الحرارة الرطبة… إنهاك وخطر

إغفال التقيد بالاحتياطات اللازمة يؤدي إلى الموت تشكل الحرارة الرطبة خطرا يهدد صحة وسلامة الشخص إلى درجة تصل إلى الموت في ظل ارتفاع درجات الحرارة، خاصة عندما يصاحبها ارتفاع في درجة الرطوبة وممارسة نشاط بدني شاق. وتنتج عن الحرارة الرطبة عدة مشاكل صحية تظهر أعراضها مشابهة لضربات الشمس ومنها ارتفاع في درجة حرارة الجسم وانعدام التركيز والهذيان والدخول في غيبوبة. عن أخطار التعرض إلى الحرارة الرطبة ومحاور أخرى يتحدث الدكتور الطيب حمضي، متخصص في السياسات الصحية في الورقة التالية، التي تشمل مجموعة من النصائح للوقاية من المشاكل الناتجة عنها. في ما يلي التفاصيل: التعرض المستمر لها يكون قاتلا علماء المناخ يتوقعون زيادتها في المناطق الاستوائية في السنوات المقبلة قد لا يتأقلم جسم الإنسان بالقدر نفسه من الحرارة والرطوبة اللتين يتنبأ بهما نظريا، إذ وجدت إحدى الدراسات الأولى لتقييم ضغط الحرارة الرطبة بشكل مباشر بين الشباب، أنه عندما تكون الرطوبة عند قيمتها العظمى المطلقة، فإن قابلية التأقلم العظمى للإنسان هي فقط 31 درجة مائوية، وهذا أقل بأربع درجات مائوية من التقديرات النظرية. لأن الجسم البشري يبرد نفسه بالتبريد التبخيري، عن طريق العرق، فمن المهم فهم "درجة حرارة الثيرموميتر الرطب" التي تتضمن درجة الحرارة والرطوبة، فكلما زادت رطوبة الهواء كان التبخر أكثر صعوبة. ومقارنة مع المناخات الحارة والجافة فإن جسم الإنسان لا يمكنه تحمل المناخات الحارة والرطبة بالقدر نفسه، وذلك لأنه عند درجة الرطوبة 100 في المائة لا يمكن للعرق أن يتبدد بسهولة لتبريد أجسامنا. ومن المحتمل أن تكون عتبة نجاة جسم الإنسان في بيئة جافة حوالي 50 درجة مائوية، ولكن بالنسبة إلى بيئة رطبة تماما تقترح النتائج الحديثة أن درجات الحرارة قد تصل فقط إلى 31 درجة مائوية، قبل أن تتعرض أجسامنا لصدمة حرارية، ومع التعرض المطول لمثل هذه الظروف فإن الموت لا مفر منه. ويقول عالم الفيزيولوجيا "لاري كيني" من جامعة ولاية بنسلفانيا، "إذا علمنا الحدود العليا لدرجة الحرارة والرطوبة، أمكننا ذلك من تحضير الناس قبل موجة الحر، خاصة من هم أكثر ضعفا وتأثرا". ولأن تغير المناخ يؤدي إلى تبخر الماء والاحتباس الحراري المفرطين، ما ينتج عنه ازدياد حرارة ورطوبة الغلاف الجوي، فإن خطر تجاوز عتبات درجة حرارة التيرمومتر الرطب يصبح أكثر احتمالا مما مضى خاصة في المناطق الاستوائية. ويتوقع علماء المناخ أنه بحلول نهاية القرن الحالي، ستعاني باكستان والهند وأجزاء من جنوب شرقي آسيا والخليج العربي، وأمريكا الوسطى مستويات عظمى من الرطوبة عند درجات حرارة أعلى من 35 درجة مائوية في كثير من الأحيان. ولمعرفة درجة حرارة التيرمومتر الرطب الفعلية التي يتعرض عندها البشر لخطر الإصابة بضربة شمس والموت المحتمل، وظف الباحثون 24 شابا يتمتعون بصحة جيدة تتراوح أعمارهم بين 18عاما و34.وأجريت التجربة في غرفة، وطلب من المشاركين ركوب دراجة تمرين ثابتة، بينما تزداد درجة حرارة الغرفة ورطوبتها تدريجيا. وعندما لم تعد أجسام المشاركين قادرة على الحفاظ على درجة الحرارة الداخلية، توقفت التجربة. وتراوحت درجة الحرارة الرطبة في التجربة 31 درجة مائوية. عصام الناصيري لمعلوماتك < السفر يمكن أن يعرض السفر إلى بيئة ذات مناخ حار رطب، أو العيش في منطقة تشهد موجة حر مبكرة للإصابة بمرض يتعلق بالحرارة، وذلك لأن الجسم لم يكن قد أتيحت له فرصة للاعتياد على درجات الحرارة المرتفعة في ظل الرطوبة. < التعرق عند ارتفاع نسبة الرطوبة، لا يتبخر العرق بسهولة ويواجه الجسم صعوبة في تبريد نفسه. ويزيد ذلك من قابلية تعرض الشخص لمشاكل الحرارة الرطبة وضربة الشمس. عند بلوغ مؤشر الحرارة 91 درجة فهرنهايت (33 درجة مائوية) أو أعلى، ينبغي اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على برودة الجسم. < أشغال ينصح بتجنب الأنشطة الشاقة خلال أشد ساعات اليوم حرا في ظل ارتفاع درجة الرطوبة. وإذا اضطر الشخص إلى القيام بعمل شاق أثناء الطقس الحار الرطب، فيجب عليه الحرص على شرب السوائل والاستراحة بشكل متكرر في مكان بارد. < أدوية إذا كان الشخص في منطقة بها حرارة رطبة يتناول أدوية أو يعاني أمراضا تزيد من احتمال التعرض لمشاكل مرتبطة بالحرارة، فيجب أن يكون حذرا أكثر ويتفادى التعرض للحرارة والإسراع بزيارة الطبيب بمجرد ظهور الأعراض. 3 عوامل للخطر يمكن أن يصاب أي شخص بالأمراض المتعلقة بالحرارة الرطبة، لكن هناك عوامل معينة تزيد من خطورتها منها ثلاثة. ويعد أول عامل خطر صغر السن أو كبره، إذ يكون الرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات والبالغون الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الحرارة الرطبة. فقدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته لا تكون قد تطورت تطورا كاملا لدى الأطفال. أما البالغون الأكبر سنا، فقد تؤثر الأمراض أو الأدوية أو غيرها من العوامل في قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة. أما ثاني عوامل الخطر، فهو استعمال بعض الأدوية، التي يمكن أن تؤثر في قدرة الجسم على البقاء رطبا وعلى استجابته بشكل مناسب للحرارة، ومنها بعض الأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب منها "حاصرات مستقبلات بيتا ومدرات البول"، أو الحد من أعراض الحساسية مثل "مضادات الهيستامين"، أو تهدئة الجسم مثل "المهدئات"، أو الحد من الأعراض النفسية مثل التوهم منها أدوية مضادات الذهان. ويعد ثالث عوامل الخطر عند التعرض للحرارة الرطبة هي السمنة، إذ يمكن أن يؤثر الوزن الزائد في قدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته والتسبب في احتفاظه بمزيد من الحرارة. أمينة كندي خطوات للوقاية يمكن القيام بالعديد من الخطوات لمنع التعرض للمشاكل الناتجة عن الحرارة الرطبة، عندما ترتفع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة في الهواء. وينصح بارتداء الملابس الفضفاضة والخفيفة، كما يمنع ارتداء قطع كثيرة من الملابس وتفادي الأنواع الضيقة منها لأنها تمنع الجسم من تبريد نفسه بصورة سليمة. ومن بين الخطوات المهمة حماية الجسم من حروق الشمس، فهي تؤثر على قدرة الجسم على تبريد نفسه، لذلك يجب حماية الجسم عند الخروج للشارع بارتداء قبعة واسعة الحواف ونظارة شمسية. ومن جهة أخرى، ينبغي استخدم أيضا مستحضر واق من الشمس واسع الطيف بعامل وقاية من أشعة الشمس"إس بي إف" لا يقل عن 15، إلى جانب وضع مستحضر واق من الشمس بكمية وفيرة وتكرار وضعه كل ساعتين، وأيضا وضعه كثيرا إذا كان الشخص يستحم أو يتعرق. ويعتبر شرب الكثير من السوائل أمرا ضروريا، فهو يساعد على ترطيب الجسم بشكل دائم وإفراز العرق والحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية. وضمن الخطوات المهمة عدم ترك أي شخص داخل سيارة متوقفة مطلقا، فهذا من الأسباب الشائعة لوفيات الأطفال المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة الرطبة. أ. ك خطـر المـوت الدكتور الطيب حمضي قال إن الرطوبة تؤثر على التعرق وممارسي الرياضة أكثر عرضة كشف الدكتور الطيب حمضي، باحث في النظم والسياسات الطبية، ما يقصد بالحرارة الرطبة، مؤكدا أنها تسبب مشاكل صحية كثيرة وقد تؤدي إلى الوفاة. وأوضح حمضي في حوار مع "الصباح" أن جسم الإنسان يمكن أن يتحمل درجة حرارة تصل إلى 50، لكن لا يقوى على ذلك، إذا كانت درجة الحرارة 40 مع نسبة رطوبة مرتفعة. في ما يلي التفاصيل: ماذا يقصد بالحرارة الرطبة؟ > قبل تعريف الحرارة الرطبة، لابد من الإشارة إلى أن ارتفاع حرارة الجو، يؤدي إلى مشاكل صحية كثيرة، ومشاكل أخرى لها علاقة بالفلاحة والمناخ وغير ذلك. وغالبا ما تتسبب المشاكل الصحية في تسجيل الوفيات، سيما إذا تعلق الأمر بموجات الحرارة المعروفة باسم "كانيكيل" والتي تكون صيفا في المغرب ودول أخرى منها أوربا وأمريكا، وتسجل آلاف الوفيات. واكتشف الخبراء أن جسم الإنسان، يمكن أن يتحمل درجة حرارة تصل إلى 50، لكن لا يقوى على ذلك، إذا كانت درجة الحرارة 40 لكن مع ارتفاع نسبة الرطوبة، وهنا نتحدث عن الحرارة الرطبة، وهي ارتفاع حرارة الجو مع وجود نسبة عالية من الرطوبة. أين تتجلى خطورة الحرارة الرطبة؟ > يحاول الجسم، في ظل ارتفاع درجة حرارة الجو، أن يحافظ على حرارته الطبيعية أي 37، ويقوم بكل ما بوسعه ويبذل مجهودا للحفاظ عليها وحتى تشتغل كل الأعضاء الحيوية، مثل القلب والكلي والمخ، بتلك الدرجة المائوية وليس أكثر. ونتيجة لهذا المجهود توسع العروق في الجلد، لهذا يصبح لون البشرة أحمر، لمساعدة الحرارة على الخروج مع العرق الذي يعد "ميكانيزم" مهما، ويساعد على تبريد الجسم. وإذا ظلت درجة الحرارة مرتفعة، يقوم الجسم بمجهود آخر. ولابد من الإشارة إلى أن هذا المجهود له حد، وفي فترة معنية ،يفقد الجسم القدرة على بذل مجهود ويصاب بإرهاق واجتفاف نتيجة تصبب العرق المحتوي على أملاح معدنية. وبالتالي لا يستطيع الجسم أن يقاوم، فترتفع درجة حرارته لتصل إلى 38 أو 39 أو أكثر، ما يعرف بـ"الضربة الشمسية" أو "الضربة الحرارية" التي تؤثر على القلب والكلي والدماغ ويمكن أن تسبب الدخول في غيبوبة. ما هي أعراض الإصابة؟ > تجمع أعراض تأثيرات الحرارة الرطبة، بين تأثيرات اجتفاف الجسم، والإصابة بالضربة الحرارية، وغالبا ما تشمل ارتفاع حرارة جسم الإنسان، وألما في الرأس والدوخة وتشنجات عضلية والقيء والإرهاق وانعدام التركيز. ومن الأعراض أيضا، ارتعاش وتشنج الجسم والهذيان والدخول في غيبوبة، سيما إذا لم تقدم للمريض الإسعافات الأولية، علما أن التأثيرات الصحية للحرارة الرطبة يمكن أن تصل إلى الوفاة. ما هي الفئات الأكثر عرضة لمشاكل صحية بسبب الحرارة الرطبة؟ > يعتبر الأشخاص كبار السن، من الفئات الأكثر عرضة لمشاكل الحرارة الرطبة، والشيء ذاته بالنسبة إلى الذين يمارسون الرياضة في ظل الحرارة الرطبة، وهنا أتحدث عن الرياضيين المحترفين وأيضا أشخاص غير ذلك. ومن أجل تجنب التأثيرات السلبية للحرارة الرطبة، من المهم اتباع مجموعة من النصائح، منها تجنب القيام بمجهودات بدنية كبيرة، والبقاء قدر الإمكان في مكان معتدل الحرارة، وتجنب الخروج خلال الفترات التي تعرف ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة، مع الحرص على شرب الكثير من السوائل، إذ يحتاج الشخص إلى أزيد من لترين في اليوم، لهذا لا ينبغي الاقتصار على استهلاك الماء فقط، لأنه سيؤدي إلى مشاكل صحية، وإنما سوائل أخرى مثل العصائر وخضر وفواكه. أجرت الحوار: إيمان رضيف في سطور – طبيب في الطب العام بالعرائش – باحث في قضايا السياسات والنظم الصحية – كاتب وناشط إعلامي في قضايا التربية والإعلام الصحي – صدر له كتاب عن التوعية الصحية وكتب مشتركة – مؤسس ورئيس سابق لعدد من الجمعيات الطبية – ناشط في المبادرات الخيرية في المجال الصحي (إنشاء مراكز تصفية الكلى، حملات طب العيون …)

الحرارة الرطبة… إنهاك وخطر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"دندنة" على "شذى تيفي"

صديقي ينتقد الشامي حول تقرير الغابات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات