شرعنة التجاوزات باسم الحماية غير مقبول

اعميار أكد أن اتهام الناشطين الحقوقيين بالتحريض على الفوضى والتسيب تغليط مقصود قال عبد المطلب اعميار، رئيس اليقظة المواطنة، إن ظاهرة "التشرميل" غريبة عن المجتمع المغربي، وتؤشر على دخوله إلى دوائر العنف،ما كان يفرض التعامل مع الظاهرة بما يلزم من جدية ومعقولية، منبها في الوقت نفسه، إلى أن قواعد التدخل الأمني لا ينبغي أن تتعارض مع منطوق القانون... بصفتك رئيس هيأة وطنية مدنية مستقلة تعنى بتتبع القضايا المرتبطة بالديمقراطية والشأن العام، كيف تقيم ظاهرة "التشرميل"؟ بداية تنبغي الإشارة إلى أن ظاهرة ما أصبح يسمى بـ"التشرميل" ظاهرة غريبة عن المجتمع المغربي، وهي تترجم انحرافات سلوكية لدى فئات من المجتمع، وتؤشر على دخول المجتمع المغربي إلى دوائر العنف، بما يعنيه من استعراض للقوة، أو إعمال أشكال تتعلق بممارسة العنف بشكل مباشر، أو غير مباشر. وترتبط هذه الممارسات التي تمس بأمن المجتمع إما بالجريمة، بمختلف أشكالها، أو بالتحريض عليها، أو التظاهر بها. وهي أفعال يعاقب عليها القانون. غير أن الأمر بقدر ما يسائل قواعد التنشئة الاجتماعية، والتربية السلوكية، والتأهيل الاجتماعي، بقدر ما يسائل السياسات العمومية التي لم تعمل على تمكين شرائح واسعة من المجتمع من أدوات الحماية الاجتماعية، والتأهيل الذاتي للأفراد على قيم المواطنة الايجابية، والسلوك القويم. وهي مناسبة للتأكيد مجددا على أن خلاصات تقرير الخمسينية الذي توقف على العديد من مظاهر التحولات المجتمعية، لم يشكل مع الأسف مادة للنقاش العمومي والتداول المجتمعي في قضايا ترتبط بمعيقات التنمية بمعانيها الشمولية، ومن ضمنها اختلالات منظومة التنشئة الاجتماعية. وهي مناسبة ندعو فيها إلى إطلاق نقاش وطني حقيقي بخصوص تنامي ظواهر العنف ببلادنا، ومتطلبات بناء السلوكات المدنية المستجيبة لقواعد التأهيل الاجتماعي. هل تتفق مع جهات تروج أنه من أجل تحقيق الأمن يجب القبول بتجاوزات السلطة، أو البقاء رهينة الانفلات الأمني؟ إن تحقيق الأمن من حقوق الأفراد والمجتمع. وهو ركن من أركان الدولة العصرية التي تنهض بأمن المجتمع على قواعد القانون. وهو ما لا يتعارض مع الدستور المغربي، ومع كل المواثيق والعهود الدولية التي تنص على حماية أمن المواطنات والمواطنين ضمن مقتضيات ومساطر القوانين الوطنية.غير أن الربط بين مستلزمات ومتطلبات الأمن وسلامة المواطنين وشرعنة تجاوزات السلطة باسم الحماية الأمنية ربط غير مقبول، لأن قواعد التدخل الأمني لا ينبغي أن تتعارض مع منطوق القانون، كما أن استتباب الأمن لا يرتبط إطلاقا بالشطط في استعمال السلطة، بل بإعمال القانون، وهو الكفيل بحماية المجتمع. ثم إن الشعور العام بالأمن هو نتاج طبيعي للحكامة الأمنية، التي تخضع كل العمليات الأمنية لضوابط القانون وليس لأدوات القمع، أو التنكيل. وفي السياق ذاته ينبغي الرد على بعض المزاعم التي تعتبر بأن الانفلات الأمني، والتسيب، والفوضى هو نتيجة لدعاوى وخطابات نشطاء حقوق الإنسان. وهو تغليط مقصود، الهدف منه هو تصوير خطاب حقوق الإنسان وكأنه من مسببات ومسوغات الانفلات الأمني، والحال أن ثقافة حقوق الإنسان تتعارض أصلا مع كل السلوكات المتعارضة مع القانون، كما أنها في الأصل في خدمة الأمن الاجتماعي القائم على احترام سلامة الأفراد والجماعات. بخصوص حركة اليقظة المواطنة، ما هي تحركاتها والنقاشات والمبادرات التي ستطرحها بخصوص هذا الموضوع؟إن اهتمام حركة اليقظة بهذا الملف يدخل في صلب اهتماماتنا بخصوص كل القضايا المجتمعية ذات الأهمية. ونعتبر أن المسألة الأمنية جزء من هذه الاهتمامات، على اعتبار أن بناء مجتمع المواطنة وحقوق الإنسان قائم بالضرورة على تأمين الأمن الاجتماعي الذي لا ينفصل عن دمقرطة المجتمع والدولة، على اعتبار أن تعزيز مسارات حقوق الإنسان ببلادنا يتطلب معالجة كل القضايا بجرأة ومسؤولية، وإقرار الحقوق المدنية بأبعادها الاجتماعية والثقافية، لا ينفصل عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي فإن ملفات الجريمة والعنف والانحراف، بقدر ما تسائل السياسات العمومية في بلادنا، بقدر ما تطرح ملحاحية النهوض بأوضاع المواطنين من أجل تأهيلهم تأهيلا يضمن لهم العيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والرقي الاجتماعي. ولعل الاختلالات المسجلة في منظومات التنشئة الاجتماعية تفسر إلى حد بعيد تنامي العديد من الظواهر الاجتماعية المزعجة التي تتطلب معالجة حقيقية بعيدا عن المعالجات الأمنية الظرفية، أو الخطابات التطمينية التي لا تعمل في النهاية إلا على تكريس الانحرافات الاجتماعية والبؤس الاجتماعي والتمايزات الطبقية. في سطور- رئيس حركة اليقظة المواطنة- أستاذ مبرز في الترجمة- ماستر في الفلسفة السياسية بباريس من إصداراته:- الزعيم - محكيات سردية- في الخطاب السينمائي أجرى الحوار: مصطفى لطفي

شرعنة التجاوزات باسم الحماية غير مقبول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال الآلاف لا يضمن استتباب الأمن

الحملات الاستباقية... خطة الداخلية لمحاربة الجريمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات