مراكش… الفن السابع في مدينة سبعة رجال

تواصلت مساء أول أمس ( الأربعاء) فعاليات الدورة 21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بتقديم عروض المسابقة الرسمية للمهرجان، وكذلك العروض الاحتفالية، فضلا عن اللقاءات المفتوحة مع نجوم السينما العالمية. في هذا الخاص تضعكم «الصباح» في أجواء اليوم السادس للمهرجان الذي تميز بتخصيص احتفالية خاصة بشريط «في حب تودا» للمخرج نبيل عيوش، وبطولة نسرين الراضي، إضافة إلى اللقاء المفتوح للمخرج والممثل الأمريكي شون بين. إنجاز: عزيز المجدوب ـ تصوير: عبد المجيد بزيوات (موفدا "الصباح" إلى مراكش) "في حب تودا"... الوجه الحزين للشيخات شريط نبيل عيوش يقارب مواضيع كونية من خلال مسار فنانة شعبية أفرج المخرج نبيل عيوش، مساء أول أمس (الأربعاء)، عن العرض الأول لأحدث أفلامه «في حب تودا»، ضمن فقرة «العروض الاحتفالية» التي احتضنتها قاعة «الوزراء» بقصر المؤتمرات لمراكش. فيلم عيوش الذي سبق أن مثل المغرب، في ماي الماضي، في مهرجان «كان» السينمائي بفرنسا، اختير لتمثيل المغرب في جوائز الأوسكار لعام 2025، ضمن فئة «أفضل فيلم أجنبي». وحصل الفيلم على العديد من الجوائز، من ضمنها الجائزة الكبرى في مسابقة الأفلام الروائية في الدورة الرابعة عشرة لمهرجان فالنسيان السينمائي، الذي أقيم في مطلع أكتوبر الماضي. وكشف نبيل عيوش في الكلمة التقديمية للشريط، أمام جمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أن فيلمه يحتفي بفئة خاصة من النساء، هي فئة «الشيخات»، اللقب الذي يطلق على الفنانات المغربيات التقليديات اللواتي كن يغنين عن المقاومة والحب والتحرر من دون رقابة. انتصار لـ"العيطة" جمع شريط عيوش بين التخييل ومحاولة تثبيت حقائق تاريخية، من خلال تقديم إشارات عن تاريخ العيطة، والأوساط التي كانت متداولة فيها، بتعقب مسار الشابة «تودا» التي تمتهن الغناء الشعبي، فتجد نفسها في مواجهة مواقف عصيبة بسبب هذا الاختيار المهني الذي دُفعت إليه بدافع الشغف والاضطرار والحاجة. وتألقت الممثلة نسرين الراضي في تجسيد تناقضات شخصية «تودا» وهي تواجه توترات المحيط الذي تعيش فيه، ما بين الرغبة في استغلالها جنسيا، سواء من قبل الزبائن في الأماكن التي تغني فيها، أو من قبل ضابط الشرطة الذي يتعقبها في كل مكان تتحرك فيه، من أجل استدراجها لإرضاء نزواته، وبين رغبتها في تأمين متطلبات ابنها من ذوي الاحتياجات الخاصة وطموحها لأن تلحقه بمدرسة خاصة بهذه الفئة. في لحظة شعرت «تودا» بأن الفضاء البسيط الذي تعيش فيه ضمن مركز صغير، بإحدى قرى الأطلس، قد ضاق بها، فصارت تتوق إلى الانعتاق منه، ومن الإهانات المتوالية التي تتعرض لها الأوساط التي تغني فيها، والتي لم تكن تدرك ما كانت تطمح إليه الفنانة الشابة، في أن تتحول من مغنية شعبية تؤثث المناسبات الخاصة، إلى «شيخة» تؤدي العيطة وفق أصولها المرعية بين محترفيها على امتداد الأجيال. خيبات متكررة تتكرر لحظات الخيبة والانكسار، خاصة أن شخصية «تودا» والمتمردة، في كل مرة تعيد الحكاية إلى نقطة الصفر لتبدأ المسار من جديد، وهي تقاوم فيها الإغراءات بالتحرش أو تنتقم لكرامتها في أوساط ظلت تنظر إليها بدونية، حتى في الأماكن التي كانت توزع فيها لحظات الفرح و»النشاط» التي غالبا ما كانت تنتهي إما باغتصاب، أو اعتداء بالضرب، أو طرد تعسفي، لا لشيء سوى لأنها أرادت أن تكون منسجمة مع قناعاتها. رحلة التيه تقرر «تودا» الرحيل صوب الدار البيضاء، بعد أن تناهت إليها مسارات «شيخات» بدأن مسارات ناجحة منها، وأيضا بحثا عن أفق أفضل لتحسين مستوى عيشها، بعد أن أودعت ابنها لدى والديها بالبادية، ريثما تجد له مكانا بمدرسة تستقبل فيها ذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضا توفر سكنا يليق بهما. وتضيع «تودا» في قلب العاصمة الاقتصادية بصخبها وضجيجها، وعوالمها الليلية الضاجّة بالمتع واللذة والسهر، في علب الليل والكباريهات الشعبية، حيث بحثت الفنانة الشابة عن موقع قدم لها، دون أن تفرط في هدفها الأساسي، وهو أن تقدم العيطة بأصولها، لكنها سرعان ما ستصطدم بالأذواق التي تغيرت، وصارت تنشد أنماطا أخرى من الغناء للاستهلاك السريع في مثل تلك الفضاءات، لتجد نفسها من جديد مطرودة بعد رفضت الاستسلام لرغبات صاحب المحل الذي أراد إرغامها على إرضاء رغبات الزبائن الغنائية بدل أن تغني ما تريده هي. وفي لحظة يأس وإحباط وتيهان وبينما كانت «تودا» هائمة على وجهها في شوارع الدار البيضاء، تلتقي صدفة عازف الكمان الشعبي، الذي تعرفت عليه في علبة ليلية، فيقترح عليها إحياء سهرة تؤدي فيها ما تحلم به وسط جمهور «ذواق» يقدر ما تقدمه من فن شعبي رفيع، فتستجيب لرغبته ويحضّران نفسيهما للسهرة الموعودة، التي تم استقبالها فيها بحفاوة بالغة لأول مرة. وفي غمرة الانتشاء بالاستقبال الخاص الذي خصها بها أصحاب المكان الذي انتقلت إليه «تودا» للغناء، وبينما كانت منسجمة في وصلتها الغنائية، فاجأها أحد الميسورين، بأن رمى عليها أوراقا نقدية، ليهمس في أذنها «إن قبلت الذهاب معي، منحتك أضعافها» فتقرر من جديد التمرد وترك الجمل بما حمل، فتغادر المكان، الذي صعدت إليه بالمصعد، لينتهي الفيلم بمشهد هبوط «تودا» في المصعد، رغم نداءات الجماهير بالعودة، لكنها تركت خلفها كل شيء. سطحية و"كليشيهات" حاول نبيل عيوش في معالجته للقضايا المتضمنة في فيلمه، أن يظل وفيا لأسلوبه، في إنجاز أفلام تستهدف المتلقي الأجنبي بالدرجة الأولى، سواء من حيث إعادة إنتاج الكليشيهات المعروفة، أو المعالجة السطحية لاشتغال أهل الفن الشعبي في مجالهم. كما أن حضور العيطة في شريط «الكل يحب تودا» كان بشكل مجانب للصواب، سيما أن تركيب الحكاية كان مفككا ولم يتمكن فيها كاتبا السيناريو (نبيل عيوش ومريم التوزاني) من الإمساك بتفاصيل غابت عنهما، خاصة في ما يتعلق بطريقة تلقي فن العيطة، إذ حاولوا إيصال أن هذا الفن لم يعد له جمهور في الأوساط الليلية الشعبية، رغم الواقع غير ذلك، إضافة إلى مراهنة المخرج على الجمع ما بين «البلاي باك» والأداء الحقيقي لنسرين الراضي لم يكن محكما ودقيقا، خاصة أن صوت بطلة الفيلم ليس مدربا ولم يكن يصلح لغناء العيطة. لكن في مقابل ذلك توفقت الراضي في عكس الدواخل النفسية المتناقضة ل»تودا» عبر ملامحها، وهو ما حاول المخرج عيوش إظهاره للمتلقي من خلال اللقطات المقربة لوجه الممثلة بشكل يبدي الآثار النفسية على قسماته، وهي تجمع بين الأسى والفرح والغواية والإغراء والتصميم والعزم والتمرد، ليقارب الفيلم موضوعات كونية مثل الحب والعائلة والسعي وراء الهوية. وتشكل الطاقم الفني لفيلم «في حب تودا» من مجموعة من الأسماء منها جود الشاميحي، وجليلة التلمسي، ومصطفى بوتنكيت، ولحسن رزوقي، وأمين الناجي وعبد الرحيم المنياري. يشار إلى أن نبيل عيوش مخرج ومنتج وعضو في أكاديمية الأوسكار. وأخرج عيوش أفلاما عديدة منها «علي زاوا» (1999) و»يا خيل الله» (2012). وفي سنة 2021، شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان بفيلم «علي صوتك» في سابقة بالنسبة للسينما المغربية. وفي سنة 2022، أنتج نبيل عيوش فيلم «أزرق القفطان» لمريم التوزاني، الذي نال أزيد من 60 جائزة، منها جائزة لجنة التحكيم في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. شون بين... النهر الغامض حل المخرج والممثل العالمي شون بين، أول أمس (الأربعاء) ضيفا على فقرة «حوار»، ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. واستحضر شون بين في اللقاء الذي تولى تسييره ناشين مودلي، محطات من طفولته التي قال إنه وجد نفسه فيها يعيش وسط عائلة من الممثلين، وإن والده أول من ألهمه للدخول في مجال الفن. وكشف بين أن والده كان ضمن لائحة سوداء للمخرجين بالولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي سبب له نوعا من الاكتئاب، ليمضي أغلب مسيرته الفنية في إخراج سلسلات تلفزيونية. وأضاف المتحدث نفسه أنه كان في طفولته يتردد على فضاءات التصوير، قبل أن يجد نفسه منجذبا إلى هذا العالم رغم أنه لم يكن يأخذ الموضوع بجدية منذ البداية. واختار مسير اللقاء ناشين مودلي بين الفينة والأخرى تقديم مشاهد من أفلام شون بين من أجل التعليق عليها، منها مشهد من فيلم «قاتل العقيدة» الذي قال عنه إنه لم يكن مقتنعا بتقديم هذا الدور لكنه وافق بعد إلحاح شديد من المخرج، وتمكنت تلك التجربة من تغيير نظرته إلى عقوبة الإعدام. كما استحضر مودلي مشاهد من فيلم «نهر غامض» الذي تعامل فيه شون بين مع النجم كلينت إستوود الذي أخرج العمل وقال عنه إنه شخص موهوب وصبور ويتصرف بتلقائية وعفوية، تنسي أنه مخرج، إضافة إلى دوره في فيلم «هارفي ميلك» الذي حاز بفضله جائزة الأوسكار.

مراكش… الفن السابع في مدينة سبعة رجال

تواصل أجواء التباري والاحتفاء برموز السينما العالمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحباط تهريب أخشاب بميناء أكادير

حبس بنكي بفاس اختلس 87 مليونا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات