الثراء غير المبرر للقاضي يقود إلى المساءلة

مكنت مسودة مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أرجأ المجلس الحكومي الخميس الماضي المصادقة عليه، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من تتبع ثروة القضاة، من خلال تقدير ثروتهم بواسطة التفتيش، كما أصبحت أي زيادة ملحوظة في ثروة القاضي أثناء ممارسة مهامه موضوع متابعة تأديبية، إذا لم يستطع تبريرها بصورة معقولة. ولضمان استقلال القاضي الذي نص عليه دستور 2011، في الفصل 109 منه، أقرت مسودة المشروع سهر المجلس على ضمان احترام القيم القضائية، والتشبث بها وإشاعة ثقافة النزاهة والتخليق بما يعزز استقلال القضاء، واتخاذ كل الإجراءات المناسبة من أجل ذلك، إذ منع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، موضحا أن القاضي "لا يتلقى بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط"، وأن على أي قاض اعتبر أن استقلاله مهدد إحالة الأمر على المجلس الأعلى للسلطة القضائية.وبشأن المتابعة أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية أحاطت المسودة تأديب القضاة بعدد من الضمانات، في مقدمتها عدم تحريك المتابعة التأديبية إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية، وحق القاضي المتابع في الاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بملفه التأديبي وأخذ نسخ منه، وإمكانية مؤازرته بأحد زملائه القضاة أو بمحام. كما حصر المشروع مدة البت في الملفات التأديبية في أربعة أشهر من تاريخ تبليغ قرار الإحالة إلى القاضي المعني، غير أنه يمكن للمجلس بموجب قرار معلل تمديد الأجل لمرة واحدة وللمدة نفسها، وهو الأجل الذي لا يسري على القضاة المتابعين جنائيا إلا بعد صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به.وحملت مسودة مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بعض النقاط التي أثارت عددا من التعليقات، خاصة تلك المتعلقة باشتراط خمس سنوات أقدمية في السلك القضائي تحتسب من تاريخ ترسيم القاضي لإمكانية الترشح للعضوية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، واعتبر عدد من القضاة أن الأمر ينافي المبادئ الدستورية والحقوقية بشأن أحقية الترشح، كما تحدثت المسودة عن تنافي العضوية في المجلس، بالنسبة إلى القضاة المنتخبين، مع شغل منصب مسؤول قضائي أو ممارسة فعلية لمهام قضائية بإحدى المحاكم، كما اعتبرت المسودة أن العضوية تتنافى كذلك مع العضوية في المكتب المسير لجمعية مهنية للقضاة. أما بالنسبة إلى الشخصيات التي يعينها الملك في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فأكدت المسودة أن العضوية في المجلس تتنافى بالنسبة إليهم مع العضوية في الحكومة أو مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أو المحكمة الدستورية أو كل هيأة أو مؤسسة من المؤسسات والهيآت المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من الدستور، كما تتنافى العضوية في المجلس مع ممارسة أي مهنة قضائية أو مهمة عامة انتخابية ذات طابع سياسي أو نقابي كيفما كانت طبيعتها أو شكلها. وحصرت المسودة مدة التمثيلية في المجلس في خمس سنوات غير قابلة للتمديد بالنسبة إلى الأعضاء المنتخبين والمدة نفسها للأعضاء المعينين، مع إمكانية التجديد لمرة واحدة، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة بشأن قصر إمكانية تجديد الأعضاء المعينين فقط.وتضمنت المسودة منعا لأعضاء المجلس من اتخاذ أي موقف أو القيام بأي تصرف أو عمل يمكن أن ينال من تجردهم أو من استقلالية المجلس، كما يمنع على أعضاء المجلس بوجه خاص، ولو بعد انتهاء مدة عضويتهم بالمجلس، اتخاذ أي موقف علني في القضايا التي سبق للمجلس أن بت فيها أو يحتمل أن يصدر منه قرار في شأنها. ومنح المشروع للقضاة المنتخبين والأعضاء المعينين تعويضا عن المهام يساوي على الأقل التعويض النيابي.كما نص المشروع على أن المجلس مؤسسة دستورية تتمتع بالأهلية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وتتوفر على مقر خاص بالرباط، ويضع المجلس بعد استشارة الجمعيات المهنية للقضاة، مدونة للأخلاقيات القضائية تتضمن القيم والمبادئ والقواعد التي يتعين على القضاة الالتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية، وذلك من أجل، الحفاظ على استقلالية القضاة وتمكينهم من ممارسة مهامهم بكل نزاهة وتجرد ومسؤولية، وصيانة هيبة الهيأة القضائية التي ينتسبون إليها والتقيد بالأخلاقيات النبيلة للعمل القضائي والالتزام بحسن تطبيق قواعد سير العدالة، وحماية حقوق المتقاضين وسائر مرتفقي القضاء والسهر على حسن معاملتهم في إطار الاحترام التام للقانون، وكذا تأمين استمرارية مرفق القضاء والعمل على ضمان حسن سيره. ويشكل المجلس لجنة للأخلاقيات القضائية تسهر على تتبع ومراقبة التزام القضاة بالمدونة. كريمة مصلي

16 مليارا لإعادة بناء المركب التجاري بالناظور

الخضراوي: غياب تصور شامل لقانون السلطة القضائية

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات