تحقيق الأمن في إطار الحفاظ على كرامة المواطن

استحسنت فعاليات مدينة بفاس، انفتاح القائمين على رأس مسؤولية جهاز الأمن بالمدينة بعد الهزة الأخيرة التي عرفها القطاع، على المجتمع المدني وإشراكه في هم البحث عن سبل كفيلة لاستتباب الأمن و"تذويب شعور الفاسيين باللاأمن" ، ووصفات ناجعة لإعادة تثبيت الثقة بين الجهاز والمواطنين وتجاوز علل ارتفاع معدل الجريمة واستئساد ذوي السوابق ومحاولاتهم اليائسة لفرض "قانونهم" الخاص على الأحياء بعاصمة العلم والثقافة التي ابتليت بظواهر مشينة تسيء إليها. ووجدت في اللقاءات المكثفة مع ممثلي الوداديات والجمعيات خاصة قبيل وبعد زيارة وزير الداخلية إلى المدينة، وإشراكها في تداول موضوع المقاربة الأمنية الناجعة، حلا مهما لتدارس الأسباب الكامنة وراء استفحال الجريمة بمختلف أنواعها وتلاوينها المتعددة بشكل لافت للانتباه ومثير للتخوف، والبحث عن حلول عملية حقيقية لإقبارها في حملات تمشيطية يتوخى الجميع أن تكون دائمة وغير موسمية مع ضمان احترامها لكرامة الإنسان وحقوقه. وأجمعت فعاليات حقوقية اتصلت بها جريدة "الصباح"، على عدم تسجيل حالات لخرق حقوق الإنسان خلال الحملات التي تكثفت وأتت أكلها بالنظر إلى رقم الموقوفين الذين بينهم نسب مهمة من المبحوث عنهم في قضايا وملفات مختلفة، خاصة ما يتعلق بحيازة أسلحة بيضاء في ظروف من شأنها المس بسلامة الأشخاص والضرب والجرح والدعارة والفساد والاتجار في الخمور والمخدرات، أكثر الملفات المعروضة على أنظار محاكم المدينة، منذ نحو أسبوعين. ونفى مصدر من جمعية حقوقية طالما نبهت إلى خطورة الوضع الأمني بالمدينة، توصلها بأي شكايات أو تظلمات تتعلق بتجاوز أو خرق حقوقي قد يكون شاب الحملة المتواصلة، لكن تحقيق الأمن بنظره، "يجب أن يكون في إطار الحفاظ على حقوق الإنسان وكرامة المواطن"، داعيا الجهات الأمنية إلى ضرورة حرصها على سلامة تدخلاتها من أي خرق، لأن الاشتباه في شخص لا يعني تورطه ولا يشرعن تعنيفه أو الإجهاز على حقوقه كمواطن. وعكس ذلك، تتحدث مصادر أخرى عن سوء فهم لموضوع "حقوق الإنسان"، مؤكدا أن ذلك واحد من الأسباب التي جعلت بعض المنحرفين "يستأسدون" ولو على حساب بعض أفراد الشرطة الذين لم يسلموا من اعتداءات جسدية تضطرهم أحيانا إلى استعمال السلاح الوظيفي لكبح فورة الغضب في المعتدين، مشيرة إلى أن للشرطي حق حماية نفسه لما يتعرض إلى الخطر، مستحضرة حالات عرفتها المدينة وأدى من خلالها رجال أمن، ثمن تضحيتهم من أجسادهم. وأبعد من ذلك ترى المصادر ذاتها أن من يجهز على حق الآخر في الحياة والسلامة البدنية والأمن والأمان، بسرقته أو إيذائه جسديا أو قتله، "لا يستحق الرأفة أو الشفقة"، في رواية لم يستسغها مصدر حقوقي قال إن "المجرم" إنسان ومن حقه التمتع بكل الحقوق المكفولة له بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان خاصة التي صادق عليها المغرب، محاولا تلمس الأعذار والأسباب الذاتية والموضوعية التي شرعت أعين بعض الشباب على الانحراف. ويؤكد أن سلامة المشتبه فيه البدنية واحترام الحقوق المكفولة خلال إيقافه واقتياده إلى مخفر الشرطة واستنطاقه وتقديمه، يجب أن تصان مهما يكن الموقوف، دون أن ينكر أن الأمن والأمان مطلب للجميع خاصة أمام ما يتم تداوله إعلاميا من حوادث مثيرة للتقزز والتخوف، ليس بدافع التشهير أو "ضرب اقتصاد المدينة"، بل بهدف الإخبار ولفت الانتباه لاستفحال ظواهر وحوادث تفقد مع مرور الوقت، ثقة المواطن في الأجهزة الموكول إليها حماية أمنه وطمأنينته.ولأجل ذلك يشير إلى أن إشراك المواطن وفعاليات المجتمع المدني بالمدينة، في الحوار المفتوح حول السبل الكفيلة لامتصاص "غضب" المواطن على تردي الوضع الأمني وتجاوز أسباب ذلك، أمر مهم لتقريب وجهات النظر حول الظاهرة الأمنية لأن الخلل بنظره ليس في الأشخاص الموكول إليه تدبيرها، بل في الظروف والوسائل اللوجستيكية المتوفرة التي لا ترقى إلى مستوى تغطية كل الأحياء بالعدد الكافي من رجال وسيارات الأمن. ويقترح إعادة استغلال الموارد البشرية و"احتياطها" خاصة أفراد التدخل السريع الذين يجب أن يجندوا في الحملات ويوزعوا على مختلف الفرق الأمنية، عوض تسخيرهم فقط في تدخلات منع الوقفات الاحتجاجية، مع توفير الحماية الضرورية لرجل الأمن لضمان حسن أدائه لمهمته بعيدا عن الخوف والتخوف الذي قد يدفعه إلى التهاون أو غض الطرف عند التدخل أو معاينته حادثا يستلزم ذلك حماية لسلامة الأشخاص بالشارع العام. ويبقى التواصل الدائم بين مسؤولي الأمن ومكونات المجتمع المدني والمواطنين، ضرورة طالما أن توفير الأمن والاستقرار، مسؤولية الجميع للحفاظ على السلم الاجتماعي وكبح وفرملة أي محاولة لاستعراض "الفتوة" بالأحياء، في ظل الاحترام التام لحقوق كل من يقر بواجباته تجاه المجتمع، التي منها احترامه للآخر وعدم إيذائه بالضرب أو السرقة أو غيرهما مما قد يضر به وبالمجتمع الساعي إلى تكوين مواطن له حقوق وواجبات. حميد الأبيض (فاس)

تحقيق الأمن في إطار الحفاظ على كرامة المواطن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تخوف من تعسفات ترتكب خلال الحملات الأمنية وانتهاك حقوق منحها الدستور والمواثيق الدولية للمواطن

معالجة الانحرافات لا تتحقق إلا عبر سياسات عمومية ناجعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات