ملفات تحطم الرقم القياسي في المحاكمة

استمرت سنوات ما بين المرحلة الابتدائية والاستئناف والنقض وما بعد النقض ودعوات لعقلنة الزمن القضائي لم يتمكن المشرع من إيجاد حل لمشكل البت في الملفات، من خلال تحديد زمن قضائي لا يمكن تجاوزه حدا أقصى للنظر في الملفات التي تعمر في المحاكم عقودا، خلال المرحلة الابتدائية، وكذا خلا المرحلة الاستئنافية، والتي قد يعمر فيها الملف لسنوات، إما بسبب المساطر الغيابية، في حق متهمين لم يحضروا المحاكمة وما يتطلبه ذلك من إجراءات لتفعيلها، أو لكثرة المتدخلين في الملف مع إشكالية التبليغ الذي تعانيه جل المحاكم. بعد كل هذه المراحل والسنوات تأتي معضلة النقض وما بعده، إذ قد يصدر الحكم الاستئنافي بعد النقض الأول، ويمكن الطعن فيه من جديد بالنقض، وتستمر تلك الدوامة التي لا تعرف نهايتها، في غياب أي نص قانوني يحد من تلك الإمكانية التي يعتبرها المتقاضي حقا له، رغم أنه قد لا يحصل على أي نتائج مغايرة عما تم الحكم به في الأول، على اعتبار أن محكمة النقض هي محكمة قانون، تنظر في وسيلة قانونية قد لا تكون مؤثرة على جوهر الحكم، خاصة في القضايا البسيطة. دستور 2011 عندما تحدث في الفصل 120 منه عن الحق في استصدار حكم قضائي في أجل معقول، استحضر بشكل واقعي مسألة مهمة أن العدالة البطيئة ظلم، وبأن أثر تأخير الحقوق على المتقاضين قد يعادل أثر حرمانهم منها، وإيمانا منه بأن عقلنة الزمن القضائي، وإصدار الأحكام في أجل معقول، يعدان أحد الأركان الكفيلة باستعادة ثقة المواطن في عدالته. إن تدخل المشرع لترشيد الطعن بالنقض والحد من المبالغة في استعماله، بوضع شروط شكلية أو موضوعية تراعي قيمة النزاع أو الحق المتقاضى بشأنه، أو فرض رسوم مسبقة بشأنه تتملكها خزينة الدولة في حالة عدم قبوله، من بين النقاط التي يمكن اعتمادها لأجل عقلنة الزمن القضائي، خاصة في مرحلة النقض، بالإضافة إلى أن الضرورة تقتضي تأطير أعضاء النيابة العامة وأعضاء الدفاع وتدريبهم على تحرير مذكرات النقض، لأن الطعون التي يتم عدم قبولها شكلا تتجاوز 30.43 % من مجموع القرارات السلبية التي أصدرتها محكمة النقض. وسبق لمحمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن ناشد السلطات المختصة بالتشريع للتدبر مليا في وضعية الطعون، ووضع المساطر القانونية المناسبة للحد من الطعون غير الجادة، التي ترهق قضاة النقض وتؤثر على جهودهم، مشيرا في حديثه خلال افتتاح السنة القضائية 2022، إلى أن 75 % من الطعون بالنقض يتم رفضها أو عدم قبولها. وهو مؤشر دال بوضوح على المبالغة في استعمال الطعن بالنقض، رغم أن محكمة النقض ليست درجة ثالثة للتقاضي، وأن تعدد درجات التقاضي يكون باستعمال محاكم الموضوع (وهي محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف)، كما أن إغراق محكمة النقض بالطعون في قضايا بسيطة أو ذات قيمة مادية زهيدة، لا يخدم مصالح المواطنين في توفير عدالة ناجعة تتوفق في التطبيق العادل للقانون. كريمة مصلي

ملفات تحطم الرقم القياسي في المحاكمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نزيف الواردات يكلف 31 ألف مليار

سقوط شبكة للاتجار في البشر بأكادير

مقالات ذات صلة