شعبوية تسبق التعديلات لإثارة الفزع وزرع الفتنة بين الرجل والمرأة قبل أن تنطلق وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، في جلسات التشاور، لتنزيل التوجه الملكي الرامي إلى إصلاح مدونة الأسرة، خرجت أبواق التأثير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتحمل مضامين بعيدة عن المدونة وعن الإصلاحات، لإثارة الهلع والشكوك بسرد قصص وأخبار "شعبوية" ترفع نسبة المشاهدة وتجلب الأرباح على ظهر أقدس وثاق أسري يتم التهييء له باتزان، وعبر قنوات ديمقراطية ومؤسسات مؤهلة، خبرت إنجاز مشاريع القوانين وملاءمة النصوص. وركزت الحملات الشعبوية على جوانب ضيقة للتهويل وزرع الفتنة بين الرجل والمرأة، بعيدا عن النظرة الشاملة للأسرة، وعن خارطة الطريق التي حددها عاهل البلاد للمخاطبين بالإصلاح، والتي أهمها القاعدة الذهبية "لن أحل ما حرم الله ولن أحرم ما أحل الله". وظهر "علماء" آخر الزمن في "تيكتوك" و"يوتوب" وغيرهما، يؤلبون الناس حول الإصلاح وينسجون أكاذيب حول مضامين نصوص مفبركة لبث الإحساس بالخطر ونشر الفتنة بين الشباب، بعيدا عن الجدية التي تسير بها الأشغال، والقنوات المتعددة التي ستعبر منها الإصلاحات والكفاءات التي رصدت لإنجاز هذا المشروع الوطني، استجابة لدواع أثبتتها تجربة تصل إلى 20 سنة من الممارسة التطبيقية لقانون الأسرة، بمختلف محاكم المملكة. ولم يتحدث "الشعبويون" عن خطابات الملك السابقة واهتمام جلالته بما أبانت عنه التجربة من اختلالات وعيوب وجب التصدي لها، وهي إشارات سبقت إطلاقه المشروع الجديد بسنوات، كما لم تنتبه الأبواق التواقة للتشويش على المشروع المجتمعي إلى القنوات الديمقراطية التي ستمر منها التعديلات، وهي متعددة، بدءا من رئاسة الحكومة ومرورا عبر وزارة العدل، ثم المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، والمجلس العلمي الأعلى، باعتباره الهيأة العليا المكلفة بالفتاوى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ثم السلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والانفتاح على الهيآت الحقوقية وفعاليات المجتمع المدني، قبل إعداد المشروع، وعرضه على ممثلي الأمة بالبرلمان ومجلس المستشارين، حيث المناقشة المستفيضة والتصويت الديمقراطي. فكل هذه القنوات تجاهلتها أصوات "الغوغائية"، لغرض في نفس يعقوب. إن جلالة الملك، باعتباره أميرا للمؤمنين، وضع خارطة طريق واضحة وشاملة ولن يزايد عليها أحد، إذ أكد حرصه على أن تتم التعديلات في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، بالاعتماد على فضائل الاعتدال، والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية، كما حدد مجال الإصلاح في الاختلالات التي أظهرها تطبيقها القضائي على مدى حوالي عشرين سنة، والمقتضيات التي أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية، وأن "المرجعيات والمرتكزات تظل دون تغيير...". المصطفى صفر