الحسني…مستشفى صغير بفضائح كبيرة

غادرت مندوبة وزارة الصحة بالحي الحسني، زوال الأربعاء الماضي، على وجه الاستعجال مكتبها، والتحقت بالمستشفى الإقليمي، حيث كانت المديرة وتقنيات بالمختبر على وشك الإمساك بشعور بعضهن، لولا تدخل أعوان حراسة وأطر ومواطنين الذين تدخلوا لتهدئة الخواطر.. "الصباح" كانت هناك ورصدت هذه المشاهد..لنتفرج. أشبه بسوق شعبي، بدا المستشفى الإقليمي للحي الحسني بالبيضاء هذا الصباح. الضجيج والصراخ وأصوات الاحتجاج القادمة من أمام قاعة الفحص بالأشعة والمختبر تختلط بزهيق سيارة إسعاف تحمل مصابا في حادثة سير، ويضيع وسطها أنين شيخ يتمرغ ألما أسفل درج إسمنتي.زحام لا يطاق من المرضى والأطفال ومرافقيهم بقاعة انتظار صغيرة تتسع لثمانية كراس، تعلوها لوحة ضخمة كتبت عليها أسعار الخدمات الطبية يتطلع إليها حاملو بطائق رميد باستخفاف.في الجانب الآخر، وضعت لوحة أنيقة أخرى مزينة بصور ملونة تشير إلى الأقسام الكثيرة التي يتوفر عليها المستشفى. يعلق شاب ملتح غير البوزات والتصاور.. شي حاجة ما كاينة.الكل يحتج هنا على الكل: المرضى على مسؤولة مصلحة جهاز الفحص بالأشعة المعطل منذ سنة ويلوحون بأوراق مواعدهم في الهواء. حراس الأمن على مواطنين يتجمهرون أمام مدخل المختبر ولا يحترمون أوقات الدخول والخروج. المديرة تحتج على التقنيين الذين تتهمهم بعرقلة العمل، والتقنيات يصرخن في وجه المديرة ويرفضن تطبيق قراراتها. والمديرة والممرضون والأطباء وحراس الأمن والمواطنون يندبون حظهم البئيس الذي رماهم في مكان أشد بؤسا. المديرة "كاعية"هادو ما بغاوش يخدمو... باغيين يفرضو قانونهم الخاص..باغيين الدولة تخلصهم فابور..وأنا هنا باش نوقف هاد الفوضى، والله حتا نوقفها، ما غاديش نسمح لشي واحد أو وحدة يستاهن بأرواح البشر..حنا هنا باش نخدمو 24/24...تحتج، مينة الكو، مدير مستشفى الحي الحسني، وهي تلوح بعدد من الأوراق التي تعتبرها أدلة قاطعة على اضطلاعها بمهمتها الإدارية على أكمل وجه، لكن تعتقد، في الوقت نفسه، أن هناك من يريد تدمير كل ما بنته منذ التحاقها، في فاتح غشت الماضي، بهذه الإدارة.قبل عودتها إلى مكتبها رفقة الصباح، كانت المديرة في قلب مختبر التحليلات تتبادل الصراخ والتهم مع ثلاث تقنيات على الأقل. بدا، من خلال طريقة كلامهن، أن جبلا من المشاكل يحول بين أي هدنة بينهن، وفي لحظات كاد الشجار يتحول إلى شد بالأيدي ومن الشعور.قالت المديرة لـ"الصباح" إن تقنيين بالمختبر، إضافة إلى الممرضة الرئيسية، يرفضون الاشتغال وفق نظام إداري يستحضر مصلحة المرضى، مؤكدة أن الإدارة وضعت جدولا للعمل في الصباح والزوال، وضبطت أوقات الحراسة لضمان ديمومة على امتداد ساعات اليوم.أهم مشكل، بالنسبة إلى المسؤولة الإدارية، ما يحدث بمصلحة التحليلات الطبية التي تتوفر، حسبها، على سبعة تقنيين والممرضة الرئيسية، من المفروض أن يؤمن خمسة منهم عمل الصباح وبعد الزوال، فيما يتكلف اثنان بالحراسة ليلا، وفق نظام للتناوب معمول به في جميع المؤسسات الصحية.وقالت الكو إن بعض التقنيات يرفضن العمل في الحراسة ليلا بمبررات مثل المرض ورعاية الأطفال والزوج والعياء، وهي كلها مبررات واهية تتناقض مع رسالة التمريض التي تتطلب تجندا على مدار الساعة وتضحيات جسام.وأكدت المديرة، بعصبية واضحة، دون أن تكف عن التفتيش في كومة أوراق فوق مكتبها لإثبات صدق كلامها، المشكل تفجر بشكل كبير حين طلب تقني الاستفادة من عطلته منتصف الشهر الجاري، لكن زميلاته رفضن تأمين الحراسة في أوقات غيابه لأسباب مختلفة، وأضافت لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع المختل. أصدرت مذكرة تنبيه إلى التقنية التي رفضت العمل، وأخطرت وزارة الصحة بهذه التطورات، وهي بصدد اتخاذ الإجراءات. الموظفات "كاعيات" أيضاتعود "الصباح" إلى المختبر، حيث تتجمع أكثر من ست تقنيات يرفضن العمل في ظروف وصفنها بالكارثية على جميع المستويات.- شوف هاد السقف كيف داير.. غادي يطيح علينا بقوادس الواد الحار لي دايزين منو تقول تقنية.تعلق أخرى عايشين وسط الخنز والروائح الكريهة، كلنا مرضنا، وولا فينا لازم (الربو).الثالثة: هادو بغاو يقتلونا، باغيين نخدمو ليل ونهار حتى يسالو معانا..شوف هاد الباب (باب الإغاثة)، فين مفتوح، مفتوح على الزنقة نيشان، باغيين يدخلو علينا الشمكارة ويتعداو علينا....رابعة: هنا عايشين وسط قنبلة نووية موقوتة، ثم تتجه إلى صندوق حديدي، وتفتحه شوف، البوسط لكبير ديال الضو ديال السبيطار كامل حاطينو لينا وسط اللابو (المختبر)، إلا لوقعت شي حاجة غادي نوليو كلنا فاخر..فين غادي نهربو فين..كلشي حديد.خامسة: معرفناش بالضبط آش بغات هاد المديرة لي دارت حرب على واحد الزميلة ديالنا باش تخدمها في الليل، وهي أصلا خدمات في النهار وفي الصباح.الممرضة الرئيسة: لأول مرة من ثلاثين عام شفت هاد التصرفات الادارية، هاد السيدة كطلب منا المستحيل، وبغاتنا نديرو خدمتنا وخدمت شي وحدين خرين..هادي حالة ديال ليسكلافاج (العبيد).لم ينقطع شلال الشكايات وسرد عدد من المشاكل التنظيمية والإدارية التي يتخبط فيها المختبر، حسب تعبير موظفاته، اللواتي قررن الإضراب عن إجراء التحليلات الطبية واستقبال المرضى وعددهم أكثر من أربعين مريضا يوميا، إلى حين توقف المديرة عن أسلوبها السلطوي، وكفها عن محاباة موظفين وغض الطرف عنهم على حساب آخرين بدافع الانتماء النقابي وأشياء أخرى، تقول، الكاتبة المحلية للنقابة الوطنية للصحة العمومية (ك.د.ش).أكدت ناجية غيور أن الحرب التي تشنها المديرة على موظفي المختبر وموظفاته ليس سوى الشجرة التي تريد بها أن تخفي غابة من الفضائح في المستشفى، ليس أقلها ممارسة الميز بين الموظفين وإغماضها العين عن الأشباح، والذين يلتحقون بالعمل ساعة أو ساعتين وينصرفون، متسائلة كيف يمكن أن تستقيم المسؤولية الإدارية مع الانتماء النقابي؟.وحسب النقابية، ففضائح مستشفى الحسني لا يمكن اختزالها فقط في قسم التحليلات الطبية، هناك مصلحة الفحص بالأشعة المتوقفة منذ شهور، بسبب عطل مزمن في الجهاز، ويضطر المرضى إلى التنقل إلى مستشفى مولاي يوسف أو ابن رشد لإجراء الفحص.هذا المشكل لا تنكره المديرة نفسها التي أقرت بعطل جهاز الإيكوغرافي، وقالت إنها فتحت طلب عروض لشراء آخر جديد، لكن في الوقت نفسه، اقترحنا، بتنسيق مع المستشفى الجهوي، والمركز الجامعي ابن رشد أن يجري استقبال المرضى كل يوم جمعة بمعدل عشرة مرضى في الأسبوع، شرط أن تتكلف طبيبة من مؤسستنا بذلك، قبل أن تضيف كما ترى الطلب أكبر بكثير من العرض، ولوائح الانتظار تزداد تفاقما.تعود ناجية غيور إلى الحديث، لكن من زاوية أخرى تقترب من صلب الموضوع إنه المدير الجهوي الذي مازال يضع يده على هدا المستشفى بالذات دون المستشفيات الأخرى بجهة البيضاء، ويريد تسييره بطريقة التحكم عن بعد، أو عن قرب في بعض الأحيان.يوسف الساكت

الحسني…مستشفى صغير بفضائح كبيرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صفعة قوية للمعارضة الشيعية بالبحرين

"بيدوفيل" فرنسي يهتك عرض 11 طفلا بمراكش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات