حنكة تورط قاتلة زوجها حرقا

خضعت لجلسات استماع لـ 24 ساعة متواصلة فانهارت واعترفت بجريمتها البشعة فجأة اندلعت النيران من الطابق الأول لمنزل بحي الفتح بالجديدة. تجمع السكان وعلا الصياح وحاول العديد منهم التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. انتشر الدخان في الزقاق الضيق واستدعى الأمر إخبار السلطة المحلية، ومصالح الأمن الوطني، التي استدعت مصالح الوقاية المدنية، التي تمكنت من إخماد النيران، بعدما أتت على كل مكونات المنزل، بما فيها صاحبه، الذي عثر على جثته متفحمة. بينما كان عميد الشرطة القضائية يتهيأ لمغادرة مكتبه، توصل بمكالمة هاتفية، جعلته يعود إلى كرسيه ويعدل من نظارتيه السميكتين ويستمع للمتصل بإمعان. استفسر عن مكان الحادث وطلب منه قطع المكالمة. رن جرس الاتصال الداخلي، فتح الباب وطل شرطي الحراسة برأسه منتظرا الأوامر. طلب منه العميد تحضير سيارة الخدمة، ثم ارتمى لمفاتيحه الخاصة ونزل الدرج بسرعة. جثة متفحمة وجد العميد صعوبة بالغة في الوصول إلى باب المنزل الذي اندلعت به النيران، اضطر السائق إلى استعمال المنبه لدفع المواطنين إلى فسح المجال لسيارة الشرطة. توقف على بعد أمتار من المنزل ذاته، نزل عميد الشرطة وتوجه توا إلى الدرج، صعد بسرعة وشاهد أثار النيران التي أطفئت بعد تدخل مصالح الوقاية المدنية، ما زال الدخان يتصاعد من أماكن بالمنزل، بينما وصلت المياه المستعملة في إخماد النار إلى الشارع. التحقت فرقة أمنية لتعزيز الوجود الأمني، عملت على إبعاد الفضوليين، بينما واصل العميد معاينته لتفاصيل ما حدث، وقف على جثة مفحمة عن آخرها، علم في ما بعد أنه مالك البيت. اقتربت منه امرأة في عقدها الرابع وهي تبكي، وكانت تمسك طفلا في السادسة من عمره تقريبا. تبين للعميد أنها زوجة الهالك، أخبرته أنها خرجت رفقة ابنها لقضاء بعض أغراضها، وتركت زوجها نائما في غرفته. ولما عادت وجدت النيران تلتهم منزلها، دون معرفة السبب. شاهد المحقق قنينة غاز من الحجم الصغير قرب باب الغرفة التي كانت تؤوي الضحية، شك في تصرفات الزوجة ولكن بفطنته وذكائه المهني لم يفصح عن ذلك. قدم لها فروض العزاء وطلب منها القيام بالإجراءات والترتيبات اللازمة والالتحاق به في اليوم الموالي لتسجيل تصريحاتها حول الموضوع. بداية التحقيق الضحية يعمل بائعا للدجاج، بعد أن غادر سلك الجندية لمعاناته مرضا مزمنا. تزوج من المشتبه فيها وأنجب منها طفلا رغم أن فارق السن بينهما يصل إلى حدود عشرين سنة. كلف العميد اثنين من مساعديه، لمتابعة حفل العزاء ومراقبة المشتبه فيها عن قرب دون إثارة انتباه أي أحد. جلس المساعدان بعد نهاية التجمع العائلي داخل سيارة خاصة مركونة في مكان يتيح لهما متابعة كل ما يجري حول المنزل نفسه. في اليوم الموالي زار العميد الزوجة وسألها عن البيت، فأكدت أنه في ملكية زوجها وأنه كتب لها نصفه. واستفسر حول وثائقه الثبوتية، فأخرجتها من تحت ملابسها وقدمتها له. هنا تأكد العميد من شكوكه حول ضلوع الزوجة في إحراق زوجها، ولم يبد منه ما يثير انتباهها، لأنه كان يريد اعترافا صريحا وواضحا. وقبل مغادرة المنزل طلب منها الالتحاق به مساء اليوم ذاته. لم تتأخر الزوجة الأرملة في الالتحاق بمقر الأمن الوطني، استقبلها العميد بمكتبه وطلب منها الجلوس واستمع لها شفاهيا، فكررت ما صرحت به له في أول لقاء دون زيادة أو نقصان. ضغط على الجرس ودخل الشرطي المكلف بالحراسة وطلب منه مرافقتها إلى مكتب مساعديه. ولجت مكتبا صغيرا به طاولة مستطيلة وثلاثة كراس خشبية. جلست والخوف بعينيها، تتأمل الغرفة الضيقة ومحتوياتها. محاصرة واعتراف خصص العميد فرقتين أمنيتين للاستماع إلى المشتبه فيها، وطلب من مساعديه التناوب على التحقيق معها على أن لا يترك لها وقت للراحة. شرع أفراد الفرقة الأولى صباحا في استنطاقها بالاستماع إليها تفصيليا. وفي المساء انسحبت الفرقة الأولى وحلت مكانها الفرقة الثانية التي أعادت الاستماع إليها من جديد. لم يكن المحققون يملون من الاستماع إليها وتكرار أسئلة أجابت عنها عشرات المرات. أحست المتهمة بعياء كبير ولم يمهلها المحققون ولم يتركوها تسترجع أنفاسها، ولم تعد قادرة على مسايرتهم، وعبرت عن رغبتها في النوم، لكنهم منعوها من ذلك. واستغرق التحقيق 24 ساعة دون انقطاع، وفي فترة من فتراته، انهارت المتهمة وعبرت عن استعدادها لقول الحقيقة والاعتراف بما حدث. تنفس المحققون الصعداء، واستمعوا لها من جديد. تراجعت عن أقوالها الأولى، وأكدت أن زوجها كان مدمنا على الخمر وكان يسيء معاملتها وكان يضربها في كل وقت وحين. وتقدمت بشكاية ضده، ولما لم تنصفها المحكمة، قررت التخلص منه. قررت تصفيته وبدأت تفكر في وسيلة تخلصها منه. واستقر عزمها على حرقه، إذ ظلت تنتظر الوقت المناسب لتنفيذ جريمتها. ويوم الحادث، طلبت من ابنها شراء كمية من البنزين ووضعتها جانبا. وظلت تترقب شروع زوجها في شرب الخمر. وهيأت ظروف جريمتها، إذ انتظرت تمدده فوق سريره بعدما أحس بالتعب عقب استهلاك محتوى قنينة من الخمر، ووضعت فوقه لحافا ثقيلا وصبت البنزين عليه. وأشعلت النار فيه، وفتحت قنينة غاز من الحجم الصغير وأمسكت من يد ابنها ونزلت عبر الأدراج وابتعدت عن المنزل. وتصاعد الدخان من نوافذ الطابق الأول وتجمع سكان الحي حوله. وانتظرت قليلا قبل أن تلتحق بهم وشرعت في الصراخ والعويل، بل وحاولت الصعود، لكن بعض السكان منعوها من ذلك. تخفيض العقوبة أحس العميد بارتياح كبير بعد فك لغز إضرام النار في الهالك ومنزله، وأعاد تمثيل أطوارها وأحال المتهمة على النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالجديدة من أجل جناية القتل العمد حرقا مع سبق الإصرار والترصد. وبعد شهور من البحث والتحقيق، أحيلت على غرفة الجنايات الابتدائية لدى المحكمة ذاتها، وتمت إدانتها والحكم عليها بالإعدام وتم تأييد الحكم استئنافيا، لكن محكمة النقض قضت بإعادة محاكمتها وتم تخفيض العقوبة في حق المتهمة، من الإعدام إلى 25 سنة مع إيداعها بمستشفى الرازي للأمراض العقلية ببرشيد، وخصم مدة العلاج من العقوبة المحكوم بها عليها. واستندت الغرفة الجنائية في قرارها، إلى تقرير الخبرة الطبية، التي أشارت إلى أن مسؤولية المتهمة الجنائية أثناء ارتكابها فعل قتل زوجها حرقا، كانت مسؤولية ناقصة. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

حنكة تورط قاتلة زوجها حرقا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تمثيل الجريمة في مرحلة التحقيق الإعدادي

بورصة البيضاء.. افتتاح التداولات على وقع الاستقرار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات