العروسي… صوت الجبل : غنـى “القبطـان صولـي” فسجـن

من بين الفنانين الذين كان لهم ارتباط بالعروسي، الفنان محمد المريني الملقب ب"السنتاوي" ابن دوار السنتية بدائرة غفساي بتاونات البالغ من العمر 63 سنة، وله عدة أغاني كلها في فن العيطة الجبلية. وعرف هذا الفنان الذي يلقب ب"العلبة السوداء للعروسي"، بعشقه للكمان والعود والغيطة والفلكلور الجبلي من قبيل التبوريضة والكناوية وحمادشة وأهازيج الأعراس والأفراح الجبلية. وتعود بداية ارتباطهما فنيا إلى سنة 1967 لما تأثر المريني الذي تعاطى الموسيقى وفنون العيطة في ربيعه الثاني عشر خارج منطقة غفساي التي غادرها ذات يوم من موسم الزيتون، بأغنية "باباكم أولادي خلاكم صغارين أيما" واحدة من أقدم وأجمل وأنجح أغاني العروسي، التي "كان المستمعون يذرفون الدموع لسماعها وعمق الإحساس الذي يشعرون به والموضوع الذي عالجته"."باباكم أولادي خلاكم صغارين أيما.. باباكم أولادي ليفتش فالصنادق، أنا نقول لو نبقى وهو ليقول لي نطلق.. باباكم أولادي دحاني ورماني، وأنا شي ما لقيتو، الصغيوار فيكم أولادي خليتو بلاحيتو".. تلك مقاطع مؤثرة من تلك الأغنية التي كانت سببا في عشق المريني وارتباطه فنيا بمؤديها الذي اشتهر كثيرا أثناء تداولها على نطاق واسع على أمواج الإذاعة الوطنية في مراحل لاحقة. وكانت تلك الأغنية، حسب الباحث محمد مريزق المتهم بالنبش في تاريخ وجذور المنطقة، سببا في التحاق المريني، بفرقة الراحل والنبع من بحر الغناء الجبلي بمعية الفنان محمد العروسي الذي كان يقيم بدوار بني دركون بتافرانت في بيت قروي بسيط اقتضى الأمر منه المشي على الأقدام في جزء كبير من مساره للوصول إليه"، قبل أن يعاشره في مراحل مهمة من مشواره الفني الزاخر.حينئذ وجد محمد المريني الذي سرعان ما تخصص في فن "الغيطة" مؤسسا فرقة خاصة به، في استقباله أم الفنان العروسي التي سألته عن داعي الزيارة ليؤكد مجيئه في طلب فرقة أولاد الطريرف الذين تتلمذ على يدهم ابنها محمد العروسي الذي ينتمي إلى عائلة العروسيين، إذ كان ضابط إيقاع على آلة "التعريجة" وأخوه مولاي امحمد عازف كمان بقيادة الفنان المعروف بالشريف المتوفى.ويقول مريزق إن محمد العروسي سيحل محل أبيه المتوفى ضمن مجموعة "أولاد الطريريف" بعد مرحلة من التداريب والتعاطي للغناء على آلة بسيطة من صنع تقليدي بواسطتها كانت انطلاقة هذا الفنان بشكل رسمي ضمن الفرقة التي كان يشرف عليها حينئذ الفنان امحمد الطريرف بدوار عين أحمد بمنطقة غفساي، برفقة أخيه مولاي أحمد العروسي العازف على آلة الإيقاع "الدربوكة". ومن حينها توطدت العلاقة بين الفنانين محمد العروسي وشقيقه مولاي أحمد، ومحمد المريني الذي تعرض إلى اعتقال تعسفي صيف سنة 1971 غداة أحداث الصخيرات إذ احتجز وحبس لـ3 سنوات بسبب أغنية "ملكنا الصديق نجاه الله" عن فشل الانقلاب، بعد اقتياده من ساحة الهديم بمكناس نحو المجهول. لكن الحاج العروسي كان أسبقهم إلى الغناء بعد أدائه أغنية "القبطان صولي". تلك الأغنية أداها الراحل ضمن مجموعة أولاد الطريرف وكانت البدايات الأولى لشهرته وعدائه مع المستعمر الفرنسي ومعرفته به، إلى جانب أغنية "العيدي أوليدي" التي كان محمد العروسي يتغنى بها في أوساط السكان وفي أفراحهم، قبل أن يتوصل المستعمر بخبر تلك الأغنية التي كانت سببا في اعتقال العروسي ومحاكمته وإدانته ب10 سنوات سجنا، وقضائه أشهرا رهن الاعتقال.ويحتفظ الفنان محمد المريني المعروف ب"السنتاوي" الذي أبدع ألبوم "مقابلة البحر"، بذكريات جميلة عن مجموعة أولاد الطريرف التي جمعته بالعروسي والشاهدة على صفحة ناصعة من بدايات "أيقونة الطرب الجبلي" وهو ابن منتصف عقده الثاني، قبل أن يشتهر ويراكم ما سلف ذكره من أغاني رائدة وخالدة ما زالت على ألسنة الجميع، ونسبة مهمة منها مقتبسة من الرواية الشفهية بالمنطقة.حينئذ كانت المجموعة تتكون من مولاي امحمد الطريرف ومحمد العروسي ومولاي أحمد العروسي وأحمد الهيثوم وعبد السلام الخمسي والفنان محمد المريني (السنتاوي) والكرام و"بجظالة"، فيما يشير محمد مريزق إلى أن أشهر أغنية كانت الدافع الرئيسي لدخول الفنان الراحل محمد العروسي إلى دهاليز الإذاعة الوطنية في سنة 1958، هي أغنية "سيدي محمد هدي كلها نزاهة". وهي الأغنية التي أداها لمناسبة عودة الملك محمد الخامس من المنفى، قبل تأديته أغنية "دمني هذ الدار أللا عليا وبالعلو.. سيدي محمد يا التفاح لحلو.. اللهم صلي على نبينا" التي فتحت بدورها باب الإذاعة في وجهه، فيما شكلت أغنية "القبطان صولي" وجها آخر لشهرته، بعدما ترجم فيها سوء علاقته بالفرنسيين، قبل افتضاح أمره ووشاية أحد أعيان بني ورياكل به إلى المستعمر."مالي وماي واهيا ليقول القاضي.. أنا فالقيطون والقبطان ليقول جيبو الزيتون.. أنا فالبيت والقبطان ليقول جيبو الزيت.. هذا عام المقشوف والقبطان ليقول جيبو الصوف".. تلك مقاطع من أغنية "القبطان صولي" التي هجا فيها الحاكم العسكري الفرنسي على قيادة تافرانت في سنة 1944، وكانت سببا في سجنه، لكنها كانت فأل خير عليه بالنظر إلى الشهرة التي اكتسبها جراء ذلك ومحاكمته. حميد الأبيض (فاس)

العروسي… صوت الجبل : غنـى “القبطـان صولـي” فسجـن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المقاومون الشجعان : المقـاوم الحنصـالي كـان راعـي غنـم

حكــايــات اللاعـب "زاز" : زارني الملك سيدي محمد في طانطان وعمره عشر سنوات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات