فرض السرية على اللجان البرلمانية لتبرير الفشل في التعاطي مع الملف اختار بعض ممثلي النقابات الأكثر تمثيلية بمجلس المستشارين، حلا سهلا لتبرير الفشل في تدبير ملف النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم، المخيب للآمال، فقرروا فرض "السرية" على اللجان البرلمانية، خوفا من نشر الصحافيين مواقفهم المتناقضة بين دعم الوزير في لجنة التعليم، ومهاجمته في الجلسة العامة. وعوض أن يعترف بعض برلمانيي إحدى النقابات العتيدة، أنهم أخطؤوا التقدير، حينما ساندوا النظام الأساسي للتعليم وصفقوا للوزير شكيب بنموسى، في لجنة التعليم، وقرروا فجأة تغيير موقفهم في الجلسة العامة بالتهجم عليه، بعد نجاح إضراب 17 نقابة غير ممثلة في الحوار الاجتماعي وتنسيقيات، اتهموا الصحافيين بأنهم حصلوا على "معلومات" و"تسريبات" من قبل برلمانيين من نقابة منافسة، فاقترحوا فرض "السرية" على اللجان البرلمانية الدائمة بمجلس المستشارين، طبقا للقولة الشعبية المأثورة" طاحت النقابات علقوا الصحافيين". وللأسف الشديد، ساند أعضاء مكتب مجلس المستشارين بكل أطيافه فرض "سرية" لجنة التعليم، وتعاملوا مع مشاكل 300 ألف موظف بهذا القطاع الحيوي، من منظور أحادي هو منع الصحافيين من حضور أشغال اللجنة التي انعقدت، أخيرا، بمجلس المستشارين، كأنهم هم سبب النكسة الاجتماعية في غياب تأطير الموظفين، وعدم الإنصات لنبض الشارع، إذ كانت "الصباح" سباقة إلى إثارة هذه القضية حينما حج آلاف من رجال ونساء التعليم في وقفات حاشدة في غشت الماضي، وحذرت الوزير من دخول دراسي ساخن، ونبهته وكبار المسؤولين إلى أهمية عقد جلسات حوارية مع الجميع لإنهاء الخلافات عوض الاتكال على بعض النقابات التي لم تعد تقوم بعملية التأطير الميداني. وفرض مكتب مجلس الغرفة الثانية، على موظفي الفرق البرلمانية، استعمال بطائق الاعتماد، "البادج" لتأشير حضور جلسات اللجان، كي تتم مراقبة كل واحد منهم وهل "سيسرب" للصحافيين مداخلات بعض البرلمانيين، فدب الخوف في نفوس الجميع، علما أنه حتى إذا تم التسليم بالتوصل بمعطيات، فهي لا تقع تحت طائلة "أسرار الدولة" الواجب عدم نشرها، وهو ما يعرفه الصحافيون المعتمدون في البرلمان الذين يميزون بين الأمور التي تخدم المصالح العليا للوطن والتي تتمثل في إستراتيجيات ما يرجى عدم نشرها، وبين المعطيات الواجب نشرها التي تهم قضايا المواطنين التي حينما تنشر تخفف من آلام فئات اجتماعية، وتؤكد أن ممثلي الأمة والوزراء يناقشون قضاياهم، وأن تعويضاتهم المتأتية من جيوب المواطنين دافعي الضرائب، لم تذهب سدى، لأن الجميع منشغل في البحث عن حلول تقنع الجميع. وكلما تمت مفاتحة برلماني أو نقابي حول الموضوع يتنصل من المسؤولية، ويرمي بها إلى المجهول، ويدعي أنه بريء من قرار "سرية" اللجان، براءة الذئب من دم يوسف، بل يجد أعذارا كثيرة، ويلتف على الموضوع بتحوير النقاش بأن الأمر لا يتعلق بكشف رأي وموقف النقابيين في لجنة التعليم، وانقلابهم على الوزير في الجلسة العامة، بل في "تسريب" ما جرى من نقاش في مكتب مجلس المستشارين، وتبادل الاتهامات بين نقابيين برلمانيين، بالتواصل مع الصحافيين، كأنها تهمة. إن الصحافيين يشتغلون وفق ما ينص عليه الدستور، تطبيقا للفقرة الثالثة من الفصل 68 الذي نص على أن "جلسات لجان البرلمان سرية، ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحالات والضوابط التي يمكن أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية"، لذا على مجلس المستشارين التراجع عن موقفه، وفتح باب اللجان على غرار مجلس النواب، وأن النقاش الحاد بين نقابيين مفيد للمجتمع. أحمد الأرقام