المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية شخص انعكاسات المقاربة المعتمدة ويطالب بإعادة النظر فيها كشف المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية خلاصات تقرير يوم دراسي ناقش مستقبل الفلاحة بالمغرب، في سياق يتسم بندرة هيكلية للمياه، شارك فيه عدد من الخبراء، الذين رسموا صورة قاتمة للوضع الفلاحي بالمغرب. وأكد الخبراء أن الفلاحة تواجه مشاكل هيكلية بسبب ندرة المياه والسياسات العمومية المعتمدة في المجال التي زادت الأمر تأزما، مشيرين إلى أن القطاع الفلاحي، الذي يستهلك 85 في المائة من المياه المتجددة، يواجه الآن إشكالية النقص الحاد في المياه، ما يطرح العديد من التخوفات. واعتبر المشاركون في اليوم الدراسي أنه إضافة إلى التخوفات المتعلقة بتأمين تزويد السكان بالماء الصالح للشرب، فإن استدامة الفلاحة وضمان الأمن الغذائي للبلاد باتا يشكلان انشغالات كبرى للمغرب. وأوضح الخبراء أن توالي سنوات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وما ينتج عنها من تبخر للمياه السطحية واتساع دائرة المناطق، التي تعاني نقصا في الموارد المائية، كلها عوامل أثرت بشكل كبير على الإنتاج الفلاحي وتربية الماشية. وأكد تقرير المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية أن الجفاف ليس السبب الوحيد الذي أوصل البلاد إلى هذه الوضعية، بل هناك أيضا الاختيارات المعتمدة في السياسات العمومية في المجال، التي ساهمت بشكل كبير في الندرة التدريجية للموار المائية العادية للمغرب. وأشار التقرير إلى أنه منذ إطلاق سياسة السدود، خلال 1960، بهدف سقي مليون هكتار في أفق 2000، فإن سياسة الماء ركزت على رفع العرض، إذ أن المجهود الكبير خصص لبناء السدود، لتأمين تزويد السكان بالماء وإنتاج الطاقة والوقاية من الفيضانات، وكذا، وبوجه خاص، تأمين الموارد المائية اللازمة لسقي المساحات الزراعية التي تمت تهيئتها. ولم يتم الاهتمام بالتحكم في الطلب إلا بعد الجفاف الذي عرفه المغرب خلال سنوات الثمانينات، وعرف حينها حفر الآبار واستغلال الفرشات المائية اتساعا كبيرا، خاصة مع دعم صندوق التنمية الفلاحية لهذا الغرض، الذي أقر منذ 1985، وارتفعت الوتيرة بشكل خاص مع مخطط المغرب الأخضر، الذي خصص دعما وافرا في إطار البرنامج الوطني للسقي بالتنقيط. وساهمت هذه السياسة في توسيع دائرة أشطر تكثيف الإنتاج، لتصل إلى مناطق غير ملائمة لذلك، وما كان ينبغي السماح بها أو تشجيعها، وشجع ذلك عددا من الفلاحين بهذه المناطق على التحول إلى الزراعات الموجهة إلى التصدير، عوض الأنشطة التي كانوا يزاولونها وكانت تلبي الطلب الداخلي، ما جعل الفرشات المالية التي تستغل لسقي هذه المساحات التي توجد في مناطق تعاني نقصا في المياه. وخلص التقرير إلى أن الفلاحة المغربية تعيش، حاليا، وضعا صعبا غير مسبوق، يتميز بالنقص الحاد في الموارد الإنتاجية الأساسية، المتمثلة في المياه والأراضي والغابات والتنوع البيولوجي، إضافة إلى تنامي تبعية المغرب للخارج لتغطية الحجز المتزايد في المنتوجات الغذائية الأساسية. وطالب المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، بضرورة إعادة النظر في التوجهات المعتمدة حاليا، وفتح نقاش وطني حول الخيارات التي يتعين اعتمادها في تنمية القطاع الفلاحي. عبد الواحد كنفاوي