مجازر البيضاء… هكذا ترك الأتراك الجمل بما حمل

الصباح تنفرد بنشر الأسباب الحقيقية لفسخ العقدة من جانب واحد ومفاجآت منتظرة أثناء التقاضي لم يطو ملف المجازر الحضرية بعقد دورة استثنائية حازت موافقة أغلبية أعضاء مجلس المدينة بتفويض التدبير والمراقبة المؤقتة إلى شركة للتنمية المحلية لمدة سنة، بل فتح على التو، بإعطاء الإذن إلى عمدة المدينة بفتح مسطرة التقاضي ضد الشركة التركية، بعد اتهامها، على نحو صريح، بالتماطل في تنفيذ الالتزامات الموقع عليها في بروتوكول 22 يناير الماضي. الأيام المقبلة ستكشف عن مفاجآت "غير سارة" في هذا الملف المعقد، جزء منها اطلعت عليه "الصباح" من خلال عدد من الوثائق والمراسلات بين الجماعة والشركة التركية المؤرخة في غشت الماضي. منذ بداية السنة الجارية، كان أعضاء المكتب المسير لمجلس المدينة يتوقعون كل شيء من "انلير المغرب"، الشركة التركية المكلفة بالتدبير المفوض للمجازر الحضرية للدار البيضاء منذ 18 ماي 2008، إلا أن تسقط رسالة في بريد المجلس تتضمن قرارا نهائيا بفسخ العقد من جانب الواحد مبررا بعدد من الأسباب لم يكشف عنها إلى حد الآن. رسالة الفسخ"الصباح" بحثت وعثرت على الرسالة التي تحمل رقم 487 المؤرخة بتاريخ الاثنين 4 غشت الماضي، وصلت إلى الجماعة وسجلت في مكتب الضبط تحت رقم 10988 وتتضمن أربع فقرات أساسية:تذكر الأولى مجلس المدينة بمضمون البروتوكول الموقع بين الطرفين بتاريخ 22 يناير الماضي بحضور محمد ساجد، رئيس جماعة الدار البيضاء وعامل العمالة ومدير الشركة التركية، أشارت فيها إلى إخلال الجماعة بعدد من التزاماتها، و"رغم ذلك حافظنا على وتيرة التسيير".وتشير الفقرة الثانية إلى النقطة التي يمكن أن تكون أفاضت الكأس بالنسبة إلى الشركة التركية، ويتعلق الأمر، حسب رسالة الشركة التركية، بعدم التزام الجماعة الحضرية بأداء حصتها من الزيادة في الحد الأدنى للأجور بالنسبة إلى عدد من المستخدمين بالمجازر الحضرية، تنفيذا للقرار الحكومي القاضي بزيادة 10 في المائة في "السميك" على دفعتين، واحدة في يوليوز الماضي، والثانية في يوليوز من السنة المقبلة.وتذكر الفقرة الرابعة بمضمون البروتوكول الموقع بين مجلس المدينة والشركة التركية بتاريخ 3 أبريل الماضي بخصوص الفارق في الحد الأدنى للأجور، حسب ما يقتضيه الفصل 35 من دفتر الحسابات الخاصة "سي .بي.إس". ولاحظت ""انلير المغرب" في الرسالة نفسها أن الجماعة لا ترغب في حل هذا المشكل.وعادت الشركة التركية إلى الملف الخاص بالأمونياك الذي فجر العلاقة بين الطرفين، وقالت الرسالة بهذا الخصوص إن الشركة التزمت، بناء على مضمون الاتفاق الموقع في 22 يناير 2014، بضخ مبلغ مالي للاستثمار في تغيير نظام التبريد الخاص بالمجازر بالاستغناء عن مادة الأمونياك وتغييرها بمادة "الماء غليكوري"، حسب توصية لمكتب الدراسات "مارك نومبري"، وأكدت الشركة أنها طلبت عدة مرات من السلطات المحلية الترخيص لها بإنجاز ذلك عن طريق مراسلة رسمية، ما اعتبرته خرقا لمضمون البروتوكول.وتضمنت الفقرة الرابعة من الرسالة قرار الشركة بإلغاء العقدة، حسب الفصل 47.2 من دفتر الحسابات الخاصة "سي .بي.إس"، وإعطاء الجماعة مهلة 7 أيام قبل الرحيل، مع الاحتفاظ بحقها في سرد عدد من الأسباب الأخرى أمام الجهات المعنية، قد تكون قضائية، لكن لم تذكرها بالاسم. جواب أولي آخر مفصلبسرعة، تفاعل مجلس المدينة مع رسالة فسخ العقدة. وفي هذا الإطار بعث أحمد بريجة، نائب العمدة، برسالة فورية إلى مدير الشركة، يطلب احترام دفتر التحملات الذي يربط الطرفين، ويرغم مسؤوليها على استئناف العمل في المجازر بشكل فوري في ظرف 24 ساعة، مع لجوء الجماعة، حسب المساطر الجاري بها العمل، إلى تفعيل الفصول 45 و46 و47 من عقد التدبير المفوض في حالة الفسخ من جانب واحد.بعد يومين أيضا من وصول رسالة إلغاء العقدة، توصل مدير الشركة التركية بجواب من مجلس المدينة في صفحتين، يتــــضــمن ثـــــــــــــــلاثـــــــــة توضيحات أساسية:الأولى: أن رسالة الفسخ غير موقعة، علما أن المحضر الرسمي للجمع الأخير للشركة المنعقد بتاريخ 22 ماي الماضي، ينص على أن الوثائق الرسمية لا توقع إلا باسم "أوندر انلير"، المسير الوحيد، أو من قبل السيد "تارماز تحسين".الثانية: بناء على مضمون عقد التدبير المفوض، لا يمكن فسخ العقد من جانب واحد إلا لأسباب لها علاقة بعرقلة السير العادي للخدمة، ما لم يقع أصلا، حسب الرسالة الجوابية.الثالثة: ليس للشركة التركية الحق في أن تقرر فسخ العقدة من جانب واحد، إلا بعد مفاوضات مباشرة مع السلطة المفوضة بحضور السلطة الوصية، كما ليس لها الحق في تحديد مهلة فسخ العقد. وأثارت الرسالة الجوابية، الموضوع المتعلق بحصة الجماعة من الزيادة المقررة في الحد الأدنى للأجور، مؤكدة أن مجلس المدينة تفاعل مع هذا القرار، دون أن يحصل على المعطيات والمعلومات الدقيقة بخصوص العمال، خصوصا لائحة هؤلاء الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور، حتى يتسنى حساب الغلاف المالي الذي ينبغي رصده للعملية.واتهمت رسالة مجلس المدينة، التي تتوفر "الصباح" على نسخة منها، الشركة التركية بعدم التزامها في تنفيذ الاستثمارات الخاصة بتجديد نظام التبريد بالمجازر وإطلاق طلب العروض بتغيير الـ"أمونياك" بـ"الماء غليكوري"، وتغيير القنوات السابقة بقنوات من مادة "الإكينوكس".وعبر مجلس المدينة عن رفضه إعطاء الجماعة مهلة 7 أيام، ودعاهم إلى استئناف العمل، مع الدعوة إلى عقد اجتماع خلال الأسبوع بين 11 و15 غشت الماضي بحضور الرئيس المدير العام للشركة "أوندر انلير" للحسم في هذه الوضعية.إجراءات للإنقاذوبدا من خلال تطور الأحداث أن الشركة ضربت صفحا على الرسالة الجوابية لمجلس المدينة، ورفضت استئناف العمل بالشروط المقترحة عليها، كما أغلق المسؤولون هواتفهم ورحل جزء منهم إلى خارج المغرب.في هذا الوقت، اضطر مجلس المدينة، الذي كان أغلب أعضاء مكتبه المسير يقضون عطلتهم السنوية ومنهم العمدة نفسه، إلى اللعب على المكشوف، حيث تسرب الخبر رسميا إلى الصحافة لإطلاع الرأي العام الوطني عن تفاصيل ما يجري بالضبط بواحد من أهم المرافق العمومية بالعاصمة الاقتصادية، والإجراءات الاستعجالية التي اتخذها فريق الإنقاذ، بقيادة أحمد بريجة، نائب عمدة المدينة، لتسلم زمام الأمور، وضمان استمرار المرفق ووصول اللحوم الحمراء إلى المستهلكين في فصل يشتد فيه الطلب على هذه المادة الغذائية.أول اجتماع عقده بريجة، يوم 6 غشت الماضي، كان مع الكتابة العامة لعمالة مولاي رشيد لدراسة إمكانية تسيير المجازر عن طريق الوكالة المستقلة للتثليج، وهو المقترح الذي بدت صعوبة تنزيله تقنيا وتنظيميا، قبل أن ينتقل فريق الإنقاذ إلى مقر الجماعة لعقد اجتماع ثان، تمخض عنه تسيير المرفق بشكل مباشر مؤقتا إلى حين البث في الموضوع في إطار دورة استثنائية.الاجتماع نفسه تدارس إمكانية اللجوء إلى شركة للتنمية المحلية لتدبير المجازر وتمويل المصاريف وأداء أجور 330 عاملا ومصاريف المعدات والصيانة والآليات. بموازاة ذلك، بادرت الجماعة، فورا، إلى تزيد المرفق بالغازوال الكافي لتشغيل المحرقة والآليات ذات الصلة، ثم تكثيف الحراسة 24/24 بواسطة شركة خاصة واستخلاص المداخيل من قبل وكيل مداخيل المجازر. ما خفي أعظم رغم القرارات التي اتخذها مجلس المدينة في دورة استثنائية عقدت، أول أمس (الأربعاء)، لإيجاد حلول مؤقتة لتدبير المجازر، مازال عدد من المستشارين ينبهون إلى مناطق الظل في هذا الملف المعقد، مؤكدين أن الشركة التركية ستدافع عن نفسها بشراسة أثناء انطلاق مساطر التقاضي، ومن غير المستبعد أن يقول محاموها "كل شيء" ويفجرون جميع القنابل التي تطيح برؤوس كبار بالمدينة.ويتحدث عدد من أعضاء المجلس بأصوات عالية عن كشف المستور في هذا الملف، ليس بإطلاق مسلسل التحقيق في الاختلالات المالية والتقنية لمجازر الدار البيضاء، بل أساسا بتحديد مسؤولية كل الأطراف، بمن فيها أعضاء في السلطة المفوضة، والعودة إلى المراحل الأولى للتفاوض مع الشركة التركية قبل 2008، ومن كان يتفاوض، وكيف أسست شركة انلير المغرب"، ومن هم المساهمون الأولون، وكيف انسحب من انسحب ودخل على الصفقة من دخل وبأسماء من بالضبط....? إنجاز: يوسف الساكت

مجازر البيضاء… هكذا ترك الأتراك الجمل بما حمل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحداث أكبر مجزرة في شمال إفريقيا

فاطمة عاطف : أنــا ســيــــدة الــجـــرأة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات