اعتقال الآلاف لا يضمن استتباب الأمن

توفير وسائل العمل وتشديد بعض العقوبات وإصلاح السجون ضمن الأولويات تجاوزت الاعتقالات التي تلت جولة محمد حصاد وزير الداخلية، والشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، آلاف موقوف، بعضهم أودع السجن وآخرون أطلق سراحهم بعد أ ن تم التأكد من هوياتهم. الرقم كبير، خاصة أن المدة لم تتعد أسبوعا، وهو يكشف من جهة عن الجهد الذي بذل من قبل العناصر الأمنية التي لم يراود النوم جفونها لساعات طويلة ، كما يظهر حجم الجانحين الذين كانوا يتجولون بيننا بحرية عابثين بسلامة وأرواح المواطنين.كل الشكر لرجال الأمن على هذا المجهود الذي بدت نتائجه تظهر، وبدأ المواطن يعبر عن نوع من الارتياح المشوب بالحذر، مخافة أن يكون الأمر مجرد حملة ستنتهي بمرور الأيام، لكن السؤال الذي يطرح، هل الاعتقالات بالجملة كفيلة لوحدها لاستتباب الأمن على المدى المتوسط والبعيد؟الجواب بالنفي طبعا، على اعتبار أن الزج بمجرمين في السجن لن ينهي الجريمة، بل قد يزيدها استفحالا بعد أن يخرج المجرم، وقد طور مواهبه الإجرامية، وفي يده شهادة الكفاءة في الإجرام التي تسلمها من عتاة المجرمين الذين التقاهم هناك. المسألة ليست مجرد كلام، بل إنها معززة بمعطيات دقيقة، أولها أن رجال الأمن أناس من لحم ودم، وبالتالي، فإن وتيرة عملهم العالية التي ظهرت في الأيام الأخيرة ستنخفض مع مرور الأيام، وقد تخور قواهم، فنجد أنفسنا أمام أمنيين منهكين غير قادرين على مسايرة إيقاع مجرمين في كامل لياقتهم البدنية. ثاني المعيقات في وجه رجال الأمن غياب وسائل العمل، من سيارات ودراجات وتجهيزات مرتبطة باللباس ونوعية الأسلحة المستعملة في مواجهة المجرمين، إذ من غير المقبول أن يطلب من رجل أمن مزود بدراجة نارية متهالكة أن يعتقل مجرما يركب آخر طراز من الدراجات النارية أو السيارات، كما أنه من الصعب على رجل أمن أن يواجه عصابة إجرامية مدججة بالسيوف ونطلب منه ألا يستعمل سلاحه وحتى لو اضطر استعماله فيجب أن لا يتسبب ذلك في مقتل المجرم، وإلا فإن رجل الأمن سيجد نفسه في متاهات التحقيق التي قد تعصف بمستقبله المهني.ثالث المعيقات التي يمكن أن تحول دون تحقيق النتائج المرجوة من هذه الحملات الأمنية، العقوبات التي يتضمنها القانون الجنائي المغربي، خاصة المرتبطة باستهلاك المخدرات والسرقات باستعمال السلاح الأبيض والضرب والجرح، والتي غالبا ما تتراوح بين سنة وسنتين، لتكون العقوبة غير رادعة للمجرم ولا تحقق الغاية التي سنها من أجلها المشرع.أما رابع المعيقات، فهو حال السجون المغربية التي يمكن أن نقول عنها كل شيء إلا أنها فضاءات "إصلاح وتهذيب"، حسب ما يكتب على جدرانها، فالسجن تحول إلى فضاء لتكوين المجرمين، وفشل فشلا ذريعا في إصلاح حال كل من ولج بابه، ولعل الأرقام المرتبطة بحالات العود، والتي تتجاوز ستين في المائة، تؤكد فشل المقاربة المعتمدة داخل السجن، وتؤكد وجود خلل عميق في طريقة تدبير هذا المرفأ.آخر المعيقات التي تقف في وجه استتباب الأمن مرتبط بالمواطن، فالأخير ما زال لم يتخلص من إلصاق صفة "بركاك" بكل شخص تعامل مع رجال الأمن، ناسيا أو متناسيا أنه بدون تعاون بين المواطن ورجل الأمن لم يتحقق الهدف المنشود. هذه بعض المعيقات التي يجب الاشتغال عليها على المدى المتوسط والبعيد، حتى لا نجد أنفسنا مواطنين ورجال أمن متجاوزين من قبل المجرمين. الصديق بوكزول

اعتقال الآلاف لا يضمن استتباب الأمن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

معالجة الانحرافات لا تتحقق إلا عبر سياسات عمومية ناجعة

شرعنة التجاوزات باسم الحماية غير مقبول

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات