الوسـط الفنـي “ماصافيش”

الفاضيلي قالت لـ"الصباح" إن "اللخبطة" تحكم الساحة الفنية والضغط يؤثر على الإبداع غابت الفكاهية حنان الفاضيلي عن الساحة الفنية لمدة طويلة، لكنها عادت إليها، بعمل، اعتبر الكثيرون أنه لم يحظ بالاهتمام الذي يستحق، قبل أن تفاجئ جمهورها، بإطلالة "إنستغرامية". في حوار مع "الصباح" اختارت الفاضيلي الحديث عن مواضيع مختلفة تهم "اللخبطة" التي تعرفها الساحة الفنية، وتوضيح موقفها من الكثير من النقط. في ما يلي التفاصيل: أجرت الحوار: إيمان رضيف/ تصوير / فدوى الناصر < كان هناك غياب، قبل وفاة والدي الراحل عزيز الفاضيلي، لكنني تداركته بعد عرض سلسلة "بنات سي الطاهر". فقد صورت السلسلة قبل وفاته، إلا أنها لم تعرض، وهو ما جعل الجمهور يعتقد أنني غائبة عن التلفزيون. كما أن قناة "الأولى" اختارت عرض السلسلة قبل موعد أذان المغرب خلال رمضان، وهو توقيت غير مناسب، لكن، حاليا تعيد القناة بث حلقاته، وهو ما يمنح الذين لم يتابعوا العمل، فرصة مشاهدته مرة أخرى. من جهة أخرى، فالغياب بالنسبة إلي، لا يشكل تخوفا أو قلقا، سيما إذا كان الفنان يستغل غيابه بشكل إيجابي، ولصالح عودته ومسيرته الفنية، من أجل إعادة النظر في عدة نقط، والتفكير في عودة موفقة وفي المستوى. والأكثر من ذلك، فإن تأثير وفاة والدي كان كبيرا جدا، ومازلت إلى اليوم أعاني، وسأظل دائما في معاناة، رغم أنني أحاول تجاوز الأمر. أعتقد أن ما أشعر به، هو شعور أي شخص فقد والده أو مقربا منه. الحياة تستمر، لكنها تستمر بصعوبة وبفراغ كبير، لا يقوى أي شخص على ملئه. نحن نلبي وصية والدي، الذي كان يحرص على المثابرة والاستمرارية والاجتهاد، رغم كل الظروف التي نمر منها. نقاوم من أجل الاستمرار، بفضل نصائحه وتوجيهاته. < لم تأخذ حقها الذي تستحقه، حاولت الاشتغال على "ستايل" يضمن نوعا من الفكاهة النوستالجية، وجسدت شخصيتين تعيشان بمفردهما، مع تسليط الضوء على مفهوم الأخوة ومعاناة العزلة التي يعيشانها وسط بلدهما ومجتمعهما. حرصت، أيضا، من خلال السلسلة على أن تكون هناك التفاتة للأشخاص المسنين، أو فشلوا في تكوين أسر، ورغم ذلك حاولوا تكوين عائلة تجمع المحيطين بهم، منهم جيرانهم. كان الهدف العودة إلى حقبة زمنية من المجتمع المغربي، نفتقدها لظروف كثيرة. < بكل صراحة، يصعب الإجابة عن هذا السؤال. فهناك جوانب أخرى تتعلق بالأمر، منها أسباب اختيار عرض السلسلة في ذلك الموعد والعوامل التي حالت دون الترويج للعمل بشكل مناسب وأسئلة أخرى. لكن المهم أن الجمهور هو الذي يمكنه تقييم العمل، والحكم عليه، وهل أخذ ما يستحقه أم لا. وشخصيا، كل عمل قدمته، يظل ورائي، وأنظر دائما إلى المستقبل وما سيأتي "للي علي درتو، اشتغلت بحب واحترام لجهوري، وبضمير مهني، ولم أخذل أحدا". < لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة، ولم يخطر على بالي ذلك، أشتغل بنية صافية، وهدفي هو نجاح العمل والوصول إلى الجمهور. أجهل أسباب عدم الترويج للعمل بالطريقة التي يستحقها، ولا أجد تفسيرات واضحة. اليوم بفضل "الإعادة" و"يوتوب"، يمكن مشاهدة العمل، لكن، ما أتأسف له، هو تراجع الجانب الإبداعي، بعدما صار التركيز أيضا، خلال رمضان، على الأعمال الفكاهية، سيما أنه غالبا ما يمارس على الكاتب والسيناريست ضغط كبير، ما يؤثر على مستوى الإبداع. يمكن إدراج أعمال كوميدية طيلة السنة، وليس فقط خلال رمضان، وأعتقد أن المشاهد في حاجة إلى ذلك طيلة أشهر السنة، وليس خلال رمضان فقط. صارت هناك، بسبب الإشهارات، "لخبطة" بين ما هو مادي وفني، إذ أن الجانب المادي طغى على كل ما هو فني وإبداعي، وهذا الأمر لا يهم المغرب فقط، إنما الكثير من الدول في العالم. "لخبطة فنية" < أنا مع كل شاب أخذ مبادرة ولديه الشجاعة ليخرج إلى الوجود بأعمال ويظهر بها ويفرض اسمه. اليوم صار بإمكان أي شاب يظن أن لديه موهبة، تحقيق ذلك والوصول إلى الشهرة، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، سواء "إنستغرام" أو "تيك توك" وغيرهما. لكن الشهرة في الواقع الراهن، ليست معيارا أو مقياسا للنجاح، وأن التقاط الصور مع أي كان في الشارع لا يجعل الشخص فنانا. فإذا نجح في الوصول إلى باب الشهرة، لابد من الاستمرارية واستغلال ذلك لتطوير الذات، من أجل دخول الحلبة مع المحترفين بشكل رسمي. من أجل ذلك، أدعو الشباب إلى الاشتغال على أنفسهم، وتكوين شخصية مستقلة ومباشرة أعمال خاصة بهم من إبداعهم، وهو ما سيضمن لهم الاستمرارية، وما سيميزهم عن باقي الشباب الآخرين من جيلهم. اليوم "كولشي كيتشابه"، ويمكن العثور على فيديوهات مشابهة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يسبب "لخبطة" حقيقية. الشهرة ليست معيارا للنجاح يجب مراعاة الجانب النفسي البسيكولوجي لبعض الشباب والذين يتذوقون طعم الشهرة دون أي مجهود كبير، ففي الوقت الذي يكونون فيه داخل عالم "نكرة" يدخلون مجال الشهرة، ليعتبروا أنفسهم في القمة، لكن الواقع يؤكد غير ذلك، ولا أحد يضمن نفسه في المجال الفني، واحتمال كبير أنه لم يتصل به أي شخص للعمل، وهو ما قد يؤثر عليهم سلبيا ويدخلهم في دوامة الاكتئاب والأزمات النفسية المعقدة. مشاركون في برامج اكتشاف المواهب الفكاهية، عانوا هذا المشكل، وبعدما تسلط عليهم الأضواء خلال البرنامج، يجيدون أنفسهم بعيدا عنها، ما يترتب عنه دخولهم في أزمات نفسية مفاجئة، لأنهم لا يستفيدون من تداريب تسبق دخولهم عالم الشهرة، تهم بشكل خاص، التقنيات التي قد تساعد المشارك على التأقلم مع الوضع الجديد، عندما تسلط عليه الأضواء، وكيف يمكنه حماية نفسه من تأثيرات ذلك. إعادة النظر في برامج اكتشاف المواهب < لابد أن تتوفر في أعضاء لجان تلك البرامج الصرامة. والصرامة لا تعني أن الأعضاء يغارون من جيل الشباب. الأجيال تتناوب، ولا يمكن أن يستمر جيل واحد مدة طويلة، إذ سيأتي آخر، يفترض أن يحمل المشعل بطريقة صحيحة. < توصلت بعروض، لكن في الوقت الذي سيعطى لي فيه الحق بأن أكون صريحة مع المشاركين في البرنامج، والتعبير بكل شفافية عن رأيي من العرض الفكاهي، وأن المشارك "ما صالحش لهذا الميدان"، سأخوض التجربة، وسأطل على الجمهور من خلال أحد البرامج. فمن بين النقط التي أرى أنه من الضروري أن يوفرها البرنامج للمشارك، والتي ستدفعني إلى قبول الانضمام لأعضاء لجان التحكيم، مواكبته حتى بعد انتهاء البرنامج. للأسف مباشرة بعدما تسدل الستائر ، يجهل مصير المشاركين. نحتاج اليوم إلى حلول جذرية، وليس إلى الترفيه الآني فقط. وكما نأتي بتلك البرامج من الخارج، يجب أن تطبق بالطريقة ذاتها. << إذن، تحتاج هذه البرامج إلى إعادة النظر؟ بطبيعة الحال، لابد من إعادة النظر، ولابد أن نكون صريحين مع الشباب المشاركين فيها، على أن نشد بأيديهم، وأن يستفيدوا من التأطير الضروري، حتى تكون الأمور "على قواعدها". نجاح البرنامج لا يتوقف فقط على إنارة الأضواء وتشغيل الكاميرا، وإعطاء الميكرو للشباب، لابد من توفير نقط أخرى مهمة أيضا. نحتاج نقابات < يتصور للكثيرين أنه من الممكن أن يصيروا فنانين أيضا، وبدون أي مجهود، لكن لا يعلمون أن الرواد تعبوا و"طاحو" من أجل تحقيق ذلك. صحيح أن عصر التكنولوجية، قلص المسافات، وساعد على الترويج للأعمال، لكن لا يفتح باب الاستمرارية. هناك رواج في الساحة الفنية، لكن هل الجميع، يستحق النجاح وأن يكون فنانا؟ نحتاج إلى نقابات قوية لحسم وضبط الأمور، حتى يمكن دخول المجال الفني عن جدارة واستحقاق، علما أن هذا الميدان، حتى بالنسبة إلى الرواد، غير مضمون. أخاف على الشباب مما يمكن أن يواجهوه عند وصولهم إلى الشهرة المزيفة. < النقابات والوزارة وكل الجهات الوصية على القطاع الفني والثقافي مطالبة بالتدخل، لكن هذا لا يعني قمع الأصوات الشابة، وإخراس إبداعها، بل على العكس. رسالتي واضحة، هناك أماكن للجميع، لكن لابد من تصفية. ويقصد بالجميع، " للي عندهم ما يقولو" والذين يشتغلون على أنفسهم بشكل يومي، بالبحث وغيره. وللي لقاها ساهلة ما غاديش يكمل، ولن يخدموا الفن بطريقة صحيحة. فلا يمكن منع هؤلاء الشباب من نشر "إبداعاتهم" على "إنستغرام" مثلا، لكن على الأقل تفتح لهم المجال للوصول إلى التلفزيون، بشروط. لابد من وضع لجنة للمراقبة، سيما أن الكثيرين، ظهروا على "إنستغرام" مثلا، وأعطيت لهم الفرصة للمشاركة في أعمال تلفزيونية، لكنهم لم يحققوا النجاح ولم تكن إضافتهم مميزة. "ما ساداش على راسي" << فاجأت جمهورك بدخولك عالم "إنستغرام"، وعدت بـ"حياة سطوريات"، كيف جاءت هذه الخطوة؟ كنت من المتفرجين، ولست راضية، مثل الكثير من المواطنين، عما يروج على مواقع التواصل الاجتماعي، لأننا ابتعدنا عن هويتنا وثقافتنا. ودون أن نمس بحرية الآخرين ومصادرة حقوقهم في التعبير عن آرائهم، لكن، نلاحظ، اليوم، أن الحرية تمس الكثيرين، وتمس الجيل الناشئ، وهنا تتصاعد التخوفات. للأسف الشديد، طفلة في عمر 12 سنة، تقوم بتصرفات نساء في الثلاثينات من عمرهن. هناك تحولات تفرض على المسؤولين التدخل، لحماية الجيل الناشئ. كل شخص منا مسؤول عن نفسه ومجتمعه ومحيطه. كما أن اختياري اسم "حياة" لم يكن اعتباطيا، إذ حاولت من خلال هذا الاسم الإشارة إلى أن حياة أصبحت عبارة عن "ستوريات" بعيدا عما يعرف بالخصوصيات، فجمعت بين الاسمين "حياة ستوريات". فقدت الحياة، بسبب "الستوريات" على مواقع التواصل الاجتماعي، طعمها المميز، وغير الكثير من الأشخاص عاداتهم لحرصهم على الوجود على حياة العالم الافتراضي، وابتعدوا عما هو تلقائي وعفوي. لابد من حماية الجيل الناشئ. حرصت على حماية الجيل الناشئ من خلال توجيه رسائل بطريقة غير مباشرة وبطريقة فكاهية، وفي الوقت ذاته تسليط الضوء على ظواهر "إنستغرامية"، علما أنني أفضل الفكاهة "خفيفة الظل"، عوض الخطاب المباشر الذي يتضمن السب والشتم. << هل سعيدة بما حققته خطوتك على "إنستغرام"؟ اختياري لحياة "ستوريات" بمثابة شكر لكل المتتبعين الذين كانوا إلى جانبي، خصوصا بعد وفاة والدي عزيز الفاضيلي، إذ لمست مدى حبهم لي. اكتشف شوق جمهوري لأعمالي، فقررت أن أطل عليهم، في بعض الأحيان من خلال "إنستغرام" ودون أن أمارس الموعظة. وعلى العموم لا أعول على "إنستغرام" لبناء مسيرتي الفنية، حياتي الفنية فوق خشبة المسرح وأمام الكاميرا، لكن فكرت في أن أطل على جمهوري من خلال هذا الموقع، لمشاركة بعض الأفكار والمواقف، من خلال تجسيد شخصية "حياة ستوريات"، والتي تعكس جزء من الواقع الذي نعيشه، فحظيت بإقبال كبير. << تحرصين على الاشتغال ضمن فريق عمل واحد، ألا تفكرين في خوض تجارب أخرى بعيدا عن فريقك المعتاد؟ يعتقد الكثيرون أنني "سادة على راسي"، وأفضل الاشتغال مع العائلة وفريقي التقني، لكن من سيرفض فرصة عمل يمكن أن يضيف إضافة مميزة إلى المسيرة الفنية؟ حرصت من خلال سلسلة "بنات الحاج الطاهر"، على الاشتغال مع أسماء وازنة في الساحة الفنية المغربية، منها نور الدين بكر رحمه الله. من المهم الاشتغال رفقة فنانين يمكنهم إعطاء قيمة مضافة للعمل، والتعاون مع أسماء مهمة، يساعد أيضا على تفجير الطاقات.

الوسـط الفنـي “ماصافيش”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هل حسم ميلان صفقة زياش؟

المعركـة الكبـرى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات