التمثيل بالجثث… جرائم بشعة

أخذت منحى تصاعديا ومست منظومة القيم وارتفاع أصوات بإعدام مقترفيها خلال الشهر الماضي عرفت قاعة الجلسات رقم 1 بمحكمة الاستئناف بالجديدة، محاكمة مشعوذ أحرق جثة خليلته، ومحاكمة فلاح ذبح مروج مخدرات وبتر جهازه التاسلي، وهي بالطبع ليست آخر الأحزان كما يقولون، بل نافذة مشرعة على نوع من الجرائم المقيتة التي هزت عددا من المدن والمداشر ببلادنا، وأعطت إشارات قوية على أن القتلة، تحولوا في جرائم كثيرة إلى " وحوش آدمية " تنهش بشكل رهيب أجساد ضحايا قتلوا بدم بارد، وهي جرائم لا يمكن إلا أن تحمل تسمية واحدة " جرائم البشاعة" إنجاز: عبد الله غيتومي (الجديدة) عندما تتواتر أخبار تلك الجرائم وتتردد باستمرار، حتما فمنظومة القيم ببلادنا تتعرض لضربات قوية، كانت منشأ خوف وهلع شديدين لدى المتلقين لتلك الأخبار الرهيبة، ذلك ما يفرض بالضرورة أن نستوقف الظاهرة في أبعادها النفسية والمجتمعية والقانونية، في وقت أضحت جرائم التمثيل بالجثث تطفئ جذوة مناصرين لإلغاء عقوبة الإعدام ببلادنا، حد ارتفاع أصوات تنادي بالإبقاء عليه مع تنفيذه في حق الذين ماتت فيهم الشفقة والرحمة. وجرائم التمثيل بالجثث في الجديدة نجد لها مثيلات في كل المناطق عبر ربوع بلادنا، وأبطالها من فئات عمرية مختلفة ومن مستويات دراسية متفاوتة، لكن القاسم المشترك بينهم، هو رغبة جامحة لسفك الدماء ولن تهدأ أبدا إلا بتقطيع الأطراف، وفي مناظر مقززة تحويل جثث إلى لحم مفروم كما الحال في جريمة مكناس. حرق وبتر أعضاء في دجنبر الماضي اهتزت الحوزية على وقع جريمة قتل فتاة وإحراق جثتها، عندما عمد مشعوذ إلى سكب 10 لترات من البنزين عليها، بنية طمس معالم جريمته النكراء، والتشويش على البحث الذي كان يقوم به الدرك الملكي، الذي تمكن بعد أربعة أيام من وضع اليد عليه، واستنطاقه، حيث باح بأن غيرة قاتلة دفعته إلى قتل "رحيمو"، وأنه لما وجدها جثة هامدة بين يديه، وبعد لحظة تفكير اختار إحراق الجثة، وبعد جلستين اقتنعت المحكمة بالمنسوب إليه، وعاقبته بالمؤبد وفي سيدي بنور التابعة لنفوذ الدائرة القضائية للجديدة، حوكم فلاح من جماعة بوحمام بثلاثين سنة سجنا، لضلوعه قبل أقل من سنة، في ذبح " بزناس " بواسطة "زبارة" وبتر جهازه التناسلي ووضعه فوق وجهه، وهو الذي أفاد لدى الاستماع إليه أنه أروى رغبة جامحة بداخله، للتخلص من غريمه والتمثيل بجثته، وأنه اختار أن يبتر عضوه التناسلي وليس عضوا آخر من جسده، لأنه العضو الذي هدده به للنيل من عرضه وشرفه. ودفع محاميه بملتمس تمتيعه بظروف التخفيف لتجنيبه الفصل 392 من القانون الجنائي المغربي، الذي يقضي في مثل هذه الجرائم التي يتوفر فيها سبق الإصرار بالسجن المؤبد، وبعد المداولة عوقب الجاني بثلاثين سنة سجنا نافذا. طحن لحم محام وزوجته وبمنزل بحي النجارين بمكناس وفي ليلة السكاكين الطوال، أجهز جزاران شقيقان بمساعدة مهاجر ورجل وقاية مدنية، على محام وزوجته ودافعهم وراء ذلك الانتقام منهما لوضعهما شكاية لدى القضاء المختص، اشتكيا من أن محل الجزارة الذي يقع أسفل الشقة التي يقطنان بها، ينفث دخانا باستمرار، وهو مصدر تجمع فضوليين وزبناء يقلقون راحتهما، ولما تبين للجزار وشقيقه أن الأمور تتجه نحو إغلاق محل الجزارة الذي كان يدر عليهما مدخولا كبيرا، اقترح عليهما مهاجر بأوربا وساطته لكسب القضية، ولما لم يفلح فيها عرض عليهما خطة مساعدتهما على تصفية المحامي وزوجته، بمساعدة رجل الوقاية الذي لبى طلبهما، لأنه مكبل بشيك لديهما بمبلغ ١٠ آلاف درهم وبالفعل نفذ الجميع خطة محكمة عندما انتظروا عودة الضحيتين في وقت متأخر من الليل، لما هوى عليهما الجزاران بضربات على الرأس بأداة حديدية، وقام الجميع بجر جثتيهما إلى داخل شقة بالطابق الثاني، وهناك وظف الجزاران خبرتهما، وقاما بتقطيعهما إلى أشلاء، قبل أن يقوما ب" فرم " لحمهما وتحويله بواسطة طحانة كهربائية إلى " كفتة " والتخلص منها في مجرى مياه عادمة، ثم هشما عظامهما ورأسيهما وحملوا ذلك إلى حيث تخلصوا منه في وادي الشراط . وحشية ضحيتها زوج فنانة تلقى أمن البيضاء في الثامن من شهر فبراير الماضي، إخطارا باختفاء زوج فنانة مشهورة ببلادنا وأن الاختطاف نفذه أشخاص على متن سيارة رباعية الدفع، ما استنفر جهودا أمنية مكثفة أسفرت عن توقيف ضالع رئيسي في الجريمة يدعى " التوربو" وكان خيطا رفيعا قاد إلى مشاركيه، وكلهم اعترفوا بتعذيبه في حاوية، قبل تقطيع جثته إلى أشلاء وفصل الرأس عنها والتخلص من كل ذلك بمجرى نهر متاخم للعاصمة الرباط، وبعد مدة عثر غطاسون بهذا النهر على رأس الضحية، وكانت جريمة مروعة للرأي العام لبشاعتها، إذ تعرض الضحية إلى تعذيب وحشي قبل قتله، وهي القضية التي لا تزال أطوارها تعرص على قاضي التحقيق قبل إحالة الجناة للمحاكمة طبقا للقانون". تهديد أمن المجتمع يرى محمد فارس المحامي بهيأة الجديدة سيدي بنور أن بعض الجرائم البشعة المقترنة بأعمال وحشيةعلى جثث الضحايا أحيت النقاش حول مدى مشروعية حكم الإعدام، وصرح لـ"الصباح" أعادت بعض الجرائم المرتكبة بحر السنوات الماضية أوخلال السنة الجارية بمدينة الجديدة خاصة وغيرها بمدن أخرى النقاش حول مشروعية حكم الإعدام والحاجة إلى الإبقاء عليه وتفعيله صونا للمجتمع وسكينته وأمنه، ومن تلك الجرائم قتل امرأة بدوار الغضبان وإحراق جثتها بدوار المناصرة بالحوزية، والتي انتهت بالقبض على الجاني ومتابعته بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والتمثيل بالجثة طبقا للفصول 392 و393 و399 وغيرها من القانون الجنائي". واستطرد فارس "إذا كان النقاش الدائر في السنوات الأخيرة حول أوجه زجر وعقاب مرتكبي الجرائم الخطيرة المتعمدة خاصة المرتبطة بحالة العود أو المرفقة بجنايات متعددة مصاحبة، فإننا نلاحظ أن النقاش محتدم منذ مدة بين مختلف الأوساط الحقوقية التي تعنى بالحقوق المدنية والسياسية حول عقوبة الإعدام المنصوص عليها في مثل هذه القضايا، وهو نقاش يصنف غالبا حسب ثلاث وجهات نظر، ومنها رأي المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يقول بأن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، ورأي ثان من صلب الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية القائلة بحماية حق الإنسان في الحياة ولايجب إعدام إنسان إلا تنفيذا لحكم قضائي سليم، بينما الرأي الثالث وهو رأي الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان القائلة بأنه لا يجب تنفيذ حكم الإعدام إلا على أشد الجرائم خطورة وبشرط صدور الحكم النهائي عن محكمة مختصة " واستطرد فارس "وفي ظل هذا النقاش فإن مشروعي القانون الجنائي المغربي والمسطرة الجنائية، المعروضين أمام البرلمان للمناقشة، يسيران في اتجاه تقليص وتضييق كم الجنايات المعنية بالإعدام، إلا ما استجد من جرائم خطيرة معقدة تهدد أمن المجتمع وسكينته واستقراره ". وختم "ولابد في الجرائم المقرونة بأعمال وحشية على جثث الضحايا، من التشدد في أقصى العقوبات لتحقق الردع الخاص أولا في صفوف مقترفيها، وأظن أنه لا يجب أبدا التساهل في مثل هذه الجرائم التي تهز استقرار المجتمع، انطلاقا من حق أن الضحايا هم كذلك أولى بالحياة" أحكام رادعة تشعل جرائم التمثيل بالجثث نقاشا مستمرا في وسائل التواصل الاجتماعي، وكلها تتقاسم الرأي بضرورة التصدي لها بأحكام رادعة، لأنها في عمقها تعبير عن موت الرحمة في قلوب مقترفيها. وهكذا قال المعالج والمحلل النفسي محمد قجدار أن مقترفي هذه الجرائم الوحشية، لم يتوقفوا عند القتل العادي بل تجاوزوه إلى التمثيل بالجثث، وهو في الحقيقة "إفراط في القتل " لابد من تحليله ضمن علم النفس وعلم الاجتماع الجنائيين، مظهرا أن الجاني وفي مثل هذه الجرائم يكون على أتم الاستعداد الذهني الذي يحفزه على ذلك دون أن يشكل له ذلك "أزمة ضمير"، ,انه مهما بالغنا في التفصيل في العوامل النفسية والاجتماعية التي تكون وراء تلك الجرائم الوحشية، فإن المجتمع يرفض قتل الأرواح فأحرى أن يكون مقرونا بأفعال لا حضارية ولا أخلاقية". وغرد رافضون لمثل هذه الجرائم الوحشية " الشريعة الإسلامية تحرم التمثيل بالجثث، لأن الإسلام كرم بني آدم حيا أو ميتا، ومن هذا التكريم تحريم العبث بأجساد الموتى في سبيل إشباع رغبة الاستمتاع والاستهزاء أو إطفاء غضب أو انتقام " وعلى خلفية جريمة إحراق فتاة الحوزية غرد كثيرون " جريمة نكراء بكل المقاييس وغير مقبولة في مجتمعنا، وعلى المحكمة القصاص من المجرم والحكم عليه بالإعدام وتنفيذه فيه أمام الملأ حتى يكون عبرة لآخرين".

التمثيل بالجثث… جرائم بشعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الناموسي.. دينامو الهلاليين

"رالي عائشة للغزالات" يختتم فعالياته بالصويرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات