المغاربة يفتقدون ثقافة جنسية

الشعباني قال إن تلقينهم تربية الأجداد فكر جامد لا يؤمن بالانفتاح شدد علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، على أهمية تلقين الأبناء تربية جنسية نظرا لتأثيرها الإيجابي على سلوكاتهم على المدى البعيد. واعتبر الشعباني تلقين الأبناء التربية نفسها للأجداد، التي ترفض الخوض في مواضيع جنسية وتعتبرها من "الطابوهات"، بمثابة فكر جامد لا يؤمن بالانفتاح. عن تعامل المغاربة مع التربية الجنسية ومحاور أخرى، يتحدث علي الشعباني ل"الصباح" في الحوار التالي: < إن تلقين الطفل تربية جنسية ينبغي أن يدخل في إطار تربية شاملة، إذ لا يمكن تعليمه فقط مبادئ مثل طريقة الجلوس والأكل وإلقاء التحية واحترام الآخر وكل المواضيع التي تهم صحته وسلامته وعلاقته مع محيطه ليكون مواطنا وإنسانا سليما دون أن يتم التوقف عند الجانب الجنسي. ولهذا لابد للطفل أن يعرف كيف يمكن أن يلائم سلوكاته مع كل القيم والمبادئ والأفكار السائدة في المجتمع، فالغاية من التربية الجنسية، في هذه الحالة، لا يمكن إبعادها عن المفهوم الشامل للتربية. ولهذا يحتاج الطفل إلى تربية جنسية من خلالها يعرف كل أعضاء جسده حتى التناسلية منها ووظائفها والغاية منها وما يترتب عنها في سن معينة أو قبل ذلك. والتربية الجنسية لا ينبغي التعامل معها بمنطق الإحراج والرفض إطلاقا، بل إدراجها ضمن مواد تربوية يتعلمها الطفل في المناهج التعليمية وحتى داخل المنزل من قبل الآباء. < ما يجعل الآباء يعتبرون التربية الجنسية بمثابة "طابو" يؤكد أننا لم نتهيأ بعد فكريا وعقائديا واجتماعيا للحديث عنها. ولهذا فمن المهم على الأسر أن تعي أهميتها وتحاول الحديث عنها تدريجيا مع الأبناء, تفاديا لمشاكل مستقبلا, مثل أمراض جنسية وحمل غير مرغوب فيه وخيانات وتحرشات بأطفال أو اغتصاب "بيدوفيلي". < رغم أن الدين يتناول كل مواضيع الحياة الجنسية للإنسان ويتم تداول عبارة "لا حياء في الدين"، إلا أن هناك فئة ترددها وحين يتعلق الأمر بالتربية الجنسية تتناسى التنفيذ والتطبيق. ويعكس موقف هذه الفئة أن الخوض في الحديث عن التربية الجنسية يفتح الباب أمام الفاحشة وقلة الحياء والاحترام بين الآباء والأطفال. والواقع حين يلاحظ الشعور بالحرج من قبل الآباء والاحمرار أو رد فعل قوي تجاه الأبناء بسبب المواضيع الجنسية، فهذا لا يمكن اعتباره سوى مرض نفسي لم يستطع كثيرون التغلب عليه ما دامت الحياة الجنسية جزء منا، بل والبعض يعتبرها كل الحياة. وأتساءل لماذا نتخوف من إثارتها والحديث حولها؟ < أعتبر هذا بمثابة فكر جامد لا يؤمن بالتغيير والانفتاح، لأن الأمس ليس هو اليوم، كما أن الوقت الراهن ليس هو المستقبل، مادامت الحياة تعرف كثيرا من التغييرات والتطورات المستمرة، التي يواكبها تغير في الأفكار والسلوكات تفرض علينا أن نسايرها وأن نتعامل مع أطفالنا بما يفرضه الوقت الراهن وليس بمنطق الأجداد، الذين يعتبرون مجرد التفكير في الحديث عن التربية الجنسية بمثابة تمرد على الأعراف والتقاليد. وحاليا يتوفر أغلب الأطفال على أجهزة إلكترونية يمكنهم من خلالها الاطلاع في سرية تامة على مواضيع تهم الحياة الجنسية، وبالتالي من الأفضل أن يلعب الآباء دور الموجه والمعلم بدلا من أن تمرر مختلف المواقع وغيرها معلومات منحرفة إليهم وتكون لها انعكاسات سلبية عليهم مستقبلا. < صحيح، فحين يطرح الطفل سؤالا على أمه بقوله "كيف جئت إلى الحياة؟" غالبا ما يواجه الصمت والتجاهل والقمع والعنف في بعض الحالات، علما أنه يكون في حاجة إلى معرفة أمور غامضة. ونتيجة لذلك فإن الطفل يقرر عدم طرح أي سؤال مجددا، وإنما البحث عنه بطريقته الخاصة، سيما أنه في الوقت الراهن تتوفر لديه آليات ذلك من خلال شبكة الإنترنت. وأود أن أشير إلى أن أزيد من 90 في المائة من المغاربة يفتقدون إلى ثقافة جنسية، كما أنها لا ترقى إلى اهتماماتهم, كما هو الشأن في أمور أخرى مثل الثقافة السياسية. ولهذا من الطبيعي أن تكون هناك فئة من الشباب المنحرف داخل مجتمعنا لأنه لم توفر الأرضية لتقويم سلوكهم ولتشبعهم بقيم سليمة وعلاقات حياة عامة في غياب ثقافة جنسية. وأستغرب كيف يتم تدريس مواد مثل التاريخ والجغرافيا والرياضيات وغيرها، بينما المادة التي تؤدي به إلى الهاوية والمتمثلة في التربية الجنسية يتم تجاهلها تماما. وغياب التربية الجنسية سبب رئيسي وراء وجود متحرشين في المقاهي وغيرها من الفضاءات و"بيدوفيل" ومن يمارسون العنف ضد المرأة ومغتصبين وغيرهم. ولهذا حان الوقت للتفكير بجدية في أهمية التربية الجنسية، لأنها تعلم مبادئ الاحترام ويتم من خلالها تفادي مجموعة من السلوكات المنحرفة. < للرد على هذا السؤال لابد أن استحضر أمرا عشته منذ سنوات حين كنت طالبا بفرنسا، وكان طالبا أجنبيا يتابع دراسته في مجال الهندسة، يقطن في الحي الجامعي نفسه وحدثني ذات مرة عن أستاذ كان يطلب منهم أن يتطوع شخص ويتجرد من كل ملابسه ليتم رسمه عاريا من قبل الطلبة. وكان الدرس التطبيقي في مادة الرسم بمثابة نوع من التربية الجنسية، إذ يتجرد فيها الطلبة ويغيبون الحس الجنسي، الذي يثير رغبتهم وغريزتهم، ويتعاملون مع الجسم بمثابة صورة يتم رسمها فقط. وفي المقابل، فإنه في مادة العلوم الطبيعية حين كان يتعلق الأمر بتضمن المقرر المدرسي صورة لأعضاء جسم الإنسان وتظهر الأعضاء التناسلية كان ومازال أغلب التلاميذ، نتيجة غياب تربية جنسية يتبادلون النكت ويضحكون لأنهم يستحضرون الغريزة بدل الغاية والوظيفة منها. ولهذا فإن تطرق الأستاذ في مادة العلوم الطبيعية أو غيرها إلى الأعضاء التناسلية ليس الهدف منه الاستهزاء أو الإثارة، وإنما تلقين معطيات جديدة لابد من تعلمها. ومن جهة أخرى، أصبح ترويض العقل من خلال تدريس التربية الجنسية أمرا مهما تفاديا لسلوكات منحرفة. أجرت الحوار: أمينة كندي في سطور: - أستاذ باحث في علم الاجتماع. - شغل منصب مدير الأبحاث في المعهد - الملكي لتكوين الأطر بالرباط. - نشر عدة كتب داخل المغرب وخارجه.

المغاربة يفتقدون ثقافة جنسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التربية على الجنس... العقدة

"روش نوار"... سنة أولى تخبط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات