دار بوعـزة… بـؤرة الـواد الحـار

شكل واد مرزك بتراب جماعة دار بوعزة، على مدار سنوات بؤرة للتلوث البصري والبيئي، في موقع سياحي إستراتيجي يشكل فرصة حقيقية للراغبين في الاستجمام بعيدا عن ازدحام شواطئ عين الذئاب وعين السبع والمحمدية التي تتحول إلى سوق عكاظ، وفضاء للراغبين في سكن فيلات وإقامات سكنية مغرية للاستقرار. إنجاز : محمد بها / تصوير : (عبد اللطيف مفيق) في الوقت الذي كان زوار شاطئ واد مرزك بدار بوعزة يضطرون للسباحة وآخرون للاستلقاء فوق الرمال والاستمتاع بأشعة الشمس لنسيان ضغوطات الحياة اليومية، في انتظار إيجاد حل جذري للتلوث الذي يطبع الفضاء البحري والرائحة الكريهة التي كانت تسيطر على بعض جوانبه، تفجرت فضيحة مدوية حولت الحقيقة التي تدور بين رواد الشاطئ وسكان المنطقة إلى قضية رأي عام بعد "الربورتاج" المصور الذي أنجزته "الصباح تي في". وأماطت فضيحة شاطئ واد مرزك اللثام عن وضع بيئي كارثي بتراب جماعة دار بوعزة، إثر المشاهد الحية التي لا يمكن تكذيبها والتي وثقتها "الصباح"، وتتمثل في مستنقعات آسنة تتضمن مياها عادمة جرفها واد مرزك الذي يعتبر مصبا لمنعشين عقاريين، وجهات اختارت تغليب مصالحها الضيقة على حساب الصالح العام وصحة المواطنين، ذنبهم الوحيد أنهم اختاروا الاستقرار في مكان يعتبره أنانيون مطرحا للتخلص من فضلاتهم. وبسبب المياه العادمة لواد مرزك تحولت دار بوعزة من منطقة سياحية إلى مجال ملوث يستقبل يوميا أطنانا من المياه العادمة القادمة من محطة التصفية ببرشيد، وجماعة حد السوالم التي تتوفر على حي صناعي، ثم جماعة الخيايطة، لتصل تلك المياه إلى دار بوعزة وتختلط بالمياه العادمة لعدد من التجمعات السكنية التي فضل أصحابها ربط قنوات المياه العادمة بمجرى واد مرزك، من جهة أخرى، ما تترتب عنه اختلالات في البيئة وتداعيات خطيرة على صحة المواطنين. تقرير الوزارة ... شاهد حي الوضعية الكارثية التي تعرفها دار بوعزة بسبب فضلات واد مرزك، سبق أن أكدها التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة حول الشواطئ غير الصالحة للسباحة. وصنف التقرير شاطئ واد مرزك، ضمن خانة الشواطئ غير الصالحة للسباحة وغير المطابقة للمعايير الوطنية والدولية المعتمدة، وهو الوضع الذي جاء نتيجة وجود عشرات المطامير غير العازلة المحيطة بالشاطئ المذكور، ووجود قنوات الواد الحار والمستنقعات الآسنة التي تضم مياها عادمة ومستعملة في قناة مخصصة لمياه الأمطار ومفضية مباشرة إلى البحر. وأمام غياب أي تدخل من قبل الجهات المسؤولة عن تدبير الشأن المحلي أو الإقليمي أو الجهوي، أو وكالة الحوض المائي، يبقى على الجهات المسؤولة التدخل عاجلا من أجل إنقاذ دار بوعزة من كارثة بيئية، جعلت المسؤولين يفشلون في حصول الشاطئ على اللواء الأزرق الذي تمنحه مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، بسبب عدم توفر شواطئ دار بوعزة وطماريس بإقليم النواصر في الوقت الراهن على المعايير الدولية الخاصة بجودة مياه السباحة ونظافة الرمال واحترام البيئة. "ليدك" تخلي مسؤوليتها تفاعلت شركة "ليدك" المفوض لها تدبير قطاعات الماء والكهرباء والتطهير السائل، مع "الربورتاج" المصور لـ"الصباح تي في"، واستنفرت فرقها ومعداتها لمعالجة نزيف الواد الحار في دورة الشواطئ بجماعة دار بوعزة، إذ قامت "ليدك" على الفور بإرسال فرقها العملياتية إلى مسرح الواقعة للقيام بالإجراءات الضرورية، و من أجل اعتراض هذه المقذوفات و تحديد مصدرها. وكشف البحث الذي تم إجراؤه عن وجود إيصالات غير قانونية لمنعشين عقاريين بشبكة الربط العمومي المخصصة لتصريف مياه الأمطار، والتي كانت السبب في هذه المقذوفات. وأوضحت "ليدك" أنها سخرت مختلف أطرها ومستخدميها، لإنجاح عملية إغلاق القناتين المجمعتين للمياه العادمة التي تبلغ أقطارها 2000 ميليمتر و800، إذ تم إغلاق القناة الأولى بواسطة حواجز متتالية للمياه، في حين تم إغلاق الثانية عبر مغلاق، كما تم إنجاز عمليات مراقبة للتأكد من وثوقية نقطتي الربط بنظام قذف المياه العادمة. وكشف بعض الأطر في شركة ليدك لـ"الصباح"، أن مجرى واد مرزك بالمنطقة لا يدخل ضمن نطاق تدخلات الشركة، وأن المسؤول المباشر عن معالجة الخلل يتمثل في وكالة الحوض المائي لأم الربيع. وإذا كان المشكل الذي يتعلق بمصب الواد الحار في دورة الشواطئ بجماعة دار بوعزة، قد تمت معالجته من قبل شركة "ليدك"، فإن المشكل المتعلق بالمستنقعات الآسنة مازال قائما ويفرض البحث عن حل جذري لمعالجته في انتظار تدخل الجهات المسؤولة. وفي الوقت الذي تحاول كل جهة التهرب من المسؤولية وترمي بالاتهامات إلى الجهة الأخرى، مازالت مياه واد مرزك ملوثة، وزادت وضعيتها استفحالا في ظل استمرار مسلسل المياه العادمة، القادمة من محطة التصفية ببرشيد، والانتشار الكثيف لمطامير مرتبطة بالتجمعات السكنية، التي تعرفها جماعة دار بوعزة، موازاة مع التزايد العمراني والسكاني، وهو ما يجعل مسؤولي برشيد والسوالم والخيايطة ووكالة الحوض المائي وشركة "ليدك" يتحملون المسؤولية بدون استثناء، لأنهم لم يعملوا على حماية المجال التابع لهم وممتلكاتهم، والشأن نفسه بالنسبة إلى جماعة دار بوعزة، التي ينبغي على رئيسها ومنتخبيها الإسراع للبحث عن الحلول وطرق الأبواب لانتشال المنطقة من براثن الضياع. رئيس الجماعة... صمت مطبق في الوقت الذي كان ينتظر فيه خروج رئيس جماعة دار بوعزة أمام الرأي العام لتوضيح الأمور في قضية شائكة، فضل الركون للصمت. وحاولت "الصباح"، الحصول على أجوبة شافية حول موضوع تلوث مياه شاطئ واد مرزك وأضراره على إقامات وفيلات سكنية وتبعات ذلك على الحياة اليومية لسكان جماعة يدير شؤونها، إلا أن الرئيس اختار القول إن الوضع الذي وجده ناتج عن سنوات وعقود ولم يكن وليد اليوم، وأنه لا يتحمل المسؤولية في ما يقع، مفضلا عدم الجواب عبر الهاتف، في انتظار عودته من السفر، وهو الجواب الذي ترك قضية قذف المياه العادمة لمحطة برشيد، معلقة. ومن خلال جولة بالأحياء السكنية القريبة من واد مرزك، اتضح أن القائمين على تسيير الشأن المحلي لدار بوعزة لم يبادروا إلى البحث عن حلول جذرية لمعالجة مشكل قائم منذ سنوات، باعتبارهم من يتحملون المسؤولية في الحاضر، ويُراهن عليهم المواطنون لتحسين المستقبل، في ظل تحديات التزايد العمراني والسكاني. فيلات محاصرة "المزوق من برا آش خبارك من الداخل"، مثل مغربي يصلح إسقاطه لوصف الوضع الحقيقي الذي تعيش على إيقاعه دار بوعزة، التي تخفي تغييراتها العمرانية، المتمثلة في أحياء سكنية راقية وفيلات ومراكز تجارية كبرى ومقاه ومطاعم راقية، وتحولها إلى وجهة سكنية لأصحاب "الهاي كلاس" والطبقات المتوسطة الراغبين في السكن في الضواحي، بعيدا عن الضجيج والتلوث البيئي للبيضاء، حقيقة واقع عنوانه العريض "زواج العشوائية في التدبير والعكر على الخنونة". مشاهد فيلات محاصرة بواد مرزك الذي يتضمن مياه الواد الحار، صارت واقعا لا مفر منه، وتحولت إلى شبح يقض مضجع سكان وجدوا أنفسهم يعيشون وسط مطرح عشوائي، إذ تعرف مجموعة من الأحياء والإقامات السكنية وضعا بيئيا متدهورا، جراء الروائح الكريهة وتجمع مياه الصرف الصحي على مقربة من المنازل في غياب المراقبة، من قبل الجهات المختصة، وهو ما أجج غضب سكانها. وتحولت مجموعة من الإقامات السكنية بدار بوعزة في ظل تجمع المياه العادمة المنبعثة من مياه الصرف الصحي، إلى مصب مائي عشوائي لمياه الصرف الصحي، وهو ما خلف روائح كريهة وأدى إلى ظهور حشرات ضارة، دون الحديث عما قد تتسبب فيه من أمراض للأسر من مختلف الشرائح العمرية والطبقية. واستغرب مواطنون بالإقامات السكنية المعنية تحول المنطقة إلى مصب عشوائي للمياه العادمة، متسائلين عن الجهة التي سمحت بتحول المياه القادمة من الربط الرئيسي للحي السكني، وعدم ربطها بالقنوات الرئيسية بالمدينة، داعين إلى فتح تحقيق عاجل لمعاقبة جميع المتورطين مهما كانت صفتهم ومركزهم الاجتماعي. ويبقى تحول منطقة دار بوعزة إلى بحيرة تجمع المياه العادمة والمياه الشتوية، واقعا يكذب كل تصريحات المسؤولين الذين صرحوا، في أكثر من مناسبة، بأنهم قضوا على مشكل رمي المياه الملوثة وأنها ترمى مباشرة في اتجاه قناة رئيسية، وهو الوضع الكارثي الذي حول فضاء عدد من العمارات السكنية إلى مستنقعات آسنة تشوه جمالية المنطقة ذات الجذب السياحي والاقتصادي، وما يعنيه ذلك من ضرب لجهود الدولة في البناء والتطوير.

دار بوعـزة… بـؤرة الـواد الحـار

واد مرزك حول شاطئ المنطقة لمسبح للأمراض وفيلات وإقامات تجاور مستنقعات آسنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أسباب اعتقال مشغلة كنزة وزوجها

الحجز على حسابات مؤسسات فندقية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات