تصادم أجيال

3 أسئلة * إلى عمر الإيبوركي < غالبا ما تتحكم متغيرة السن في تحديد المسؤوليات الإدارية، بحكم التجربة والخبرة التي يكتسبها المسؤول الإداري كلما تقدمت به السنون في مجال العمل. وتقتضي البيروقراطية الإدارية أن تسند المسؤوليات حسب الأقدمية في الشغل، وبالتالي للمسنين، مع استبعاد الطاقات الشابة حتى ولو كانت ذات كفاءة وتأهيل. وأعتقد أن هذه المعضلة ترجع بالأساس إلى طبيعة المجتمع الباطرياركي الذي يسند سلطة السيطرة إلى من هو أكبر سنا، فالرئيس غالبا ما يكون كبيرا وحكيما يحسن التدبير. إضافة إلى ذلك، فالإدارة على مستوى المؤسسات، تضع عامل السن ومدة الاشتغال ضمن المعايير التي يتم اعتمادها للترقية المهنية، أكثر ما يعتمد مستوى التحصيل العلمي والتأهيل المهني. فكلما ولج شاب إلى الشغل في مجال من المجالات الإدارية، خاصة في مجال الوظيفة العمومية، فإنه يكون مجبرا على الاشتغال تحت إمرة من هو أكبر منه سنا، ومن قضى أطول مدة في دواليب الإدارة. < إذا كان كبار السن قد أفنوا زهرة عمرهم في الإدارة، فإنهم يتشبثون بالمسؤولية، ويمكن فهم هذه الطبيعة في أن الجيل الماضي يتمسك بالسلطة والمسؤولية، ويعتبر نفسه الأحق، لأنه صاحب التجربة والخبرة، ويدخل ذلك في ما يسمى صراع الأجيال، الذي نلمسه على مستوى كل المؤسسات الاجتماعية والإدارية. فكل جيل يسعى إلى إثبات ذاته و إبراز قدراته بأنه أهل للرئاسة. وكل جيل سواء من كبار السن أو الشباب، يحاول استبعاد الجيل المنافس على أساس أن كلا منهما يحتكر المعرفة والدراية في مجال التدبير والتسيير. فكل جيل بما لديه من خبرة أو كفاءة، ينافس ويستبعد الجيل الآخر، بل يسعى إلى إخضاعه والتحكم في مصيره المهني. وقد يبدو هذا الصراع جليا، سيما إذا كانت المؤسسات الإدارية أو الإنتاجية عبارة عن مقاولات عائلية، إذ يكون الرئيس هو رب العائلة وصاحب المشروع، وكل من يشتغل في مقاولته سيكون تحت سلطته، حتى ولو كان إطارا عاليا تعتمد عليه المؤسسة الإنتاجية. إن صراع الأجيال هو المحدد لهذا الاحتكار الوظيفي، رغم أن الشباب يمتلك كل المؤهلات المهنية لتحمل المسؤوليات، خاصة أن تقسيم العمل في المجتمعات المتقدمة يروم الإنتاجية والعقلنة والتنظيم الإداري المحكم، وعليه يتم توجيه القدرات والموارد البشرية حسب التخصصات والإنتاجية. < أظن أن طبيعة المسؤولية الإدارية قد عرفت تغيرات جذرية ارتباطا بالتطور التكنولوجي والآلي، الذي أصبح يحدد طبيعة الموارد البشرية المرغوب فيها، بصرف النظر عن السن ومدة الاشتغال. ما نعرفه اليوم أن المجتمعات عرفت طفرة تشبيب كبيرة بحكم أن الأجيال الحالية لها تكوين يختلف عن تكوين الأجيال السابقة، لذلك بدأ الشباب يتصدر المسؤوليات داخل المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية لمسايرة هذه التحولات. وبعد تبني مفهوم الحكامة الذي يقتضي تكافؤ الفرص، والكفاءة على مستوى التأهيل، والمراقبة، والتقييم من أجل تدبير جيد، هنا تراجع معيار السن والخبرة ليترك المكان للتأهيل المهني والعلمي والكفاءة في التسيير والتدبير. إن مرحلة الانتقال هاته تفرض نوعا من التصادم بين الأجيال، لكنها تفرض تشبيب المؤسسات الإدارية والاقتصادية لمسايرة الركب الحضاري بما يطبعه من معرفة وتكنولوجيا زحزحت أركان المجتمعات التقليدية، التي ما تزال في حيرة أمام العصرنة والحداثة، متمسكة بمعايير عتيقة. أجرت الحوار: إيمان رضيف * أستاذ علم الاجتماع

تصادم أجيال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تعرضات كيدية لابتزاز مالكي عقارات

القادري يترأس بيت الشعر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات