لم يعد هناك "سر"، بعد اليوم، بمقاطعة الحي الحسني بالبيضاء، بعد أن تحولت قوائم مشتريات وحسابات وميزانيات فرعية وأسماء شركات ومراجع صفقات عمومية وسندات طلب، "مشاعا" بين المواطنين، في واحدة من أكبر عمليات التسريب، التي تتعرض لها وثائق رسمية بالبيضاء. وتوصل مشتركون في مجموعات تطبيق التراسل الفوري (واتساب)، في وقت متزامن، بسيل من الوثائق التي حرص مسربوها على ضمان انتشار أكبر لها، باللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فيما قررت إدارة المقاطعة فتح تحقيق، لما اعتبرته خرقا لسرية معلومات ذات طابع داخلي. وفوجئ النشطاء بأكثر من 36 صفحة، عبارة عن نسخ من سجلات محاسباتية، تصل، بشكل متزامن إلى عدد من المواطنين وأعضاء في أحزاب والمجتمع المدني وصحافيين، ويتعلق الأمر بقوائم مخزون التموين والمعدات الموجود في المخازن، خلال الفترة ما بين 1 يناير 2021 و31 شتنبر من السنة نفسها. وتعرض القوائم عددا كبيرا من المعدات والمشتريات الصادرة عن مصلحة المخزن العام التابع لمديرية الشؤون العامة واللوجستيك، وهي القوائم نفسها التي وقع الرئيس الحالي على محضر رسمي بتسلمها في نهاية شتنبر 2021، مخليا مسؤولية الرئيس السابق منها. وخطط المسربون، من خلال عملية نشر معطيات رسمية، إلى وضع المسؤولين الحاليين من موقع حرج، ليس فقط بسبب التسريب (خلل في الإدارة الجماعية)، بل لحث الجهات المعنية على إجراء مقارنة، أو افتحاص بين ما هو مدون في القوائم التي تسلمها الرئيس الحالي قبل سنة ونصف السنة، وبين الموجود حقيقة في المخزن. وتكاد الوثائق المسربة تعرض، تقريبا، كل شيء سلمه الرئيس السابق إلى الحالي قبل مغادرته، إذ وضع موظفو المصلحة العدد الإجمالي من المشتريات في خانة، والعدد المسلم إلى المصالح في خانة ثانية، ثم الموجود في المخازن في خانة ثالثة. ويشكك المسربون، بهذه الطريقة، في اختفاء أجزاء من مخزون معدات بقيمة مالية كبيرة تتجاوز 250 مليون سنتيم، تتعلق بمعدات رياضية مختلفة (ملابس، كرات، وسائل تدريب) في رياضات كرة القدم والسلة واليد والكرة الطائرة. ووصلت الرسالة إلى فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة وبعض الأحزاب التي راسلت رئيس المقاطعة، من أجل تفعيل القانون 13-31، المتعلق بالحصول على المعلومات، مستفسرة عن المعدات الرياضية التي كانت موجودة في المخازن، ومعرفة طريقة توزيعها والجمعيات المستفيدة منها. وسرب "أصحاب الحسنات" أيضا محضر تسليم حصة المحروقات، ويتعلق الأمر باتفاقيتين لشراء الوقود والزيوت، واحدة تحت رقم 1925/2020 بقيمة 80 مليون سنتيم، استهلك منها إلى حدود 2021 ما مجموعه 42.3 مليون سنتيم، وتبقى حوالي 37.6 مليونا. والثانية تحت رقم 02/م ح ح/2021، بقيمة 89.9 مليون سنتيم، استهلكت في مجموعها. وإضافة إلى محاضر تسليم معدات ومشتريات عينية، وجدت مقاطعة الحي الحسني في حساباتها أكثر من 2.5 مليار سنتيم من ميزانية 2021، كما توصلت بمبلغ 100 مليون، ساهم به المجلس السابق في دعم إنشاء وحدة لـ "كوفيد 19" بالمستشفى الحسني. يوسف الساكت