سوق “واندو” بفاس… منبع حلاوة التمر والتين

يعتبر محور تموين الأسواق المجاورة والتجار يطالبون بتجهيزه وحمايته من المضاربين يشكل السوق البلدي للتمور والفواكه الجافة بواندو بفاس، قبلة مئات الأشخاص ممن يقصدونه للتبضع واقتناء كميات مختلفة ومتفاوتة بالجملة أو التقسيط، من تلك الفواكه التي يكثر الإقبال عليها في شهر رمضان الكريم، لترويجها بالنواحي أو بدافع الاستهلاك، ولو أن البضاعة أضحت في متناولهم حيث يقطنون أو يوجدون من قبل باعة جائلين «يبيعون كل شيء»، ما أثر نسبيا على الرواج بالسوق الذي يؤكد تجاره وفرة السلع به لسد حاجيات كل سكان المدينة بل «يقدر يشيط الخير». اختنقت الحركة حتى كادت تشل على طول الشارع المنفتح على باب الفتوح ومقبرتها المطلة على محطة الطاكسيات بحجميها، الجارية إعادة تهيئته منذ أسابيع، قبل ساعات قليلة من حلول شهر رمضان، لتخف نسبيا في طريق كل دالف الباب الكبيرة المشرعة على عوالم أكثر عمقا في تاريخ فاس، خاصة قاصدي سوق التمور والفواكه الجافة بواندو، لاقتناء حاجياتهم لرمضان. على أنقاض فندق حجيرة الحركة عادية داخل هذا السوق المحدث قبل نحو 26 سنة خلت على أنقاض فندق سمي "حجيرة" نسبة إلى مالكه. متاجر كثيرة انتصبت متراصة، وقد أثثت بما لذ وطاب واختلف وتباينت جودته من تمور محلية ومستوردة، وتين تاوناتي مجفف ولوز وجوز وفواكه تشكل حلقة أساسية في موائد وأطباق أهل فاس، الذين يوفرون حاجيات هذا الشهر قبل حلوله.أعين التجار تتلصص كل وافد على السوق، أملا في صفقة مدرة لدخل جف نسبيا لتناسل عدة عوامل. وعشرات الزبناء منكبون في تفقد السلع من التمور والفواكه الجافة أو يسائلون بائعيها حول الأثمنة أو يتفاهمون لاقتناء كمية، فيما يبدو آخرون كما لو كانوا مجرد مراقبين لحركة انتعاش تجاري بسوق يقصده التجار والمواطنون من كل حدب وصوب ومحتاج إلى التفاتة رسمية للإصلاح. "اللي ما شرا يتنزه" "اللي ما شرا يتنزه".. شعار مألوف التداول بهذا السوق الواقع عند مدخل فاس من جهة طريق تازة، ويحرص كثير من الزوار على تنفيذه، ما يغضب تجارا "على باب الله" حاجتهم إلى مداخيل مهمة تغنيهم نسبيا عن قلة إقبال اعتادوها فيما دون هذا الشهر الذي لا ينكرون انتعاش تجارتهم فيه بنسبة مهمة، و"ليس تهراس الراس" بالاستفسار الممل عن الأسعار ومصدر السلعة وما جاور ذلك.للتو حلت سيارة متوسطة الحجم من السوق الأسبوعي سبت متيوة/ بوهودة بتاونات محملة بكمية مهمة من التين الجاف، قبل دخول أصحابها في مساومة حول ثمن الكيلوغرام الواحد منه، مع تاجر يبدو أن معاملاتهم تتكرر معه، لكنه فوجئ لارتفاع السعر الذي فاق 30 درهما وبرروه بقلة الإنتاج الذي أشعل الأسعار على غرار باقي السلع المعروضة بالسوق خاصة التمور وغالبية الفواكه الجافة.المساومة نفسها شوهدت بين تاجر بالجملة وزبناء "غرباء" عن السوق، كانوا بصدد شراء كمية من التمور لترويجها حيث يقطنون أو يبحثون عن مصدر أرزاقهم خاصة بالأسواق الأسبوعية بالضواحي، فيما أكد بعض التجار بالسوق أن سوء تفاهم عادة ما يقع وينتهي بالسب والشتم بكلمات نابية و"أشياء أخرى" بين بعضهم والزبناء، يزداد حدة بفعل "الترمضينة". تفاوت في الإقبال والأسعار تتفاوت أسعار التمور والتين كمادتين يختلف ذوق الأسر في تأثيث موائد إفطارها بها في هذا الشهر، لتصطف بجانب الحلويات والشهيوات و"الحريرة" التي تعتبر عمودا فقريا ووجبة أساسية في الفطور، لدرجة أن أهل فاس لا يسأمون من تناولهم لها، بل يحرص بعضهم أن تكون أول ما يتناولونه، ونادرا ما يستبدولنها ب"العصيدة" أو "السميدة" أو "التشيشة" بالحليب أو "هربل" (قمح مفروم). وتربط المصادر بين كل فاكهة وأصلها في تحديد نوعية مستهلكيها، إذ يفضل التين الجاف كل وافد من الجبل، فيما يروق التمر لكل متحدر من قلاعه بالصحراء خاصة إقليم الرشيدية، مقابل فئة تجمع بينهما دون اعتبار لهذا الشرط الذي يتحكم في نسبة الإقبال في رمضان، ويؤثر على أسعار المادتين، مؤكدة أن الإقبال يزداد بالنسبة للأنواع البخسة الثمن منهما، مقارنة مع تلك الغالية.ودليل تاجر رفض الإشارة لاسمه، قلة الإقبال على تمور من نوع "المجهول" المحلي والمستورد منه، الذي يصل ثمنه ل150 درهما للكيلو، ما ليس في مقدور الجميع شراؤه، مؤكدا أن أسعار باقي الأنواع عادية وتتراوح بين 3 دراهم بالنسبة لبوسليغن و20 درهما للخلطة و25 درهما للفكوس، مع وجود تفاوت في الأثمنة بالنسبة للتمور الواردة على السوق من الجزائر والعراق وتونس والإمارات. لا تمور إسرائيلية بالسوق لا يستسيغ التجار ما ألصق بالسوق من إشاعات حول بيعه تمورا من إسرائيل، ما أثر على سمعته، مؤكدين أن تلك الموجودة إما مستوردة من الدول الأربع السالف ذكرها، أو محلية خاصة المنتجة بواحات صحراوية بينها الرشيدية، التي تتباين أثمنتها من نوع لآخر خاصة "الساير" إلى "الجيهل" و"بوستحمي" و"المجهول" و"الفكوس"، بالنظر إلى عامل الجودة الشرط الأساسي المحدد للثمن. ولا ينكر بعضهم أن ثمن التمر المهرب أغلى من ذاك الموجود في السوق أو الوافد عليه، لذلك ف"الإقبال عليه ضعيف" طالما أن تمر العراق لا يتجاوز ثمنه 11 درهم مقابل 24 درهما للكيلو من تمر تونس، و"ووجود باعة جائلين يطوفون منذ حلول شعبان بتلك التمور بالشوارع والمقاهي والمحلات، لعرضها حيث يوجد زبناء يغريهم الثمن دون أي اعتبار للجودة وما جاورها".ويؤكدون أن التمر المهرب أقل جودة وأغلى ثمنا، ما جعل العديد من المواطنين يتخلون عن اقتنائه لهذا السبب، متحدثين عن اكتفاء ذاتي تعرفه مختلف أسواق التمور والفواكه الجافة بالمدينة التي تعرف إقبالا مهما مقارنة مع سنوات سابقة خاصة بالنظر إلى توافد عدة تجار من خارج مدينة فاس للتزود بها وإعادة بيعها في مدنهم في مناطق الشمال والشرق والأسواق الأسبوعية القروية. استقرار الأسعار وطلب لمراجعة رسوم ضريبية يؤكد تجار واندو وجود استقرار في الأسعار مع حلول رمضان، بالنظر إلى وفرة العرض ومحدودية الطلب، مشيرين إلى أن نسبة مهمة من العائلات تقتني حاجياتها من التمور واللوز والتين والجوز وباقي الفواكه الجافة، قبل حلول هذا الشهر، تلافيا لتزايد الإقبال عليها وتأثيره على أسعارها بالمدينة التي تعتبر محور تموين أسواق المناطق المجاورة بتلك المواد الأساسية في موائد رمضان. لكنهم بدوا غير راضين على عدم إيلاء السوق الاهتمام الرسمي الضروري، وتوفير النظافة اللازمة وتجهيزه بكل الحاجيات ومراعاة ظروف التجار الاجتماعية، والتخفيف من الرسوم المفروضة عليهم التي تصل إلى 100 درهم للطن الواحد من التمور تستفيد منها البلدية، في الوقت الذي يفرض عليهم 0,75 سنتيم عن كل كيلوغرام، ما يتمنون مراجعته لاحقا تخفيفا من أتعاب تقض مضجعهم. وفي انتظار تلك المراجعة والتخفيف من حدة الرسوم، يأمل تجار سوق واندو القلب النابض بفواكه تشتهيها الأسر الفاسية، إيلاء الاهتمام الضرورية بهذا المركب التجاري الحيوي الذي يحتاج إلى الصيانة والتنظيم والصباغة والتجهيز والنظافة اللازمة وحماية التجار من المضاربين الذي يشوهون سمعته بشكل مباشر أو غير مباشر، بما يقدمون عليه من سلوكات منبوذة من قبلهم. إعداد: حميد الأبيض (فاس)

سوق “واندو” بفاس… منبع حلاوة التمر والتين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

" داعش" ينعش أسواق البذلات العسكرية ببغداد

ديوان "وطني الأخضر" لمحمد عبد النباوي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات