الصديقي: رفع نسبة الفائدة الرئيسي لا يكفي في غياب مقاربة سياسية جريئة عجل ارتفاع نسبة التضخم، الذي سجل مستويات قياسية، بتدخل بنك المغرب، للمرة الثانية، في ظرف أقل من ثلاثة أشهر، من أجل اتخاذ قرار رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 3 في المائة. وبات تدخل البنك المركزي، ضروريا للحد من تفاقم موجة ارتفاع الأسعار، وكبح جماح التضخم، وإعادة التوازن إليه، إذ توقع أن يصل التضخم في السنة الجارية إلى 5,5 في المائة في المتوسط، قبل أن ينخفض إلى 2,3 في المائة السنة المقبلة. وأوضح البنك المركزي، في بلاغ صادر عقب اجتماعه الفصلي الأول برسم السنة الجارية، أنه "لتفادي حدوث دوامات تضخمية قائمة بذاتها، وتعزيز تثبيت توقعات التضخم، بغية تسهيل عودته إلى مستويات، تنسجم مع هدف استقرار الأسعار، قرر المجلس رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 3 في المائة، مع مواصلة التتبع عن كثب للظرفية الاقتصادية وضغوط التضخم، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. وسجل البنك المركزي بلوغ التضخم 6,6 في المائة في 2022، وهي أعلى نسبة يسجلها منذ 1992، متوقعا أن يظل في مستويات مرتفعة على المدى المتوسط، حددها في 5,5 في المائة في المتوسط، خلال 2023، فيما سيبلغ مكونه الأساسي 6,2 في المائة، بمراجعة نحو الارتفاع بواقع 2 نقط مائوية، مقارنة بتوقعات دجنبر الماضي، نتيجة بالأساس للارتفاع الحاد في أسعار بعض المنتجات الغذائية المدرجة فيه. وتوقع البنك المركزي تلاشي الصدمات المسببة لهذا الارتفاع تدريجيا خلال النصف الثاني من السنة، بفضل التدابير الحكومية المتخذة في هذا الشأن، مبرزا أنه في 2024، ومع فرضية استمرار تقلص ضغوط التضخم الداخلية والخارجية، يتوقع أن يبلغ التوجه الأساسي للأسعار 2,3 في المائة. ويرى عبد السلام الصديقي، الباحث في الاقتصاد، أن رفع نسبة الفائدة الرئيسي إلى 3 في المائة، من قبل بنك المغرب لا يكفي، لأن التضخم في المغرب، ليس هو التضخم في أمريكا أو الدول الأوربية، مشيرا إلى ضرورة مواكبة الألية النقدية بمقاربة ميزانياتية وسياسية من قبل الحكومة. وأوضح الصديقي، في حديث مع "الصباح"، تعليقا على قرار البنك المركزي، أن الحكومة عليها اتخاذ إجراءات وتدابير كفيلة للحد من ارتفاع الأسعار، عوض الاكتفاء بحملات المراقبة، التي لم توقف نشاط المضاربين والوسطاء. وبرأي الباحث الاقتصادي، فإن مشكل ارتفاع أسعار المحروقات، يظل المتحكم في غلاء العديد من المواد والخدمات، بسبب كلفة النقل المرتفعة، وهو المشكل الذي عجزت الحكومة عن حله لحد الساعة. ولم يخف الصديقي أثر الأبعاد الخارجية في ارتفاع التضخم، من قبيل الحرب الروسية الأوكرانية، والتقاطبات الجيوإستراتيجية، إلا أن ذلك لا يعفي الحكومة من المسؤولية، مطالبا إياها بالمزج الخلاق بين السياسة النقدية لبنك المغرب، والمقاربة السياسية والميزانياتية، لتحقيق التوازنات المطلوبة، عوض التعامل بسخاء مفرط مع الأوساط المالية، على حساب الفئات الاجتماعية المتضررة من لهيب التضخم. ويرى البنك أن الشروع المبرمج في رفع دعم أسعار المنتجات المدرجة في صندوق المقاصة، من شأنه أن يبقي التضخم إجمالا في مستوى مرتفع، أي 3,9 في المائة، مشيرا إلى أنه رغم التقلص النسبي للضغوط خارجية المنشأ، فإن أحدث المعطيات المتوفرة تشير إلى استمرار تسارع التضخم، نتيجة صدمات العرض الداخلي على بعض المواد الغذائية. برحو بوزياني