الحي المحمدي… بؤرة المنازل الآيلة للسقوط

مئات منها بدرب مولاي الشريف تهدد حياة قاطنيها والسلطات تقدم حلولا لطي الملف يضع سكان البيضاء أياديهم على قلوبهم، مع بداية التساقطات المطرية، أو الهزات الارتدادية، فالمنازل الآيلة للسقوط تشكل بؤرة تؤرق المسؤولين وتجعل حياة عدد كبير من السكان على كف عفريت... ويعد درب مولاي الشريف بالحي المحمدي من الأحياء الشهيرة، التي اتجهت إليها الأنظار، مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز، بل إن قنوات فضائية ومواقع إلكترونية تحدثت عن انهيار منزل بالحي، قبل أن يتم التأكيد أنه خبر زائف، لكنه يعكس حالة الخوف التي تصيب البيضاويين، بسبب تعدد حالات انهيار المنازل بدرب مولاي الشريف... فأين وصل ملف المنازل الآيلة للسقوط؟ وما الذي يحول دون طيه بصفة نهائية؟ وماهي الإجراءات التي أطلقت للحد من الخسائر البشرية؟ إنجاز: خالد العطاوي/ تصوير (أحمد جرفي) اتجهت أنظار المسؤولين وسكان الحي المحمدي بالبيضاء، مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب الحوز، إلى درب مولاي الشريف، فالمنطقة لها خصوصيات فريدة، ومنازلها تقاوم، منذ سنوات، لتفادي الانهيار، كما حدث منذ سنوات، حين لفظ شخصان مصرعهما تحت أنقاض منزل لم يعد يقوى على الصمود. أصل الحكاية يعد درب مولاي الشريف من أقدم الأحياء الشعبية بالحي المحمدي، ويعود تأسيسه إلى بداية القرن الماضي، حين هاجر المئات من الأشخاص من القرى إلى "كاريان سنطرال"، حيث شملتهم إعادة الإيواء ليستفيدوا من بقع متفاوتة المساحة والأثمان. وحسب الباحث نجيب تقي، في كتابه "ذاكرة كاريان سنطرال"، فإن أصل تسمية درب مولاي الشريف يعود إلى "مولاي ابريك بن الحسين ابن مولاي ابريك"، وهو من الشرفاء العلويين، إذ تشير عدة وثائق إلى أن شركة "لا سيماف" المالكة للأرض، كانت توكله للحضور في عمليات وضع حدود البقع التي في حوزتها منذ 1938، وتمنحه كثيرا من الصلاحيات لتمثيلها، ولأنه كان دائم الحضور في عين المكان أثناء تلك العمليات، وعلى اتصال وثيق مع الزبائن المغاربة في علاقتهم مع الشركة العقارية الفرنسية، فقد غلب اسمه على غيره. وتأخر تزويد درب مولاي الشريف بالماء الصالح للشرب والكهرباء، كما أن قنوات الصرف الصحي كانت صغيرة جدا، كما تأخر كذلك ترصيف الطرق، بالمقابل شهد الحي ارتفاعا كبيرا وسريعا في عدد سكانه لموقعه الجغرافي المتميز، إذ كان السكان يعتمدون على السقايات والآبار للتزود بالماء (عوينة شامة). منازل آيلة للسقوط شهد درب مولاي الشريف حادثين لانهيار المنازل، آخرهما في يناير 2021، ما دفع السلطات العمومية إلى محاصرة بعض الأزقة، ومطالبة سكانها بإفراغ المنازل الآيلة للسقوط، خاصة سكان العمارة 77 بدرب "لوتيسما" بالحي الذي كانت تستقر فيه 10 عائلات، إضافة إلى منازل أخرى، في حين استعانت بعمال بناء لإغلاق محلات تجارية بـ "الآجر" أو الأسلاك الكهربائية، في حين ظل السكان يحتجون، بسبب عدم وجود بدائل تقيهم من الظروف المناخية القاسية، ومطالبتهم بتعويضهم بمنازل منذ منتصف التسعينات. ويرفض سكان العمارات المتضررة مغادرة المنازل، بسبب ضيق ذات اليد والوضعية الصعبة التي يعيشونها، ثم بسبب غلاء الكراء وتكلفة المنازل، مطالبين بالتدخل العاجل للمسؤولين لإنقاذ السكان المتشردين، وتحديد مصيرهم. ويطالب قاطنو المنازل الآيلة للسقوط الجهات المسؤولة بتعويضهم بسكن لائق، سيما أن أغلبهم يعيش وضعا اجتماعيا هشا، إلى جانب رعب حقيقي مخافة انهيارها فوق رؤوسهم، كما حدث في حادثة انهيار منازل بدرب مولاي الشريف، بل سبق للسكان، في عهد الولاية السابقة للجماعة، أن نظموا وقفات احتجاجية، تنديدا بانهيار ثلاثة منازل في المنطقة نفسها، بسبب تساقط المطر بغزارة، كما اضطر بعض المتضررين إلى المبيت في العراء، من بينهم نسوة، ومسنون. وتتسبب حوادث انهيار منازل في درب مولاي الشريف في حالة هلع وسط سكان المنطقة، وتتجدد مطالب المتضررين، الذين وجدوا أنفسهم دون مأوى، أو تحت أسقف مهددة بالسقوط، داعين إلى الالتفات إلى مطالبهم، وإغاثتهم، بعدما ظلوا سنوات في انتظار تسوية ملفات نقلهم إلى مساكن جديدة. إجراءات جديدة تجمع كل المعطيات أن ملف المنازل الآيلة للسقوط في درب مولاي الشريف يوشك على نهايته، إذ تعقد اجتماعات متتالية لتحديد الأولويات، ومنها إسناد فحص ألف بناية إلى المختبر العمومي للتجارب والدراسات، الذي استطاع أن يحدد وضعية 400 بناية إلى حد الآن، وخرج بتقرير حول عدد البنايات التي يستوجب إغلاقها أو هدمها. من جهته أسند مجلس جماعة البيضاء إلى شركة متخصصة، لها خبرة طويلة في المجال نفسه، عملية هدم البنايات، علما أن الاجتماعات تتواصل لإيجاد حل لإيواء القاطنين بالمنازل، خاصة أن بعضهم استفاد من شقق في منطقة مديونة، وآخرين في إحدى التجزئات السكنية بالمحمدية. ولا تمنع كل هذه الإجراءات من استمرار مشكل إيواء باقي السكان، إذ ابتكرت عمالة الحي المحمدي عين السبع، بتنسيق مع المقاطعة الجماعية الحي المحمدي، حلولا لتسوية الملف، منها تسليم مالك المنزل البقعة الأرضية بعد هدمه، وبناء ثلاث طوابق، أما المكترون فالدولة ستتكلف بإدماجهم في مشاريع سكنية بمبلغ مالي يراعي ظروفهم الاجتماعية. الرخيص: حلول مبتكرة لإدماج السكان أين وصل ملف درب مولاي الشريف؟ > كما تعرفون أن منطقة درب مولاي الشريف بالحي المحمدي لها طابع خاص، إذ شيد الحي ابتداء من 1930، وهي الفترة التي غابت فيها جميع قوانين التعمير، فالبناء كان يتم بشكل بدائي، رغم الكثافة السكانية الكبيرة، ففي كل منزل يوجد عشرات الأشخاص الذين يكترون الغرف منذ تلك الفترة، حتى أنه يمكن أن تستقر ثماني أسر في منزل واحد. وكما تعلمون أيضا، أن درب موالي الشريف شهد حادثتين لانهيار المنازل، آخرهما في 2021، حيث توفي شخصان داخل منزل صدر في حقه قرار الإخلاء والهدم، إلا أنهما فضلا الاستقرار به آنذاك، بسبب الوضعية الاجتماعية الهشة. بصفتك رئيس الجماعة، كيف تعالجون هذا الملف؟ > منذ تحملي مسؤولية تدبير شؤون المقاطعة الجماعية الحي المحمدي، اعتبرت ملف درب مولاي الشريف من الأولويات، فالحد من الخسائر البشرية أساسي في العمل، لذلك طرحت الموضوع على نبيلة الرميلي، عمدة المدينة، على أساس تخصيص ميزانية لعمليات هدم المنازل الآيلة للسقوط. لقد كشفت وثائق ملف درب مولاي الشريف وجود عملية إدماج للسكان في شقق بمناطق أخرى، بعد هدم منازلهم، تحت إشراف السلطات المحلية، إذ استفادت 540 أسرة من شقق في منطقة مديونة، وآخر دفعة تمثلت في 320 أسرة استفادت من شقق في المحمدية، لكن هذا المجهود الكبير ليس كافيا لطي الملف بشكل نهائي. آخر ما قامت به رئيسة مجلس جماعة البيضاء، تمثل في إبرام اتفاقية مع المختبر العمومي للتجارب والدراسات، تنص على فحص ألف بناية، علما أن الإجراءات القديمة، الخاصة بالخبرة كانت في حد ذاتها إشكالية كبيرة وتشكل عائقا لطي الملف، فالجماعة، كانت تعاين البنايات عن طريق لجنة تتكون من الوكالة الحضرية ووزارة السكنى والعمالة والأمن الوطني والمقاطعة، وحين يصدر قرار ما يتم الطعن فيه من قبل السكان، وهو ما أجل اتخاذ القرارات. ما هي النتائج التي وصل إليها المختبر؟ > اعتبر أن تكليف المختبر العمومي للتجارب والدراسات لفحص البنايات قرار سليم، إذ سيتم الاعتماد عليه بشكل نهائي، علما أن خبراءه يعملون منذ حوالي ثلاثة أشهر، وتم فحص حوالي 400 منزل من أصل ألف، علما أن الحديث عن درب موولاي الشريف يشمل أحياء أخرى مجاورة، مثل درب السعد الذي يضم بنايات قديمة. وتشير آخر الإحصاءات، التي صدرت في نهاية ماي الماضي وهمت 400 منزل، أن المنازل التي اعتبرت آيلة للسقوط يصل عددها إلى حد الآن 304 منازل، بسبب التصدعات وشقوق وتحتاج، إما الهدم الجزئي أو الكلي. ومن بين 304 منازل آيلة للسقوط توجد 230 تستوجب هدما كليا، و30 هدما جزئيا، كما يوجد 34 منزلا صدرت بخصوصها قرارات الإخلاء، تخوفا من أي انهيار. لكن فحص المنازل ليس الإجراء الوحيد؟ > بالتأكيد، ويكفي أن أشير إلى أن مجلس المدينة أبرم اتفاقية مع شركة إدماج سكن بقيمة 600 مليون سنتيم، من أجل مباشرة عمليات الهدم، وهي شركة تتوفر على خبرة طويلة في هذا المجال، فالهدم في أحياء مثل درب مولاي الشريف يتم يدويا، دون الاستعانة بالآليات، تفاديا لانهيار منازل أخرى، كما حدث في بعض المنازل بأحياء أخرى. وهل تم إيجاد حل لمشكل الإيواء؟ > ما ننتظره الآن، تدخل السلطات المحلية من أجل توفير شقق للمعنيين، إذ تم رصد حالات أشخاص قاطنين أغلقت منازلهم المهددة بالانهيار، إلا أنه مع مرور الوقت عادوا إليها، لعجزهم عن توفير سكن لهم. يعني أن المشكل الرئيسي يتمثل في توفير الشقق؟ > بالفعل هذا هو المشكل، رغم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها السلطات المحلية، إلا أنه يبقى مشكلا قائما، ويتجدد طرحه في فصل الشتاء، أو في الحالات التي تعرف بعض الكوارث الطبيعية، كما هو الشأن مع الزلزال. وهل هناك حلول مبتكرة؟ > هناك مبادرة قام بها عامل عمالة عين السبع الحي المحمدي، ولقيت استحسانا من قبل الجميع، وتتمثل في تسليم مالك المنزل البقعة الأرضية بعد هدمه، ويمكنه بناء ثلاثة طوابق، أما المكترون فالدولة ستتكلف بإدماجهم في مشاريع سكنية، وهي تجربة ستجعل صورة درب مولاي الشريف في حلة جديدة، فالمكتري الذي كان يتوفر على غرفة واحدة، سيحصل على شقة بثمن مائة ألف درهم، تؤدى بالتقسيط، وهي طريقة مثلى لطي صفحة المنازل الآيلة للسقوط في درب مولاي الشريف، خاصة أن السلطات المحلية تشرف على جميع المراحل.

الحي المحمدي… بؤرة المنازل الآيلة للسقوط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"خريـف" الشعـر... لا حاجـة للخـوف

المؤبد لقاتل جارته بساطور في طنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات