السعيدي : المولى إسماعيل أوقف “الدور” خوفا من نفوذ الرجراجيين

المؤرخ محمد السعيدي الرجراجي قال إن المواسم تنطوي على أبعاد صوفية كيف تفسر استمرار المواسم الربيعية لرجراجة طيلة قرون، وما هي الخصائص التي تميزها عن بقية المواسم الدينية بالمغرب؟ بداية أود أن أوضح أن هذه المواسم تعتمد بالأساس على الطواف بمواضع كثيرة تمثل أضرحة وزوايا لها رمزيتها في تاريخ رجراجة، وهذا الطواف له صلة بالزيارات التي كان يقوم بها أسلاف الرجراجيين في ما بينهم بهدف تجديد الصلات بينهم وإعادة إحياء العقيدة الإسلامية في أوساط القبائل التي ينتمون إليها ويعود إليهم شرف نشر هذه العقيدة بينهم ، وكانت لهم بطولات جهادية في الذود عن الإسلام ضد البورغواطيين، أو تحرير منطقة الشياظمة والمناطق المجاورة لها من غزو البرتغاليين خلال العصر الوسيط. كما أن أقطاب الراجراجيين كانوا متصوفين تصوفا سنيا يوازن ما بين العبادة والجهاد، وعلماؤهم كانوا يضطلعون بأدوار تأطيرية للجماهير لتعبأتها للجهاد من أجل طرد المحتل لحظة يقتضي الأمر ذلك. ألم يحدث تاريخيا أن توقفت هذه المواسم ولو مؤقتا؟ بلى، فقد كانت هناك ثلاث محطات تاريخية، اضطرت معها مواسم الرجراجيين إلى التوقف مؤقتا، المحطة الأولى كانت في عهد الموحدين، فبحكم أن هؤلاء كانوا شيعة فاطميين، فقد اصطدموا بالرجراجيين في معارك، منها واحدة هاجم فيها عبد المومن بن علي قبائل رجراجة وقتل منهم الآلاف كما تورد ذلك بعض المصادر التاريخية. أما المحطة الثانية فكانت في عهد السلطان المولى إسماعيل الذي بالقدر الذي كان يريد توحيد البلاد وبسط نفوذ الدولة على مناطق الجنوب التي كانت زاخرة بالرباطات والزوايا وما تشكله من قوى موازية لقوة الدولة، بالقدر الذي انزعج من المكانة التي تحظى بها هذه الزوايا في تلك المناطق، فكان أول إجراء سعى به إلى كسر شوكة الرجراجيين حتى يضمن عدم ثورتهم، هو التحقق من مسألة "صحبة سادات الرجراجيين" فسأل علماء فاس لهذا الغرض فأجابوه بأن لا صحبة لهم.ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تجاوزه إلى تكليف كل من الشيخ عبد القادر الفاسي والشيخ الحسن اليوسي بتحويل مزارات أولئك السادات إلى مراكش، ومن هنا جاءت فكرة سبعة رجال الذين اشتهرت بهم المدينة الحمراء. ولم تنكسر شوكة الرجراجيين بهذا الإجراء، بل أعاد السلطان نظره في هذا الموقف بعد أن اتصل به أحد علماء رجراجة ويتعلق الأمر بالشيخ الصوفي محمد بن احميدة الذي زار المولى اسماعيل في مدينة مكناس وأقنعه بصحبة اولئك السادة وسلامة هوية أحفادهم. ويظهر هذا الاقتناع السلطاني من خلال الظهائر السلطانية التي بدأت تتواتر منذ ذلك العهد حتى زماننا هذا، والتي تكشف عن التقدير الخاص الذي يكنه ملوك الدولة العلوية للرجراجيين وزواياهم ومواسمهم.ثم هناك محطة ثالثة في عهد الراحل محمد الخامس خاصة خلال الفترة التي نُفي فيها، إذ وقعت أحداث خلال "الدور" جعلته يتوقف إلى حين عودة الملك وحصول المغرب على الاستقلال. وماذا عن طقس الخيمة ومركزيتها في مواسم رجراجة؟ أولا طقس الخيمة لم يظهر في "الدور" إلا خلال القرون الأخيرة (حوالي ثلاثمائة سنة)، وكان أول من أهدى الرجراجيين خيمة، هم الشرفاء السباعيون، وفيها إحالة على مرجعية الصحراوية لهؤلاء، لكن الرجراجيين أضفوا عليها طابعهم الخاص، وأضحت رمزا للضيافة ومكانا تستقبل فيه الزيارات وتتلى فيه الأدعية.

السعيدي : المولى إسماعيل أوقف “الدور” خوفا من نفوذ الرجراجيين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"دور 44"... الرجراجيون وبدايات الإسلام

31 طالبا أمام ابتدائية فاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات