حقوق الإنسان… السلاح الذي قهر رجال الأمن

"شوف والله وتمسني إلى تفاكيت معاك، راه غادي ندعيك ونجرجرك في المحاكم" عبارة غالبا ما ترددت في السنوات الأخيرة على مسامع رجال شرطة ودرك ملكي بعد أن يوقفوا مشتبها فيه، قبل أن يضيف الموقوف، "راه احنا في دولة القانون وحقوق الإنسان وماشي من حقك تمسني" . الأمور لا تقف عند حدود التهديد، بل إنها تصبح أمرا واقعا بعد أن يوجه الموقوف شكاية إلى النيابة العامة يخبرها فيها بتعرضه للتعذيب خلال وجوده في ضيافة الأمن، وقد يعزز ذلك بشهادة طبية تظهر إصابته بجروح أو شيء من هذا القبيل.تكررت الحالات ووجد العديد من رجال الأمن أنفسهم في متاهة سين وجيم لتبرئة ذمتهم من تهمة التعذيب أو انتهاك حقوق الإنسان خلال أداء مهامهم، وانتشر الخبر بين زملائهم ليشكل عائقا أمام أداء مهامهم، وأصبح طبيعيا أن يستعين بعض رجال الأمن بمقولة "عين ما شافت قلب ما اوجع"، إذ أن بعضهم كانوا يشاهدون حالات إجرام ولا يتدخلون من أجل إنقاذ الضحية أو إيقاف المتهمين، ما خلق حالة استياء لدى المواطن. مرحلة الربيع العربي كانت الأصعب بالنسبة إلى رجال الأمن، خاصة بعد التعليمات التي تلقوها من المسؤولين والتي تطلب منهم التعامل بلين وعدم الدخول في مواجهة مباشرة مع المواطنين، ومعاملة المعتقلين بشكل لائق تفاديا لأن يعمد بعضهم إلى حرق نفسه ودخول البلد في متاهات."فاقد الشيء لا يعطيه" يقول أحد رجال الأمن، قبل أن يشرح مقولته بالتأكيد على أن رجل الأمن في الآونة الأخيرة أصبح هو الحلقة الأضعف، ووصل الأمر إلى حد شعوره باللاأمن في مواجهة المجرمين، يظهر هذا من خلال الفوارق الكبيرة في التجهيزات، إذ أن رجل الأمن يجد نفسه أعزل أمام مجرم مجهز بأسلحة بيضاء وقنينات غاز الكروموجين، وسيارات ودراجات نارية فائقة السرعة، ويطلب منه إيقافه دون المجازفة باستعمال مسدسه، وهنا يبدو المشكل الثاني المؤرق لرجال الأمن يتعلق بالتناسبية خلال الدفاع الشرعي، إذ يطلب من رجل الأمن، الذي هو مكلفا بحفظ النظام العام، كما يقول أحدهم أن يعامل مجرما بالمثل، فإذا كان حاملا عصا يجب أن يحمل عصا وإذ كان حاملا سيفا يقارعه بسيف، أما سلاحه فآخر ورقة يمكن أن يشهرها مع مراعاة سلامته.الأمور إلى هذا الحد مقبولة، وإن كان من غير المنطقي أن يطلب من رجل الأمن معاملة مجرم بالطريقة نفسها، وأن يراعي أحاسيسه ومشاعره ويتحول إلى معالج نفسي واجتماعي يترجاه أن يترك سلاحه الأبيض الذي يهدد بقتله به، ولا بأس أن يذكره بالحالة التي ستكون عليها والدة المتهم بعد أن يصاب أو يقتل في مطاردة بوليسية، وببعض فصول القانون الجنائي التي ستكون رحيمة به في حال ما إذا استسلم وإن كان الشرطي يقول في قرارة نفسه، "حط هاذاك السيف وفكنا من هاذ المصيبة الله يرحم ليك الوالدين راه ما قادين على اصداع". "لي جا كيمسح إيدو في البوليس" يقول رجل أمن آخر غير راض على الوضعية، قبل أن يضيف "القوادة هي اللاخرة خصك تحسب ليها ألف حساب قبل ما تعتقلها، راه ممكن بعلاقاتها النافذة طوعك لشي خلا"، أما المتهمين راه ما بقايناش قادين عليهم، لي دويتي معاه يقول ليك حقوق الإنسان".فئة ثانية من رجال الأمن، ترى أن تحقيق الأمن لا يستدعي خرق حقوق الإنسان، وما على رجل الأمن سوى التقيد بالقانون في عمله، فهدفه نبيل، وبالتالي يجب أن تكون الوسيلة نبيلة، فهو في الأول والأخير يسهر على تطبيق القانون ويجب أن يلتزم به.الصديق بوكزول

حقوق الإنسان… السلاح الذي قهر رجال الأمن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"طوندوز" الداخلية يبحث عن الأمن في رؤوس المواطنين

الحملات الأمنية... عودة زمن "لاراف"

مقالات ذات صلة