مركز محمد السادس… ملاذ مرضى السرطان بثلاث جهات

بمركز محمد السادس لعلاج السرطان، خليط بشري متنوع رسم له القدر نقطة واحدة للتجمع، وتعددت نقاط الانطلاق، فليس غريبا بأن تصادف تجمعات على أساس المدينة أو القرية أو الحي أيضا، قاسمهم المشترك أنهم ركبوا رحلة شاقة بسفرها ومصاريفها نحو العلاج. مرضى جهة الشاوية ورديغة وجهة تادلة أزيلال ومنطقة دكالة عبدة، إضافة الى الدار البيضاء الكبرى، يملؤون بشكل يومي أقسام المركز، وهناك تنطلق جلسات البوح الجماعي، واسترجاع فصول المعاناة التي تختلف، حسب البعد الجغرافي من مكان العلاج، والبعد النفسي من التكفل والعناية والرعاية بنقط الانطلاق."الصباح" رافقت مرضى من إقليمي سطات وخريبكة، وعاشت معهم تفاصيل رحلة البحث عن العلاج، منذ اكتشاف المرض حتى الحصول على سرير العلاج. معاناة مرضى جهة الشاويةتبذل الدولة مجهودات كبيرة في مجال التحسيس بالكشف المبكر عن السرطان، وتنظم بين الفينة والأخرى حملات واسعة من أجل ذلك، لكن ذلك لا يمنع من أن الكشف المبكر يدخل في إطار الوظيفة الأساسية للمراكز الاستشفائية طيلة السنة. ورغم أن جهة الشاوية ورديغة تتوفر على مركز استشفائي جهوي، وأربعة مستشفيات إقليمية وعشرات المراكز الصحية بمختلف مدن وقرى الجهة، لكنها لا تقوم بأدوارها، بسبب مشاكل تعرفها مع تدهور البنية التحتية والنقص الحاد في الإمكانيات اللوجستيكية، وضعف الامكانيات البشرية.تحكي "فاطمة" امرأة في عقدها السادس بمرارة عن رحلتها الطويلة داخل أقسام المركز الاستشفائي الحسن الثاني بسطات. البداية مع معاناة لنيل موعد قريب من أجل الفحص بالصدى والأشعة للتأكد من ورم محتمل بالثدي، وطبعا أمام حقيقة وجود جهاز واحد بالمستشفى، ومع ابتسامة للقدر تجنبه التعطل خلال فترة الموعد، ومعجزة بتوفر أفلام الكشوفات، يمكن أن تمر العملية في حدود ثلاثة الى أربعة أسابيع، وهي مدة انتظار اضطرارية تجرعت معها "فاطمة" مرارة الخوف والترقب. ما يقال عن موعد إجراء الفحص بالجهاز، يسري على موعد مع طبيب النساء والتوليد، لكن المفاجأة المدوية هي أن المستشفى الأول والأكبر بجهة الشاوية ورديغة لا يجري عمليات لاستئصال الثدي أو الأورام، لأسباب تتخبط إجابات مختلف المسؤولين عن قطاع الصحة بالجهة في تفسيرها، لتنشط عملية أخرى، ومن نوع آخر وتتحرك هواتف عيادات بعينها مستعدة لإجراء العمليات، مقابل أثمنة تتراوح بين 10 و 15 ألف درهم. تبدو الأرقام خيالية أمام فئات واسعة من المرضى الذين يحجون للمستشفى من مناطق نائية بالإقليم، يتأبطون بطاقة "راميد"، ويترجون ترجمة شعارات وزارة الصحة في توفير العلاجات الضرورية، ليبقى الحل الوحيد هو رحلة مستعجلة الى المستشفى الجامعي ابن رشد بالبيضاء، وهناك تنطلق رحلة أخرى مع المواعد والتحاليل الطبية والسكانير. خديجة... قصة مريضة من أبي الجعدلم تستوعب "خديجة" ذات الثلاثين ربيعا، والتي تقطن بدائرة ابي الجعد (80 كيلومترا عن خريبكة، 200 كيلومتر عن البيضاء)، أنها بالفعل أصيبت بسرطان الثدي، ولم تستفق بعد من صدمة استئصال ثديها بعد أن "تصرف" زوجها في قطعة أرض فلاحية، وباعها ليؤمن لها مصاريف عملية جراحية بإحدى المصحات الخاصة. ولئن كان المبلغ الذي وفره الزوج كافيا لتسديد مصاريف العملية، فإنه كان بعيدا كل البعد عما طلبته المصحة من أجل حصص العلاج الاشعاعي، لتغادر الزوجة الشابة المصحة، في انتظار حل آخر، لن يخرج عن البحث على علاج بـ "سبيطار المخزن". كان أمام "خديجة" وزوجها دق كل الأبواب، لا لشيء سوى الحصول على المعلومة، لأنها في مثل هذه الحالات لا تقدر بثمن، ولأن المركز الصحي بأبي الجعد أو المستشفى الإقليمي لخريبكة لا يدخل ضمن اهتمام مسؤوليهما توفير هذه "المعلومة"، بعد الفشل في توفير العلاج، كان عليها أن تدق أبواب من سبقنها في رحلة العلاج، وتسألهن عن الوثائق المطلوبة، وعن عنوان المركز بالبيضاء، وعن طبيعة العلاج، وعن كلفته المادية.. وعن كل شيء. مركز محمد السادس...مؤسسة من الجيل الجديديستقبل مركز محمد السادس لعلاج السرطان بالبيضاء يوميا مئات الحالات من مختلف المناطق (الدار البيضاء الكبرى، الشاوية ورديغة، تادلة أزيلال، ودكالة عبدة)، ويعتبر أول مركز من الجيل الجديد لمراكز علاج السرطان التي تشرف الأميرة للاسلمى٬ رئيسة جمعية "للا سلمى لمحاربة داء السرطان" شخصيا، على بنائها وتجهيزها، وتتبع أدق تفاصيلها في أفق الوصول إلى مراكز أخرى من هذا النوع بأهم المؤسسات الاستشفائية على المستوى الوطني، استجابة للطلب المتزايد على الخدمات العلاجية المتعلقة بداء السرطان، خصوصا سرطان الثدي وعنق الرحم.وشيد المركز على مساحة 4046 مترا مربعا، ووصلت التكلفة الإجمالية لبنائه حوالي 52 مليون درهم، ساهمت جمعية "للا سلمى لمحاربة داء السرطان" بحوالي 40 مليون درهم منها، بينما تكلفت إدارة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بتجهيز مرافقه، بحوالي 12 مليون درهم، إضافة إلى شركاء آخرين مثل وزارة الصحة ومجلس المدينة ومجلس الجهة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.ويحتوي المركز على ثلاثة طوابق، ويجند القائمون على تدبيره إمكانيات بشرية هامة من أجل تلبية الطلبات المتزايدة عليه. وما يميز المركز إضافة الى التهيئة الجميلة والمريحة لفضاءاته، انغماس كل مكوناته من إداريين وأطباء وممرضين وأعوان خدمة في خدمة الوافدين بحيوية ونكران ذات، وهو ما ينعكس على ملامح الارتياح البادية على وجوه المرضى و عائلاتهم. "على الأقل، هنا يبادروننا بالسؤال، قبل أن نطلب معلومة، ويوفرون لنا مصلحة كاملة من أجل الإرشاد"، يخبرنا مرافق لأحد المرضى، "بصراحة، ورغم تعب الطريق من البروج إلى البيضاء ( حوالي 150 كيلومترا)، فإني أحس بالراحة، حين أرى قريبي يأخذ دواءه، ويجري حصته في ظروف صحية جيدة"، يضيف المتحدث ذاته، لكن الأعداد الهائلة التي تلتحق كل صباح بالمركز، ومن بينهم من يبيت أمامه للحصول على موعد متقدم، تطرح مشاكل متنامية حول الطاقة الاستيعابية للمركز، و جودة الخدمات التي يقدمها في ظل الضغط الهائل على مرافقه. زروقي: المرضى يؤدون ثمن غياب إستراتيجية صحية بالجهةيعتقد يوسف زروقي، رئيس جمعية الشاوية للتوعية الصحية، بأن مرضى السرطان بجهة الشاوية ورديغة لم يدخلوا بعد بالشكل المطلوب قائمة الأولويات في أجندة القائمين على الشأن الصحي بالجهة ومدبري الشأن الجهوي والمحلي. وقال زروقي في تصريح "للصباح" إن المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصحة بالجهة من نقص في الإمكانيات البشرية واللوجستيكية، تؤثر بشكل مباشر على شريحة حساسة من المرضى، ويعترف زروقي بأن التحسيس والمواكبة والتوجيه لا تزال تراوح مكانها في غياب إستراتيجية واضحة للمصالح الصحية بالجهة. واعتبر زروقي أن الحل يكمن في وضع شراكة واضحة محددة بالأهداف والوسائل بين المجالس المنتخبة، والمصالح الصحية والمجتمع المدني، من أجل توفير مركز جهوي لمرضى السرطان، يساهم في تخفيف العبء المادي والنفسي عنهم، ويمكنهم من الولوج بسلاسة للعلاج. هشام الأزهري (سطات)

مركز محمد السادس… ملاذ مرضى السرطان بثلاث جهات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سكان أحنصال نقلوا مرضاهم على نعوش

طنجة... عاصمة الشيعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات