تاريخ المبنى السجني

السجون... الفضاءات والهندسة المعمارية 2 مقرات تحولت إلى سجون وأخرى شيدت تحت الأرض يعتبر «المبنى السجني بالمغرب: الفضاءات والهندسة المعمارية»، من أهم إصدارات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أشرف على تأليفه الجيلالي العدناني وسليمة المنجرة. يقرب هذا الإصدار القارئ من التطور الحاصل في المنظومة السجنية، خلال تقديم معطيات حول أماكن الاعتقال وتطور بنياتها منذ فترة ما قبل الحماية إلى الوقت الراهن. في هذه الحلقات، نقدم مقتطفات من هذا الإصدار، سيما الجزء المتعلق بتاريخ المبنى السجني بالمغرب. إيمان رضيف استمر الجيلالي العدناني في الجزء الأول من الإصدار "المبنى السجني بالمغرب: الفضاءات والهندسة المعمارية"، في كشف تاريخ المبنى السجني في المغرب. فبعدما أكد، أن أعمالا نادرة أشارت إليه وأن المراسلات المخزنية العمود الفقري للأرشيف المتوفر، تحدث عن غياب أي أثر موثوق لإحداث ووجود سجون قبل الأسر الأولى التي حكمت المغرب، وبذلك يختلط نشوء الدولة مع ظهور الفضاء السجني والأماكن "الرسمية" للاعتقال. وأضاف أن الأمر لا يتعلق بجرد تاريخي للسجن بالمغرب، وإنما بإبراز أن أغلب السجون بالحواضر الكبرى، عرفت استمرارية عبر العهود المختلفة، وأن تحويل بعض الفضاءات إلى حبس كانت أيضا ممارسة شائعة، دون أي استثناء كلي لبناء السجون. وبخصوص استمرارية مواقع الاعتقال لقرون متعددة، تؤكد الشهادات، حسب ما جاء في الإصدار، التي تعود إلى مطلع القرن العشرين في آن معا، قدم هذه الأماكن وتهالكها ودوام استخدامها قرنا بعد قرن. ويقدم سجن سلا، مثالا بليغا في هذا الصدد، إذ كان الأسرى الأوروبيون يقيمون فيه طيلة القرنين السادس عشر والسابع عشر، خلال عهد السعديين، سيما الفرنسيين والهولنديين منهم، كما شهد بذلك توماس بيلو. وبالمثل في القرن الثامن عشر، خلال عهد السلطان محمد بن عبد الله، كان بإمكان السجناء الأجانب المرور من سجن سلا أو العرائش، ومن ثم الالتحاق بسجن مراكش، على غرار القبطان الفرنسي بيدي دو مورفيل، الذي قدم، رغم ذلك، لتوقيع اتفاقية سلام بعد قطيعة ديبلوماسية طويلة بين المغرب وفرنسا. أما بالنسبة إلى إعادة تخصيص بعض المقرات لاستخدامها سجنا، فقد حدث ذلك كثيرا في كل حقب تاريخ المغرب، فقد كان الموحدون يقومون مؤقتا، عند الحاجة، بتحويل مئذنة مسجد الكتبية إلى مكان للاعتقال، خالطين بذلك معاناة المعتقلين بالدعوة إلى الصلاة. كما كان يتم في قلب قصبات المدن، تحويل العديد من الفضاءات عن استخداماتها الأصلية، لاعتقال المعتقلين. كما أن المباني الدفاعية، مثل أبراج الأبواب الكبرى، جعلت بمثابة حبس لسمك جدرانها بالتأكيد ولما توفره من إمكانية لمراقبتها. ففي بداية عهد الحماية الفرنسية كان الباب المهيب لقصبة الأوداية يضم سجنا هدمته مصلحة الفنون الجميلة سنة 1914، لإتاحة تزيين الموقع وجعل النسيان يطوي هذا التشويه الجمالي، وتأهيل البناية لتصنف معلمة تاريخية. في حالات أكثر ندرة، جرى بناء مواقع خصيصا للاعتقال، واتبع سجن مراكش الذي عرف في عهد المرابطين تحت اسم "قرقيدن"، تصميما خاصا في البناء مكونا من طوابق مسقفة. كما أن مدينة فاس قدمت أيضا خصوصية في التصميم المعماري لمباني السجون، سيما في فاس البالي "لا تبرز المقرات السجنية أي مميزات: لقد بنيت على تصميم المنازل العادية بفاس، يجري الماء فيها وتغلب عليها النظافة". وجاء في الكتاب ذاته أن السجون المغربية تبنت في معظمها نموذج القاعة الواسعة، مع حبس مشترك للنزلاء، وذلك منذ العصر الوسيط، قبل أن يضيف أن سجونا أخرى، سواء جرى تحويلها أو شيدت حديثا، كانت توجد تحت الأرض، علما أنه خلال عهد الموحدين كانت مستودعات القمح، تستعمل سجنا. كما أقيمت السجون في قصور السلاطين محمية بأسوارها، إلا أن هذا النوع من أماكن الاعتقال، لم يكن يدوم بالضرورة، وكان من الممكن أن يتغير وفقا لظروف التوتر السياسي والاضطرابات التي كانت تهز المغرب الأقصى وتؤدي إلى الاستخدام الظرفي للحبس قي قلب مقرات السلطة لاعتقال الأعداء والخصوم.

تاريخ المبنى السجني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البصري أخبرني أنني مطلوب للعدالة

نجلة الملوكي "تعربد" على أمن المحمدية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات