"في بيتنا مجرم"، ليس عنوان قصة أو رواية، نزلت السوق حديثا، بل حقيقة أضحت ملازمة للواقع المعيش، الذي ينذر بكارثة حقيقية، بالنظر إلى تفاقم عدد الجرائم الأسرية، فقد لا يخلو بيت من البيوت المغربية من وجود مجرمين أو مرضى نفسيين في حالة تأهب، مستعدين لممارسة نشاطهم الإجرامي في أي لحظة، وليس بالضرورة أن يتجه إجرامهم إلى الخارج، بل إنه في حالات معينة يكون موجها إلى أقرب الأشخاص إليهم. إجرام ارتبط بالأسرة بالدرجة الأولى، فاللاأمن الذي كنا نشعر به خارج محيط الأسرة، أصبح متجليا داخلها، وبأشكال متفاوتة تدق ناقوس الخطر، وتحول الشعور بالحماية الأسرية إلى شعور بخوف ورهبة من ذاك المجرم المفترض الذي يعيش بيننا. آخر هذه الجرائم تلك التي وقعت، أول أمس (السبت)، بتطوان وبالضبط بوادي أسلا، بجماعة "البغاغزة"، والتي نفذها رب الأسرة في حق حياة رفيقة دربه، وأربعة من أبنائه، في ظروف ما زالت غامضة، والتي وإن عرفت لا ترقى لتكون سببا في إيذاء الغير، والاعتداء على حقه في الحياة، ممن يفترض فيه أنه الحارس الأمين عليها، وقبلها بأقل من اثنتي عشرة ساعة، أزهق زوج حياة زوجته بالحاجب، ولاذ بالفرار، وقبلهما مآس كثيرة. جرائم عدة تؤكد بالملموس أن الإجرام الأسري، الذي طفا في السنوات الأخيرة على سطح الأحداث، يحتاج إلى أكثر من وقفة تأمل، لأجل معرفة الأسباب الحقيقية وراء تناميه، بهذه الدرجة. فإلى وقت قريب، كان المغرب في منأى عن مثل هذه الحوادث، وقلما يسمع خبر قتل أحد الأشخاص أو اعتدائه على فرد من أفراد أسرته، وارتبطت تلك الحالات بسوء التربية، إذ كان السائد أن من يقترف مثل هذه الجرائم يكون في الغالب شخصا غير سوي، ونتاج تربية سيئة، ويشكل استثناء لا يعتد به، أما في الوقت الحالي، فقد لا يكاد يمر زمن قصير، حتى تقع حوادث خطيرة، يكون الجاني والضحية فيها ينتميان إلى أسرة واحدة، إذ تعددت الأسباب والنتيجة واحدة. تزايد وتيرة العنف الأسري الممارس داخل الأسرة وبين أفرادها، وتزايد الشعور باللاأمن، مسألة خطيرة على اعتبار أن الأسرة هي العمود الفقري للمجتمع وقوته، وإذا مست تلك القوة انهار المجتمع، فالأسرة هي الخلية الأولى المكونة للمجتمع، وإذا أصيبت بخلل، فإن ذلك يعيقها عن أداء وظائفها الاجتماعية والتربوية الأساسية في أحسن الأحوال، وأفضل الظروف، ويساعد على إعادة إنتاج أنماط السلوك والعلاقات غير السوية بين أفراد الأسرة الواحدة، فعندما يقوم شخص بإيذاء أقرب الناس إليه، سواء كان أبا أو أما أو أخا أو ابنة أو زوجة...، فإن المسألة تؤكد أن خللا ما يعتري المجتمع، وأنه يجب البحث عن مسبباته، حتى لا تتفاقم. كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma