جرائم الأنترنت تتسرب من “ثقوب” التنشئة

حولت العولمة والتطورات الهائلة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والسماوات المفتوحة، العالم إلى شبه قرية صغيرة، وأصبحت الدول النامية تواجه إشكالية التعايش والتفاعل مع هذا العالم المتغير، من خلال تعليم وتأهيل الإنسان القادر على التفاعل الايجابي والتعامل الواعي مع هذه التطورات ومحاولة تحقيق المعادلة الصعبة التي تقتضي التعامل مع تحديات العولمة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الهوية الثقافية لهذه المجتمعات.وفي عمق هذه التحولات، تبرز القضايا والإشكاليات التي تطرحها العولمة على عملية التنشئة الاجتماعية ودور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية المختلفة، وتأثيرات ذلك على سلوكات الأفراد والجماعات ونزوع بعضهم إلى استغلال هذه الانفتاح، ليس لأغراض سوية، بل لإشاعة مظاهر الإجرام، مثل الابتزاز والنصب والاتجار في المخدرات والاعتداءات الجنسية على الأطفال والقاصرين، والاغتصاب الجماعي، كما وقع في عدد من المدن بالمغرب في الآونة الأخيرة.واستأثر هذا الموضوع باهتام عدد الباحثين منذ سنوات وقدموا فيه عددا من المساهمات والتحاليل والرؤى ووجهات النظر المختلفة، لكن يعتبر المصري محمد شومان، العميد الحالي لكلية الاتصال والإعلام بالجامعة البريطانية والأستاذ السابق بكلية الإعلام بجامعة عين شمس، أفضل من حاضر في إشكالات التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بالعولمة ووسائل التطور التيكنولوجي.وهو من أوائل الباحثين العرب الذين انتبهوا إلى أن العولمة لا تساهم، فقط، في زيادة التباعد والتفاوت الاجتماعي الاقتصادي والتعليمي والمعرفي بين الناس، بل قد تدفع آثارها الاقتصادية عددا من الحكومات إلى خوصصة بعض مؤسسات التنشئة الاجتماعية، مثل الإعلام والتعليم أو على الأقل بعض المدارس والجامعات، في أفق تحجيم الأهداف الإنسانية والثقافية والاجتماعية للتعليم على حساب المعايير ذات الطابع الاقتصادي.ويشرح شومان، في دراسة في عدة صفحات، كيف أن هذه التحولات، إضافة إلى انفجار ثورة الإعلام والمعلومات والتدفق الحر للأخبار والمعلومات والصور والرموز عبر الحدود، ستؤدي إلى إضعاف بعض أدوار الدولة والأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية.ويقترح الباحث وصفة من عدة مقترحات للتصدي لتأثير هذه المتغيرات على الأسر والأفراد، ومن ذلك الحرص على دعم التفاعل الاجتماعي بين أفراد الأسرة من خلال تمضية أوقات الفراغ في تبادل القصص والحوارات والمناقشة الجماعية بعيدا عن استخدام أي وسيلة من وسائل الإعلام، أو الكمبيوتر داخل المنزل، مؤكدا أن هناك تجارب مفيدة قامت بها بعض الأسر الأمريكية تحت عنوان العيش دون تلفاز لعدة ساعات يكون الأطفال فيها متيقظين، كما أن بعض الأسر استغنت عنه نهائيا.هناك أيضا، مشاركة كل أفراد الأسرة خاصة الصغار في التعبير عن أنفسهم وتوجيه الحوارات والمناقشات باتجاه دعم التماسك والترابط الأسري والاعتزاز بالأسرة والمجتمع والتأكيد على القيم والعادات والتقاليد التي تميز الثقافة العربية الإسلامية وتمثل حائط صد قويا ضد ثقافة الاستهلاك والقيم الفردية.من بين هذه الوصايا أيضا، أهمية إرشاد الأطفال والمراهقين لكيفية استخدام وسائل الإعلام وألعاب الكمبيوتر والأنترنت فيما يتعلق بمعايير الاختيار بين وسائل الإعلام المختلفة أو بين قنوات التلفزيون وبين البرامج والمضامين الكثيرة التي تقدمها، مع الحرص على إحكام الرقابة والمتابعة الأسرية وبأساليب تربوية لاستخدام الأطفال والمراهقين للهواتف المنزلية.من الضروري، حسب الباحث نفسه، فتح قنوات الحوار مع الأطفال والمراهقين حول جرائم الأنترنت التي قد يتورطون فيها دون معرفة، أو قصد، فضلا عن مكاشفة الصغار حول الأهداف الحقيقية لمواقع الإثارة والجنس، وكيف أن التعامل معها يحقق فقط أرباحا طائلة للأفراد والشركات التي تؤسس وتطلق هذه المواقع المدمرة. يوسف الساكت

جرائم الأنترنت تتسرب من “ثقوب” التنشئة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سويعة" مع أصدقاء "الفايس"تتحول إلى أيام احتجاز

قاصرات ومتزوجات في شراك "فيسبوك"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات