مراكـش… السينمـا بـروح الالتـزام

تواصلت أول أمس (الخميس) فعاليات الدورة 21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بتقديم عروض المسابقة الرسمية، أو العروض الاحتفالية. وتميز اليوم السابع للمهرجان بحضور قوي لأفلام مرتبطة بقضايا الشعوب بنَفَس يجمع بين السياسي والجمالي. في هذا الخاص تضعكم «الصباح» في أجواء هاته التظاهرة السينمائية. إنجاز: عزيز المجدوب ـ تصوير: عبد المجيد بزيوات (موفدا «الصباح» إلى مراكش) "ينعاد عليكم"... العنف الرمزي المزدوج شريط الفلسطيني إسكندر قبطي يسلط الضوء على عرب الداخل بإسرائيل احتضنت قاعة «الوزراء» بقصر المؤتمرات بمراكش، أول أمس (الخميس)، عرض شريط «ينعاد عليكم» للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي، ضمن عروض المسابقة الرسمية. الشريط وهو إنتاج مشترك بين فلسطين وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وقطر، من تشخيص كل من منار شهاب، ووفاء عون، وميراف ميمورسكي، وتوفيق دانيال. وتغوص أحداث الفيلم في جوانب من الحياة اليومية لحيفا، وتقدم صورا من واقع الحياة داخل إسرائيل وحياة عرب الداخل الذين لم يخضعوا لسياسة التهجير وظلوا مقيمين بها. وركز إسكندر قبطي على مسار عائلة عربية فلسطينية مسيحية، مسلطا الضوء على الشخصيات النسائية، باعتبارها أقلية داخل أقلية داخل أقلية تتعرض لضغوط مزدوجة: التمييز الذي يصل إلى حد الاضطهاد من قبل النظام الإسرائيلي والإسرائيليين، وضغوط الثقافة العربية ذات الهوية والتقاليد الخاصة، المحافظة، وسط مجتمع حديث يتمتع فيه الأفراد بالحريات الشخصية، ولو ظاهرياً كما يبين الفيلم. ومن خلال الفيلم يربط حادث بسيط مصير أربع شخصيات ويسلط الضوء على العلاقات المعقدة بين الجنسين والأجيال والثقافات. تواجه الأم»حنان» أزمة مالية وتعقيدات كثيرة وهي تطالب بالتعويض عن حادثةٍ بالسيارة تعرضت لها ابنتها «فيفي». أما الابن «رامي» فقد وجد نفسه مطالبا بأن يواجه التغير المفاجئ في موقف صديقته اليهودية «شيرلي» بشأن إجهاضها الذي خططا له مسبقا. أما «ميري»، أخت «شيرلي»، فتحاول التخفيف من وطأة الاكتئاب الذي تعانيه ابنتها وتسعى في الوقت نفسه لإقناع أختها بإيقاف حملها من رامي. بعد الحادث الذي تعرضت له، تواجه «فيفي» شعورا بالذنب بسبب إخفائها سرا يهدد سمعة عائلتها وعلاقتَها العاطفية الجديدة مع طبيبها «وليد». وجدير بالإشارة إلى أن إسكندر قبطي مخرج سينمائي وفنان تشكيلي فلسطيني من «يافا». عُرف عنه أسلوبه الخاص في إدارة ممثلين غير محترفين، حيث يقوم بتدريس هذه التقنية في جامعة نيويورك وأبو ظبي وفي أماكن أخرى عبر العالم. أعماله مستوحاة من تجارب شخصية وحكايات اجتماعية وسياسية واسعة الانتشار، يقدم من خلالها رؤية دقيقة للأقلية الفلسطينية في إسرائيل. حصل فيلمه الطويل الأول «عجمي» (2009)، الذي شاركه في إخراجه يارون شاني، على تنويه خاص في مسابقة الظفر بالكاميرا الذهبية في مهرجان كان، كما تم ترشيحه لجائزة أفضل فيلم أجنبي في الحفل الثاني والثمانين لجوائز الأوسكار. عرضت إبداعاته بالفيديو في جميع أنحاء العالم، وسبق له أن نال جائزة ساترلاند. "بذرة التين المقدس"... صرخة في وجه التسلط تواصلت العروض الاحتفالية بتقديم الشريط الإيراني «بذرة التين المقدس» للمخرج محمد رسولوف. ويقدم الشريط قصة شخص يدعى «إيمان» وهو أب مثالي، الراعي لأسرة مكونة من زوجته وابنتيه، لكنه يخضع لجملة من الضغوط في عمله الجديد. المضي في هذا العمل سيضمن له سكناً مميزاً ودخلاً مرتفعاً وهيبة بين الناس. يظهر لاحقاً أنه تابع ضعيف مهزوز الثقة بنفسه، يقدم التنازلات واحدة تلو الأخرى كي يراكم الخطوات التي تمنحه الدفع التلقائي للترقي، ليصبح قاضياً في المحكمة الثورية العليا لاحقاً. الجانب الحقيقي من شخصية الأب المثالي ينهار، حين يوضع في موضع الرد على بعض تساؤلات ابنتيه، ويكشف عن شخصية خاضعة تماماً للنظام الذي يعمل فيه ويخلص له. وبالرغم من الادعاء أن كل شيء تحت السيطرة وبمتناول اليد من قبل المحقق، الذي يمثل النظام الإيراني، نجد أحداث الفيلم تتسارع باتجاه نهاية مأساوية محتومة، بفعل اختيارها لجهة محافظة ادعت أنها الجهة الأكثر صلاحاً وسيطرة. تكتشف الأم «نجمة» أن خلف هذا الزوج المهذب والملتزم، يكمن وحش يخضع لضغوطات يتم إفراغها أخيراً في بيته بعد التعرض لمحنة قد تعرّض سمعته في عمله للتلويث، وهنا يظهر وجه آخر لها أما تدافع عن ابنتيها حتى اللحظة الأخيرة، وتتساقط منها لحظات التعايش والقبول مع خلفيات العمل القذر الذي يمارسه زوجها لصالح نظام الملالي في إيران. ولعبت الابنتان دورا معززا لثورة الإيرانيات ضد ما سمينه »القيود الدينية» ما أدى بإحداهما إلى التشكيك بكل ما يصدر عن النظام وعن مؤسساته، من ما اعتبرته أكاذيب وهراء في حضرة أبيها، ابن النظام المطيع، الذي يُوقّع بدون وازع من ضمير أو أخلاق أو تأكيد مهني، على قوائم اتهام تصل لحد الإعدام بحق متهمين. والدها المحقق الذي تكن له الاحترام والمحبة، الذي يفشل في إجراء حوار صغير مع ابنته الشابة وإقناعها بالأسباب الحقيقية حول ما يفعله النظام بالمتظاهرين وبحقيقة مطالبهم. أما الفتاة الأصغر فيبدو أنها تمثيل لما سيحدث في إيران في مرحلة ما، بعد أن تنتهي هذه المرحلة المليئة بالقهر والأكاذيب والسادية بتنفيذ الأحكام الاجتماعية على النساء في بلد تصعد فيه نسبة الخارجين عن السيطرة لأبعد مدى، بعد أن أكملت تجربة الحكم الديني المغلّظ، حوالي نصف قرن من السيطرة على البلاد. أحمد سمير: المهرجانات لغة حوار بين الشعوب الفنان المصري قال إنه استفاد كثيرا من أبو عميرة حل المخرج والممثل المصري أحمد سمير ضيفا على المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. في هذا الحوار يتحدث سمير عن تجربة نقل فيلم «أنا ماشي أنا» للمخرج المغربي هشام جباري إلى اللهجة المصرية، باعتباره واحدا من المشرفين على هذه التجربة، كما تحدث عن جوانب أخرى تتعلق باشتغاله الفني وأشياء أخرى تجدونها في الحوار التالي. فكرة نقل فيلم مغربي ودبلجته إلى اللهجة المصرية، تتطلب اطلاعا واسعا على الثقافة واللهجة المغربيتين، كيف جاء هذا الاطلاع؟ > علاقتي بالمغرب نشأت قبل سنوات، بفضل الصديقة والمنتجة فاطنة بنكيران، فتطارحنا فكرة دبلجة فيلم مغربي إلى اللهجة المصرية، في تجربة تعد الأولى من نوعها، وكانت في الحقيقة مجازفة كبيرة، لكنها رائعة في النهاية. صورة المغرب لدى عموم المصريين اتسمت طيلة سنين طويلة بنوع من الغموض وسوء الفهم بسبب البعد الجغرافي واختلاف مرجعية الثقافتين كيف ترى هاته المسألة؟ > صراحة كنت أعتقد في ما قبل أن المغرب ضعيف من ناحية الإنتاج السينمائي خاصة في ما يتعلق بالتصوير والأماكن، لكن عندما زرته اكتشفت أن الأمر مختلف تماما، وعكس ما كنت أعتقد، وهو ما لمسته خلال فترات التصوير التي حضرتها، أو إعداد العمل المدبلج الذي تم تسويقه في المغرب والقاهرة والإسكندرية. كيف كانت ردود الأفعال المصرية تجاه تجربة دبلجة أعمال مغربية؟ > كان هناك استقبال رائع للفكرة ولاقت صدى طيبا، كما أن النجم عزيز داداس لفت الأنظار بفضل إتقانه لدور اللص في الفيلم، وهو ما منحه شعبية كبيرة في أوساط المتفرجين، خاصة أنه نفذ الدور بطريقة كوميدية، ولما تحول الأمر إلى الدبلجة المصرية ضاعفت منسوب الكوميديا فيه. الملاحظ أنه صار هناك وعي مصري بأهمية المشاركة في المهرجانات السينمائية، عكس ما كان الأمر سابقا.. ما تعليقك؟ > فعلا لم يكن اهتمام كبير من قبل السينمائيين المصريين بثقافة المهرجانات، باستثناء بعض التجارب القليلة، فأهمية المهرجانات تكمن في أنها تصل الشعوب بعضها ببعض، بل هي لغة حوار بينها. ما هي مرجعيتك الفنية وما هي الأسماء التي تأثرت بها؟ > اشتغلت كثيرا مع المخرج مجدي أبو عميرة، واستفدت كثيرا من اقترابي منه في العديد من الأعمال، آخرها مسلسل «الصفعة»، كما اشتغلت إلى جانب شريف عرفة ورامي إمام نجل النجم عادل إمام.

مراكـش… السينمـا بـروح الالتـزام

القضية الفلسطينية ومعاناة الإيرانيين تحضران في اليوم السابع للتظاهرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المنتخبون... الحلقة الأضعف

ثلاث أكاديميات في اجتماع "كاف"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات