ليلة القدر تشعل نيران “المجامر”

انطلاق العد التنازلي لوصفات المشعوذين والدجالين و"الجميعة" وجهة الباحثين عن الوصفات السحرية ساعات قليلة، وتبدأ روائح غريبة في الانتشار في كل الأجواء. روائح «العشوب» تحترق داخل «مجمر العواشر» المتأجج بالنار. مغاربة سيشمرون على سواعدهم في هذه الليلة، ويخرجون وصفات خاصة بـ»ليلة العواشر»، إذ يعتقد أن السحر خلالها يستمر مدة سنة كاملة، ويصعب إبطاله. بسوق «الجميعة» بالبيضاء، الاستعدادات كانت على قدم وساق، «العشابون» و»العطارة» أخرجوا سلعتهم التي احتفظوا بها جانبا خلال شهر رمضان، وشرعوا في إعداد وصفات «كتجمد الماء» على حد تعبيرهم، استعدادا لليلة حاسمة. لا تعني ليلة 27 من شهر رمضان، عند العديد من المغاربة التعبد والتقرب من الله، إذ غالبا ما تتعلق هذه الليلة بممارسة بعض طقوس السحر والشعوذة، إذ يعتبرون أنه فيها يفك قيد الجن، ويشرع في تلبية الرغبات. في سوق «الجميعة»، يظهر جليا الاهتمام بهذه الليلة، ويعود الرواج إليه أياما قبل ليلة 27. ويتجدد نشاطه لاستقبال زبناء أوفياء لوصفات ليلة القدر، أضحت هواجسهم لا تتعدى الحصول على وصفة تفي بالغرض، أو الوصول إلى مشعوذ يحقق الحلم. "الليلة زاهية"يبدو أن سوق «الجميعة» بالبيضاء، قبل ساعات من ليلة 27 من رمضان، في أحس حال، وأعاد نشاطه، وبدأت الحركة تدب فيه. نساء يجلسن أمام «براريكهن» المرقمة، يمعنون النظر في كل شخص اقترب منهن، وفي الكثير من الأوقات، يحاولن لفت انتباه أحدهم، ويعرضن مساعدتهن عليه. وفي الجهة المقابلة يقف رجال وشباب «عطارة» أمام محلاتهم، نظراتهم لا تفارق المارة، وكأنهم يبحثون عن الوجوه التي يعرفونها، والتي ألفت التوجه إليهم كلما قصدت المكان. «آش خصك»، «أجي مرحبا، عدنا كلشي»، «للي خصك راه موجود»، بهذه الكلمات، يحاولون إغواء الزبناء المتلهفين والباحثين عن وصفات خاصة بهذه الليلة الاستثنائية.اقتناء مكونات «سحر ليلة القدر» من سوق «الجميعة» لا يكفي، إذ لا بد أن تنجز المرحلة الأخيرة، التي تكون في المنزل على أحسن وجه، وأن تحترم فيها شروط معينة، وهذا ما يقف عائقا أمام الكثير من الزبناء. «لا يمكن أن تترك بعض النسوة، ليلة 27 من رمضان، تمر مرور الكرام»، هذا ما أكدته «شوافة» ب»الجميعة»، غالبا ما تبيع «السحر» داخل «براكتها» بالسوق، قبل أن تحول نشاطها خلال هذا الشهر، إذ صارت «نقاشة الحنا». وتضيف المرأة أن الوصفات لخاصة بهذه الليلة، تأخذ الحيز الكبير في حديث الكثيرات، مشيرة إلى أن الأمر يمكن أن يتجاوز ما هو منطقي. «بعض النسوة يجتمعن في منزل واحد، نظرا لظروفهن الخاصة، لإكمال ما بدأ «الفقيه»، إذ لا بد أن تحرق الأعشاب في «مجمر»، وهو ما يثير الانتباه نظرا لرائحتها المميزة. لكن وللخروج من المنزل، تضيف المرأة، تلجأ نسوة إلى بعض الخدع «يؤكدن، مثلا لأزواجهن أنهن سيذهبن إلى المسجد لصلاة التراويح، لكل الواقع أنهن يخطط لإشعال «مجمر العواشر»». "مجمر مشعشع" اليوم، وبعد أذان المغرب، سينطلق العمل، و»ستشعل المجامر»، استعدادا «لسحر السنة». وصفات تختلف مكوناتها، وكل حسب الطلب. لكن قبل ذلك، توجه البعض إلى سوق «الجميعة» واقتنوا ما يحتاجون إليه من أعشاب وأشياء أخرى. «الاستعداد لهذه الليلة تكون طويلة في بعض الحالات، فيما حالات أخرى لا تتطلب الكثير من الوقت»، يقول رجل في الخمسينات بسوق «الجميعة» ، يقدم نفسه على أنه «فقيه» خبير في عالم السحر، قبل أن يضيف أن تدابير كثيرة وعديدة تتطلبها وصفات معينة، إذ يمكن أن يستغرق الأمر شهورا، فيما وصفات أخرى تتطلب أياما فقط، أو لا تتطلب الكثير من الوقت «في أقل من 10 دقائق يمكنني تحضير وصفة «خطيرة»، لكنها لن تكون فعالة مقارنة مع الوصفة التي تتطلب الكثير من الوقت، باعتبار أنها تحتوي على مكونات يصعب الحصول عليها، إذ يتطلب الأمر جهدا وبحثا طويلين». وبالنسبة إلى الثمن، أكد الرجل، أن وصفات «العواشر» تبدأ من 200 درهم، وتصل إلى أكثر من 20 ألف درهم «كل واحد على قد جهدو، وحسب طبيعة العمل الذي يريد انجازه». النسور التي تتدلى من «براكة الرجل»، وجلود الذئاب والثعالب التي تملأ المكان، لا يمكن أن تكون مجرد «ديكورات» يزين بها الرجل المكان «كل ما في المحل يستعمل في تلك الوصفات، حتى الزواحف الحية، إذ نأتي بها خصيصا لتحضير وصفات لزبناء خاصين، يضعونها داخل «مجمر مشعشع»، لتحقيق كل رغباتهم. السحر في رمضان يقال إنه خلال رمضان، يتوقف المشعوذون عن عملهم، بعد أن يقيد الجن الذي يخدمهم، لكن الواقع، وكما أكده الرجل، غير صحيح، إذ أكد أن البعض يستمر في عمله، ويهيئ وصفات معينة «يمكن للشخص أن يستعين ب»الفقيه» لتهييء وصفة «القبول» أو غيرها»، مضيفا أن الأمر يعد عاديا مادام أن العمل السحري لا يضر أحدا، وعلى العكس من ذلك فهو مفيد «بعض الزبناء يحتاجون القبول في أي وقت، ورمضان لن يقف أمام تحقيق مرادهم، وهذا الأمر جرت بها العادة». يحاول الرجل تشجيع الزبناء على الأمر، ليس لأنه سينجح في ذلك، لأنه يعلم جليا أن ما يقوم به لن ينفع الزبون، بل لأن هدفه لا يتجاوز الحصول على مبلغ مالي مقابل عمله. انجاز : إيمان رضيف

ليلة القدر تشعل نيران “المجامر”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قواعد جديدة تنظم تسويق التبغ المصنع بالجملة

مرضى السكري يكلفون "كنوبس" 379 مليون درهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات