، تواصل الحكومة رفع جودة خدمات المراكز الجهوية للاستثمار من خلال مراجعة إطارها القانوني، الذي سيشكل لبنة أساسية في تمكينها من التأطير الشامل لحاملي الأفكار والمشاريع والإشراف على عمليات الاستثمار، بشكل سيعطي دفعة قوبة لأداء المراكز الجهوية للاستثمار واللجن الجهوية الموحدة للاستثمار، ويجعلها مرجعا على المستوى الجهوي في هذا المجال وفاعلا محوريا في الترويج للمؤهلات الترابية. وتكريسا لهذا النموذج الانتقالي في مجال الاستثمار أشار رئيس الحكومة إلى عقد 14 دورة (في نسختيها السابقة والجديدة) قدمت حصيلة إيجابية جدا في ما يتعلق بتوفير مناصب الشغل ونوعية المشاريع المصادق عليها، إذ أسفرت حصيلة اجتماعاتها عن المصادقة على 275 اتفاقيات مشاريع استثمارية بقيمة إجمالية تفوق 393 مليار درهم من بينها 9 مشاريع إستراتيجية بقيمة إجمالية تقدر بـ 65 مليار درهم. وستساهم هذه المشاربع إجمالا في توفير ما يناهز 195.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر.