خـونة وعمـلاء فـي خـدمة الاستعـمار

وفروا شروط التدخل الأجنبي عبر آليات الوساطة والتضليل ومواجهة الوطنيين تؤكد الوثائق التاريخية أن الاحتلال الفرنسي للمغرب لم يكن ممكنا، لولا اعتماد السلطات الاستعمارية على عملاء لعبوا دورا أساسيا في التمهيد لدخول المستعمر وتعبئة الطريق أمام فرض الحماية على المغرب سنة 1912. وحسب المصادر نفسها، فإن هؤلاء العملاء وُظفوا لتقديم صورة مغلوطة عن المستعمر باعتباره ليس قوة محتلة ، بل باعتباره "منقذا" و"مُصلحا"، فيقومون بتزيين عمله والتغطية على نواياه الحقيقية، من خلال تقديمه على أساس أنه يسعى إلى حماية المغرب من المخاطر والتهديدات والقيام بإصلاحات.المصادر نفسها تقول إن توظيف الأعيان وشيوخ الزوايا والمتنفذين في تجميل صورة المستعمر وتسهيل دخوله إلى البلد باسم الحماية، شكلت أحد الوسائل الأساسية التي اعتمدها المستعمر الفرنسي وحتى الإسباني، إلى جانب ارتكازه على القوة العسكرية، وبث التفرقة والنزاعات القبلية واللعب على وتر النزعة العرقية التي شكل الظهير البربري أحد تجلياتها الساطعة.وتؤكد المصادر ذاتها، أن فرنسا سخرت عددا من العملاء والخونة، لم تدرجهم الكتب التاريخية كلهم، بل ظلت أسماء العديد منهم غير معروفة، فيما تم التركيز " إعلاميا" ومرجعيا على أسماء محدودة مثل التهامي الكلاوي وعبد الحي الكتاني، على سبيل المثال لا الحصر. وقام هؤلاء العملاء والخونة بخدمة فرنسا و"شرعنة" الاحتلال. بعض هؤلاء الخونة تسلقوا المراتب في عهد الحماية إلى أن وصلوا إلى أعلى سلم هرم السلطة، كما هو الشأن بالنسبة إلى محمد بن عرفة، السلطان المزيف صنيع الاستعمار الفرنسي، الذي نصب من طرف الاحتلال على عرش المغرب خلال الفترة ما بين سنتي 1953 و 1955.بعض الخونة لم يتم التعرف عليهم إلا بعد حصول المغرب على الاستقلال، بعد مباشرة عملية المطاردة والمتابعة ضدهم ، من أمثال ابن البغدادي خليفة الباشا بفاس الذي تعرض للقتل في 19 نوفمبر1955 من طرف شخص. ولقي المصير نفسه بن العربي الفشتالي وهو قائد عميل الاستعمار، وعملاء آخرين. وتعرض الخونة والعملاء لهجمات الجماهير في عدة مدن، ومع تزايد أحداث الثأر منهم ، اضطر الملك المغفور له محمد الخامس إلى استعمال آلية العفو. وشكل الخونة دعامة أساسية لاستعمار المغرب، ففي 30 مارس 1912 تم التوقيع على معاهدة الحماية الفرنسية التي نصت على قيام الاستعمار الفرنسي بإصلاحات إدارية واقتصادية ومالية وعسكرية وقضائية وتعليمية، وتعيين المقيم العام الفرنسي، والسماح لفرنسا بالاحتلال العسكري للمغرب ، والحفاظ على سيادة السلطان والعقيدة الإسلامية. واتفقت فرنسا مع إسبانيا على إجراءات تنفيذ الحماية في منطقة الاحتلال الإسباني شمال المغرب ووضع طنجة تحت النفوذ الدولي. وعملت فرنسا بمساعدة القواد الكبار وزعماء الطرق الدينية، الكلاوي وعبد الحي الكتاني، على عزل السلطان محمد بن يوسف وتعيين أحد أفراد أسرته، محمد بن عرفة. وفي 20 غشت 1953 ليلة عيد الأضحى، تم نفي محمد الخامس وأسرته إلى جزيرة كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر. ولم يعترف المغاربة بالسلطان الجديد. وبدأت المرحلة الثانية من المقاومة المسلحة السرية، وتشكلت النواة الأولى لجيش التحرير. واستهدف المقاومون اغتيال ابن عرفة مرتين، كما استهدفوا اغتيال الباشا الكلاوي، إضافة إلى تخريب المنشآت الاستعمارية.جمال بورفيسي

خـونة وعمـلاء فـي خـدمة الاستعـمار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الكتاني ... شيخ بايع ابن عرفة

علماء مسلمون نشروا "دعوات" الاستعمار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات