كيف تقرأ عودة عبد الإله بنكيران والجدل الذي رافق تصريحاته بخصوص القضية الفلسطينية؟ بخصوص إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران، أمر داخلي ولا يمكنني إلا أن أهنئه على انتخابه أمينا عاما لهذا الحزب وعلى الثقة" التي حظي بها من قبل المؤتمرين و المؤتمرات، ونهنئهم جميعا على نجاح مؤتمرهم، وأما ما جاء على لسانه، فإننا لم نكن أمام خطاب نقابي أو سياسي يوم فاتح ماي الماضي بل كنا أمام خطبة فقيه له قدرة كبيرة على فن التواصل ويعرف كيف يوجه سهامه ويدرك مخاطر ما يقول و معاني ما يصرح به. لم نكن أمام خطاب سياسي رصين، كما عهدنا ذلك في خطابات الوزراء الأولين، مثل المرحوم عبد الرحمان اليوسفي وعباس الفاسي وإدريس جطو مثلا، حيث كانوا ينزلون كل كلمة في محلها ويوزعون الإشارات بأياديهم وملامح وجوههم، حسب ما يقتضيه مقام الخطاب، ويبعثون بالرسائل لمن يعنيهم الأمر دون حاجة إلى ذكر أسمائهم أو صفاتهم أو أفعالهم، لن أسمح لنفسي بمناقشة ما قاله بنكيران بخصوص قضايا حزبه الداخلية، وبخصوص صراعاته مع مجموعة من السياسيين والإعلاميين، فالرأي العام، وأنا منه، يتابع ويقيم كل حسب موقعه ومستواه. هل تعني أن تصريحات بنكيران تضمنت ما هو أخطر؟ ما أعده نشازا في كلام أمين عام العدالة والتنمية، هو الجزء من خطابه الموجه للرئيس الفرنسي وللرئيس الأمريكي المقصود ماكرون وترامب، فقد كان مجانبا للصواب ومتحاملا على مجال السياسة الخارجية للمملكة المغربية والمكفولة بمنطوق دستورها إلى جلالة الملك، وهذا في اعتقادي المتواضع عيب وعار على الرجل، وهو الذي يعلم، في اعتقادي، المجهودات المبذولة من قبل المؤسسة الملكية خصوصا وجلالة الملك على وجه أخص، والمؤسسات الدستورية كل حسب مسؤوليته وموقعه ومجال اختصاصه في بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل والثقة بين الأطراف والمصالح المشتركة والدفاع عن الوطن، جغرافيا وتاريخا واقتصادا وتراثا وثقافة وغيرها. هناك من يحذر من مغبة التهافت في الخطابات الحزبية ارتباطا بقرب الانتخابات، هل تتفقون مع أصحاب هذا التوجس؟ أعتقد أن هذا الشق من كلام بنكيران بالخصوص آلمني، وجعلني أقول إن الرجل فقد شيئا من حكمته السابقة في توجيه سهامه، أما لمن وجه تلك الصفات والكلمات غير اللائقة في مجتمعنا، فهو يعرفهم وهم يعرفونه، ومع كل أسف نسجل باستياء عميق أن الخطابات السياسية اليوم في المغرب، خصوصا بعد 2011 لم تعد كما كانت، وهذا نداء موجه للأحزاب السياسية بأن ترفع من المستوى الأخلاقي في تدبير الاختلاف وتوجيه الانتقاد، فالسياسة قبل وبعد كل شيء أخلاق في الممارسة وفي الكلام. أجرى الحوار: ياسين قطيب محمد الدرويش (رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين)