بـن حمـزة: اختبـار الترسيـم

الباحث في العلوم السياسية أكد أن التردد في الهوية الوطنية يهدم المصداقية أكد عادل بن حمزة، الباحث في العلوم السياسية أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هذه السنة، يأتي في سياق وطني، يتسم بتزايد المطالب بجعل اليوم عيدا وطنيا مدفوع الأجر، وفي ظل التزام حكومي بتسريع ترسيم الأمازيغية، مشيرا إلى الاحتفالية الكبرى التي عرفتها الخميسات، الثلاثاء الماضي، بعد استكمال الكتلة الدستورية للأمازيغية من خلال المصادقة على القانونين التنظيميين المرتبطين بها، وهي من آخر القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011 وتأخرت الحكومة والبرلمان في إخراجها إلى الوجود. وأوضح بن حمزة أن تحقيب السنة الأمازيغية يرتبط بتأصيلين، الأول يربط بوقائع سياسية وعسكرية، حيث وصل الملك شيشانغ الأمازيغي للحكم في مصر، لكي يكون فرعون مصر وحاكمها لسنوات، وبذلك خلد الأمازيغ هذا الحدث الذي حصل سنة 950 قبل الميلاد. أما التأصيل الثاني، فيتخذ طابعا أسطوريا يرتبط بعلاقة الإنسان الأمازيغي مع الأرض، إذ تقول الأسطورة إن سيدة عجوزا لم تشكر السماء على نعمها، فقام "ناير" بأخذ يوم من فبراير، فكان يوما عاصفا خلده الأمازيغ للتحقيب لتاريخهم وتربية الأجيال على ثقافة إيكولوجية تحافظ وتعترف بخيرات الطبيعة، فكانت السنة الأمازيغية هي السنة الفلاحية عند المغاربة. وأوضح الباحث في مقال توصلت "الصباح" بنسخة منه، أن المرحلة الحالية في منطقة شمال إفريقيا تعرف تغييرات جوهرية، أبرزها تداعيات ما عرفته بعد انهيار بعض الأنظمة الشمولية، التي كانت تكن عداء مطلقا لكل ما يرتبط بالبعد الأمازيغي في الهوية المغاربية، مستحضرا نظام العقيد معمر القذافي، الذي كان يمنع البحث العلمي في تاريخ ليبيا التي تحتضن جزءا كبيرا من التاريخ الأمازيغي والآثار الأمازيغية، إذ تركت الكثير من المدن والمواقع الأثرية عرضة للنهب والتهميش بانتظار تلاشيها الكلي. ويرى بن حمزة أن المغرب اليوم يعرف واقعا دستوريا جديدا، صالحه مع جزء أساسي من هوية الوطن من خلال التنصيص الدستوري على الأمازيغية، وعلى الجانب الهوياتي المتعدد للمغرب، الذي جاء في تصدير الوثيقة الدستورية، وكذلك التنصيص في الفصل 5 من الباب الأول على أن "الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة، من دون استثناء". وإذا كانت الجزائر قد أصدرت، قبل ثلاث سنوات قرارا رئاسيا يرسم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا مدفوع الأجر، يقول الباحث في العلوم السياسية، فإنه في المغرب تكاد تكون المكتسبات المتعلقة بالأمازيغية معلقة في الفراغ، خاصة تعميم تعليم الأمازيغية، الذي لم يتحقق إلى اليوم بالصورة التي كان يراهن عليها، ذلك أنه في عهد الحكومتين السابقتين، كان هناك تراجع إلى حد أن البعض اعتبر أن تلك الوضعية إذا استمرت، فإنها لن تكون سوى عملية دفن ممنهجة تتعرض لها الأمازيغية. لقد كان من المفترض، يضيف بن حمزة، أن يكون المغرب سباقا لترسيم السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، ويكون قاطرة لباقي الدول المغاربية، حتى يكون هذا العيد إضافة جديدة ونوعية للهوية المغاربية المشتركة. ويرى بن حمزة أن عدم الوضوح والتردد في موضوع الهوية الوطنية، وبصفة خاصة ما يتعلق بالأمازيغية، يجب التعامل معه بكثير من الحذر، لأن فتح الآمال للناس وإطلاق الوعود، التي إن لم تتحقق، فإنها تهدم المصداقية، بل تعزز شعورا جماعيا بـ"الظلم" والوقوع ضحايا "للخديعة". وأكد أن ما تبديه الحكومة الحالية من اهتمام بموضوع الأمازيغية، يبعث على التفاؤل باتخاذ قرار طال انتظاره، وهو المتعلق باعتماد رأس السنة الأمازيغية ضمن قائمة الأعياد الوطنية، وهو ما طالب به شخصيا في رسالة إلى رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران في 2013 عندما كان عضوا في مجلس النواب. ب. ب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

ساحـة "نيفـادا"... لكـل جمـال "لولتـه"

احتفال استثنائي بمقر التقدم والاشتراكية

مقالات ذات صلة